جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الاحتباس الحراري لم يعد مشكلة مستقبلية، بل إنه واقع وعواقبه تزداد سوءا، واستجابة لذلك وعدت الدول بتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الوقود الأحفوري، خاصة ثاني أكسيد الكربون.
ويقول الكاتب مارك بوكانان -في مقاله الذي نشره موقع "بلومبيرغ" (Bloomberg) الأميركي- إن درجات الحرارة في فرنسا وصلت هذا الأسبوع إلى 108 درجات فهرنهايت (42.2 درجة مئوية)، أي حوالي 36 درجة فهرنهايت فوق المتوسط الموسمي، وبلغت في لندن 104 درجات (40 درجة مئوية)، محطمة الرقم القياسي المسجل عام 2019، وفي الوقت نفسه، اشتعلت حرائق الغابات الشديدة في جميع أنحاء فرنسا وإسبانيا والبرتغال واليونان وتركيا وعشرات الولايات الأميركية.
وأورد الكاتب أنه بعد اتفاقية باريس عام 2015، وعدت الولايات المتحدة بخفض الانبعاثات بنسبة 50% من مستويات عام 2005 بحلول عام 2030، وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، كما قدمت العديد من الدول الأخرى وعودا مماثلة أو أكثر طموحا.
وأوضح أنه نتيجة لذلك كان ينبغي على الأسواق المالية أن تبدأ في تخفيض قيمة أصول الوقود الأحفوري "العالقة" -وهي احتياطات النفط والفحم التي لا يمكن حرقها ببساطة- إذا أردنا أن يكون لدينا مستقبل ملائم للعيش، مضيفا أن دراسة حديثة نُشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج" (Nature Climate Change) -وهي مجلة علمية شهرية- وجدت أن القيمة الحالية للأصول العالقة للنفط والغاز لا تزال تتجاوز تريليون دولار، وهي مملوكة بشكل أساسي من قبل مستثمرين من القطاع الخاص في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتبلغ قيمة الأصول التي تحتفظ بها المؤسسات المالية البارزة ضعف قيمة التعرض للمخاطر التي أدت إلى الانهيار المصرفي والأزمة المالية عام 2007-2008.
وتساءل الكاتب عن حقيقة الذي يحدث، مبينا أنه يبدو كأن الأسواق ليست فعالة للغاية، وأن المستثمرين يتجاهلون حتى الآن الصدمة المروعة التي سيشهدونها في وقت ما في المستقبل، مضيفا أنه ربما لا يعتقد المستثمرون أن الحكومات سوف تتصرف وفقا لتعهداتها المتعلقة بالمناخ، ومن الذي يمكن أن يلومهم حقا؟ ورغم الكلمات الرائعة التي لا تعد ولا تحصى، فلا تزال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم ترتفع بلا توقف.
وذكر الكاتب أن هناك أيضا احتمالا ثالثا، يتضح من الانهيار الدراماتيكي الأخير للتشريعات المناخية في مجلس الشيوخ الأميركي؛ حيث قام السيناتور الديمقراطي جو مانشين -الذي استثمر بشكل كبير في عمليات الفحم- بقلب التوازن ضد سياسة مناخية أقوى، وبالطبع انضم إليه أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون الـ50، وأشار إلى أنه قد تكون شركات الوقود الأحفوري ومستثمروها -خاصة بعض المجموعات القوية ذات التأثير الواسع النطاق- يأملون في التأثير على المستقبل من خلال الحفاظ على تضخم تقييمات الوقود الأحفوري، مضيفا أنه ربما يعتقدون أن الثقة المستمرة في أصول الوقود الأحفوري قد تكون كافية للتأثير على الأسواق، وتشجيع المزيد من الاستثمار، وإقناع الجمهور في نهاية المطاف بتوقع استمرار استخدام الوقود الأحفوري.
ويقول الكاتب إنه بالفعل أمر مزعج؛ ولكن هذه الفكرة منطقية أكثر مما قد يعتقده المرء في البداية، حيث تخلق التقييمات العالية توقعات يمكن أن تتحقق بسهولة، مما يسمح للحكومات بالابتعاد عن فعل أي شيء أو بشكل عام اتباع مسار العمل الأقل إيلاما للقادة السياسيين، حيث يمكن إقناع السياسيين بأن انخفاض الطلب على الوقود الأحفوري سيؤدي إلى خسارة الانتخابات أو الاضطرابات الاجتماعية.
وأشار الكاتب إلى أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يرون في الوقود الأحفوري استثمارا كبيرا، زاد دعم مخزون الوقود الأحفوري، وزاد عدد شركات الوقود الأحفوري التي ستستثمر في الأصول الحقيقية، وعندها سيكون من الصعب على الحكومات التراجع، لأن المزيد من الأموال ورؤوس الأموال سيكون على المحك.
ونبّه الكاتب إلى أن الأسوأ من ذلك هو أن عددا أقل من الناس قد استثمروا في بدائل الطاقة، مثل مصادر الطاقة المتجددة، والتي ستجذب بعد ذلك الدعم من لوبي أضعف، والنتيجة النهائية هي أن نواصل جميعا استخدام الوقود الأحفوري بمعدلات غير متوافقة مع تخفيف آثار تغير المناخ بغض النظر عن العواقب الوخيمة المتزايدة.
واختتم الكاتب بالقول إن إظهار الثقة بالوقود الأحفوري الآن يمكن أن يجعل الابتعاد عنه يبدو أسوأ بالنسبة للحكومات من التمسك به، ذاكرا ما قاله سيمينيوك "ما هو متوقع اليوم ويحدث بناء على توقعات اليوم، قد يؤثر على ما هو ممكن في المستقبل"، مشيرا إلى أن المفتاح هو جعل تحالف الفائزين من تغير المناخ قويا للغاية، بحيث تبدو الأصول العالقة كأنها تكلفة مجتمعية مقبولة، مما يؤثر في الغالب على عدد قليل من المتقاعسين الذين يعيدون تنظيم توقعاتهم في وقت متأخر عن غيرهم.