النسخة الكاملة

شخصيات تقترح التواصل مع المستثمرين الذين هاجروا الوطن مع اموالهم حول اسباب رحيلهم من الاردن؟

الخميس-2022-07-26 11:43 am
جفرا نيوز -
جفرا  نيوز - لا أحد حتى الآن على الأقل، وسط حوار الطرشان السياسي والتشريعي الذي يحاول إنتاج بيئة استثمارية إيجابية في الأردن، يقدم ولو إجابة مفترضة على السؤال التالي: لماذا لا توجه السلطة أو الحكومة أو البرلمان خطابها لشريحتين من المستثمرين، وتسأل الأردني بينهم.. لماذا غادرت ونقلت استثمارك لدول أخرى بعضها بعيد وبعضها في الجوار؟
ثم تسأل غير الأردني: ما الذي ينقصك، وما الذي تريده حتى نوفر لك تسهيلات جاذبة لاستقرار استثمارك؟


سؤالان يتجنبهما المتناقشون الآن بوضوح وسط حالة العصف الذهني التي باغتت الجميع تحت عنوان الانتهاء بأي شكل أو ثمن من قانون البيئة الاستثمارية الجديد، حيث يوجد في الهيكل الإداري للحكومة وزير استثمار لكن لا يوجد وزارة، وحيث توجد هيئة وظيفتها جذب الاستثمار وتشجيعه.

التوافق حاصل على أنها بيروقراطياً تطرد الاستثمار وتسهم في تعقيد حياته ومعيشته، فيما دوائر أخرى في المملكة مثل دائرة الجمارك أو دائرة الضريبة أو المجالس البلدية لا تعمل في نفس منسوب الإيقاع، لا بل تتصرف بيروقراطياً عكسه أحياناً، كما يلاحظ الخبير الاقتصادي والمستثمر الذي عانى الكثير ياسر الحنتولي، وهو يتحدث بالتفصيل مع «  عن السالب والموجب في مسألة الفارق بين التصريحات العلنية الطيبة الإيجابية والممارسات الإدارية التي تعاكسها فوراً.

مبكراً، تقترح شخصية خبيرة مثل رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، جمع البينات والمعلومات وتوجيه أسئلة محددة لمن يرغب بالاستثمار في الأردن عن مشكلاته والإعاقات التي يواجهها، ثم الاستفسار من الذين هاجروا أو غادروا باستثماراتهم إلى دول في الجوار، حيث إن جمع البينات والإصغاء لمعنيين مباشرة هنا يسهم -في رأي الحاج توفيق- في خريطة طريق مفيدة لمن يشرع ولمن يقرر.

حكومة الأردن مع مجلس النواب الآن منشغلان بقانون البيئة الاستثمارية الجديد، وعلى المحك عاصفة ملاحظات ورسائل واعتراضات ومقترحات.

وعليه أيضاً، تعابير بقيت غامضة سواء عندما يتعلق الأمر بحالة تمييز بين مستثمر كبير أو متوسط أو صغير، أو عندما يتعلق بما سمي بلجنة منح الحوافز والإعفاءات.



سجال عنيف

السجال عنيف في المشهد الأردني بعنوان أقصر الطرق إلى الاستثمار، ليس لأن المسألة تختص اليوم فقط بجزيئات تشجيع وجذب الاستثمار، لكنها من سوء حظ الحكومة والبرلمان مرتبطة وبعمق مجدداً بسؤال مصداقية الدولة والخطابات، حيث وثيقة التمكين الاقتصادي تحدثت عن توفير مليون وظيفة للأردنيين خلال السنوات العشر المقبلة.

وهدف من هذا النوع، يقر أمام «القدس العربي» رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان الدكتور خير أبو صعليك، وأيضاً معه وزير المالية الدكتور محمد العسعس، بأن طريقة الوصول إليه الوحيدة هي إنتاج وظائف بالقطاع الخاص، وهي خطوة غير ممكنة دون جذب استثمارات جديدة من النوع الثقيل وتمكين استثمارات الأردنيين في أرضهم.

 لا أحد في التفاصيل، خصوصاً بعد جولة الملاكمة البرلمانية الأولى التي ناقشت قانون البيئة الاستثمارية، يحاول التأكيد على جذر القضية؛ فالنقاش حول البيئة الاستثمارية بالمعنى البيروقراطي.

لكن المستثمر الفصيح المتمكن لا يقف فقط عند حدود توفير تسهيلات وإعفاءات وتراخيص له، بل يفكر بعمق في جوهر المسألة السياسية ويبحث عن دولة قانون ومؤسسات وقضاء مستقل وإعلام غير مبتز، مهني، وبالتأكيد يبحث عن انفتاح سياسي ويقيسه، كما يبحث عن أرباح -على حد تعبير الدكتور ممدوح العبادي- وعن مؤسسة برلمانية وتشريعية «لا تبتز» وخالية من «الهندسة»، والتداخل فيها ليس «شخصانياً».



المستثمر من الفئة الثقيلة

بمعنى آخر وأخير، المستثمر من الفئة الثقيلة على الأقل يريد «دولة متكاملة» في البيئة الاستثمارية وليس مجرد تسهيلات ولوجستيات، وهو أمر خالفته بوضوح وبصورة تعيد تكديس القلق العام جولة النقاشات الأولى بين النواب، والتي تركت جوهر المسألة والتشريع، وانصرفت مجدداً لتسجيل مواقف أو لتمرير خطابات شعبوية وغرائزية ورسائل شخصانية لا معنى لها وبعيدة عن الموضوع، في الوقت الذي انشغلت فيه أيضاً بقصف أكثر الوزراء وضوحاً في الحكومة، حتى لا نقول نجاحاً في ملفه، والمقصود طبعاً وزير المالية محمد العسعس، الذي هوجم بغلاظة بسبب معاملات شخصية لأقرباء نواب رفض المجاملة فيها على حساب القانون.

أحد النواب القدامى سأل تحت القبة عمن حضروا للمملكة ببنطال جينز ثم غادروها بالملايين، نائب آخر كاد يقسم بالله أمام ميكروفون التشريع بأن وزير المالية طارد للاستثمار، بينما سلامة ونظافة البرامج الضرائبية والالتزام القانوني فيها من أهم عناصر جذب الاستثمار الحقيقي، قبل أن يتبين لاحقاً بأن المسألة شخصية، نائب ثالث تحدث عما فعله وزير مالية قبل 17 عاماً، ورابع تحدث عن تشريع يلزم الوزير ويمنعه من العمل في القطاع الخاص لثلاث سنوات بعد مغادرته موقعه الوظيفي.

تلك نماذج من نقاشات النواب بقانون البيئة الاستثمارية، تقول بوضوح وعلنية بأن ما يفكر به أعضاء السلطة التشريعية بعيد عن جوهر المسألة المطروحة. 

وهو وضع مرتبك في لعبة التشريع، ينتج مجدداً عن فعاليات الهندسة الشهيرة، فأي مستثمر أجنبي أو أردني يملك الحد الأدنى من الفصاحة سيشعر ببعض الارتياب عندما يرصد نقاشات تشريعية نتجت عن انتخابات مشكوك بنزاهتها أصلاً، مما يعني أن الأمر عندما يتعلق بالاستثمار أو بالإدارة العامة أو بغيرهما، من الصعب تجاوزه قبل طرح الأسئلة المرجعية الكبيرة والأساسية، على حد تعبير النائب عمر العياصرة. 

وهي في كل الأحوال الأسئلة المسكوت عنها نفسها. مجدداً، مجلس النواب يغرد خارج السرب ويغرق بعض الأعضاء فيه بحساباتهم الشخصانية.

وقبل ذلك، ولد مشروع البيئة الاستثمارية أصلاً ولادة عسيرة، لأن ارتباك الطاقم الوزاري لا يقل من حيث النتائج السلبية وكثرة المراجعات والتعديلات عن ارتباك نواب التشريع، فيما بقي الأمل فقط بتلك الحوارات التي وعد رئيس اللجنة المختصة أبو صعليك بأن تكون وطنية وأفقية بعدما تسلمت لجنته القانون الجديد، وبعدما استمعت الحكومة خلف الكواليس، وقبل تحويل المشروع إليه وإلى غيره؛ بمعنى أنه كان في عملية الطبخ قبل رصد مهرجان الخطابات في القراءة الأولى التشريعية.

في الخلاصة، ما يقوله المختصون والخبراء، أن على الدولة في كل حال قبل التفكير بنصوص قانون البيئة الاستثمارية، محاولة الإجابة أو توفير إجابة ما على السؤال السياسي والأسئلة المرجعية المسكوت عنها.
القدس  العربي