جفرا نيوز -
جفرا نيوز - قال مكتب رئيس وزراء سريلانكا رانيل ويكريميسنجه أمس إنه مستعد للاستقالة لإفساح المجال لتشكيل حكومة تضم جميع الأحزاب بعد أن اقتحم آلاف المتظاهرين مقر إقامة الرئيس في كولومبو.
وبحسب "رويترز"، لم يتمكن أفراد الجيش والشرطة من التصدي لحشود المحتجين، الذين رددوا شعارات تطالب الرئيس جوتابايا راجاباكسا بالتنحي في ذروة غضب شعبي متصاعد إزاء أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ سبعة عقود.
وترزح الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة تحت وطأة نقص حاد في النقد الأجنبي أدى إلى تقليص الواردات الأساسية مثل الوقود والغذاء والدواء، ما دفع البلاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها في 1948.
ووصل التضخم إلى مستوى قياسي بلغ 54.6 في المائة في حزيران (يونيو) ومن المتوقع أن يصل إلى 70 في المائة في الأشهر المقبلة، ما تسبب في تفاقم معاناة المواطنين.
تأتي الأزمة بعد أن ألحقت جائحة كوفيد - 19 أضرارا بالغة بالاقتصاد المعتمد بشدة على السياحة، وقللت من تحويلات العاملين في الخارج، وذلك بالتزامن مع تراكم ديون حكومية ضخمة وارتفاع أسعار النفط وفرض حظر على استيراد الأسمدة الكيماوية العام الماضي، وهو ما تسبب في الإضرار بقطاع الزراعة.
ومع ذلك، يلقي كثيرون باللوم في الأزمة على الرئيس، وتطالب احتجاجات منذ آذار (مارس) اتسمت بالسلمية إلى حد بعيد باستقالته.
وشق المتظاهرون طريقهم عبر البوابات المعدنية لوزارة المالية ومقر أمانة الرئاسة المطلين على البحر.
وقال مصدران في وزارة الدفاع إن الرئيس راجاباكسا نقل من المقر الرسمي الجمعة حفاظا على سلامته قبيل الاحتجاج.
وأجرى ويكريميسنجه محادثات مع عديد من قادة الأحزاب السياسية لتحديد الخطوات، التي يجب اتخاذها في أعقاب الاضطرابات.
وقال مكتبه في بيان إن "ويكريميسنجه أبلغ قادة الأحزاب بأنه مستعد للاستقالة من منصب رئيس الوزراء وإفساح المجال أمام حكومة تضم جميع الأحزاب لتولي السلطة".
وقال مصدر بالحكومة لـ"رويترز" إن ويكريميسنجه نقل أيضا إلى مكان آمن.
في غضون ذلك، دعا زعماء عديد من أحزاب المعارضة الرئيس راجاباكسا إلى التنحي.
وقال زعيم حزب حرية سريلانكا والرئيس السابق مايتريبالا سيريسينا قبل أن يعرض ويكريميسنجه تقديم استقالته "يتعين على الرئيس ورئيس الوزراء الاستقالة على الفور. إذا لم يحدث ذلك، فستتفاقم الاضطرابات السياسية".
وأظهر بث مباشر على فيسبوك من داخل منزل الرئيس مئات المحتجين، الذين لف بعضهم الأعلام حول جسده، وهم يحتشدون في الغرف والممرات ويرددون شعارات مناهضة لراجاباكسا.
كما أظهرت مقاطع فيديو بعض المتظاهرين يسبحون في حوض السباحة داخل منزل الرئيس، بينما جلس آخرون على فراش ذي أربعة قوائم وآرائك. وشوهد البعض يفرغ خزانة ذات أدراج في مقاطع انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تجول المئات في الأراضي المحيطة في المقر، الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية. ولم تتسن رؤية أي مسؤول أمني.
وقالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن 39 شخصا، بينهم شرطيان، أصيبوا خلال الاحتجاجات المستمرة ونقلوا إلى المستشفيات.
وقبل اقتحام المباني الحكومية أمس، عمل المتظاهرون على تفكيك عدة حواجز للشرطة في المنطقة الحكومية في كولومبو.
وقال شاهد إن الشرطة أطلقت أعيرة نارية في الهواء، لكنها لم تتمكن من منع الحشد الغاضب من محاصرة المقر الرئاسي.
وعلى الرغم من النقص الحاد في الوقود الذي تسبب في تعطل خدمات النقل في أنحاء البلاد، تكدس المتظاهرون في حافلات وقطارات وشاحنات من مختلف المناطق سعيا للوصول إلى كولومبو للاحتجاج على فشل الحكومة في حمايتهم من الانهيار الاقتصادي.
وتفاقم الاستياء في الأسابيع الأخيرة بعد أن توقفت شحنات الوقود عن الوصول إلى الدولة التي تعاني ضائقة مالية، ما أدى إلى إغلاق المدارس وتقليل كميات البنزين والديزل المخصصة للخدمات الأساسية.
واستقل سامباث بيريرا، وهو صياد يبلغ من العمر 37 عاما، حافلة مكتظة من بلدة نيجومبو الساحلية التي تبعد 45 كيلو مترا إلى الشمال من كولومبو للانضمام إلى الاحتجاج.
وقال بيريرا، مشيرا إلى الرئيس جوتابايا "طلبنا من جوتا مرارا الرحيل والعودة إلى منزله، لكنه لا يزال متمسكا بالسلطة. لن نتوقف حتى يستمع إلينا".
وكان آلاف الأشخاص قد انتشروا في محيط مقر إقامة الرئيس للمطالبة باستقالته متهمين الحكومة بسوء إدارة أزمة خانقة مستمرة منذ أشهر.
والقصر، الذي يعود بناؤه إلى حقبة الاستعمار، من أهم رموز السلطة في سريلانكا، وقال المسؤولون إن مغادرة راجابكسا تثير شكوكا بشأن رغبته في البقاء في المنصب.
وقال موظف حكومي كبير لـ"الفرنسية"، "نحن بانتظار التعليمات". وأضاف "لا زلنا نجهل مكان وجوده لكننا نعرف أنه مع البحرية السريلانكية وهو بأمان".
وبثت محطات خاصة ما يبدو أنه موكب سيارات تابع للرئيس في مطار سريلانكا الدولي، لكن لم يرد تأكيد حول ما إذا كان قد غادر الجزيرة.
وبعد وقت قصير على اقتحام حشود الناس للقصر الرئاسي، سيطر متظاهرون على مكاتب قريبة للرئيس.
وحاولت قوات الأمن تفريق الحشود الكبيرة، التي نزلت على المنطقة التي تضم مكاتب إدارية.
ودعا رئيس الوزراء السريلانكي رانيل ويكريميسينغه، الذي سيخلف راجابكسا في حال استقالته، إلى اجتماع حكومي عاجل لمناقشة "حل سريع" لفراغ محتمل في السلطة، بحسب مكتبه.
وتعاني سريلانكا منذ أشهر نقص المواد الغذائية والوقود وانقطاع الكهرباء وتضخما متسارعا، بعد نفاد العملات الأجنبية الضرورية لاستيراد سلع حيوية.
وتوافدت حشود كبيرة إلى العاصمة للمشاركة في تظاهرة أمس، في مشهد جديد للاضطرابات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية.
وألغت الشرطة أمرا بحظر التجول صدر الجمعة، بعد أن هددت أحزاب المعارضة ونشطاء يمينيون ونقابة المحامين بملاحقة قائد الشرطة قضائيا.
وتجاهل آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة أمر منع التجول، بل أجبروا سلطات سكك الحديد على تشغيل القطارات لنقلهم إلى كولومبو للانضمام لتظاهرة السبت، وفق مسؤولين.
وقال المسؤول في وزارة الدفاع إن "حظر التجول لم يكن عائقا، في الحقيقة شجع مزيدا من الناس على النزول إلى الشارع في تحد للقرار". وأضاف "تولى ركاب قيادة قطارات للقدوم إلى كولومبو".
واستنفدت سريلانكا كامل إمدادات البنزين تقريبا، لكن المتظاهرين المدعومين من الأحزاب استأجروا حافلات خاصة للتوجه إلى العاصمة.
تخلفت سريلانكا عن سداد دينها الخارجي البالغ 51 مليار دولار، وتجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن صفقة إنقاذ.
من جهته، قال رئيس البرلمان في سريلانكا أمس إن الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسه يعتزم التنحي عن الرئاسة في 13 تموز (يوليو)، وذلك بعد ساعات من اقتحام متظاهرين مبنى الرئاسة احتجاجا على الأزمة المالية.
وذكر رئيس مجلس النواب ماهيندا يابا آبيواردينا في بيان مصور إن راجاباكسه أبلغه بأنه سيتنحى عن منصبه الأربعاء.
وأضاف آبيواردينا "اتخذ (الرئيس) قرار التنحي في 13 تموز (يوليو) لضمان تسليم سلمي للسلطة .. لذلك أطلب من الناس احترام القانون والحفاظ على السلام".