المعاني: تقسيم الطلبة في السنة التحضيرية سيكون عشوائياً
الطويسي: السنة التحضيرية ضرورة كبيرة
خبراء: ليست أولوية وستؤدي لمشاكل بالغنى عنها
جفرا نيوز - تقرير موسى العجارمة
ما تزال فكرة العودة إلى مقترح السنة التحضيرية في طور الدراسة وسط آراءٍ نقيضةٍ من نوعها باتت تستوطن طاولة النقاش في وزارة التعليم العالي ما بين المؤيد والمعارض في خضم جملة من التساؤلات حول آلية التطبيق والتنفيذ، لضمان تحقيق العدالة بين كافة الأطياف، في خضم وجهات نظر أكاديمية تعتقد بأن هذا التوجه يعد بمثابة حلم وردي، لأن مسألة تحقيقه على أرض الواقع ستكون على شكل كابوس يقلق الرأي العام؛ لطالما هناك تنافر كبير وحالة غير متناغمة عندما ينفذ هكذا توجه في ظل البيئة التعليمية الموجودة اليوم.
وفي المقابل، يرى العديد من الخبراء الأكاديميين والأساتذة الجامعيين بأن الحكم على مخرجات السنة التحضيرية سابق لآونة، ولاسيما بأن أرقى الجامعات العالمية تطبق هذا المبدأ بكل سلاسة وحياد، إلا أن هناك هاجساً كبيراً يراود الكثيرون دون أية أسبابٍ مقعنةٍ، لافتين إلى أن هناك أهمية لتطبيق مخرجات الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية من أجل إحداث التغيير في القطاع التعليمي، والسنة التحضيرية خير نموذج.
*كيف سيتم وضع الرسوم وماذا عن تقارب المعدلات وتشابه الرغبات
بينما يتساءل العديد من وزراء التعليم العالي والخبراء الأكاديميين والمسؤولين السابقين عن الغاية المرجوة من السنة التحضيرية وكيفية وضع الرسوم التي سيدفعها الطالب على السنة التحضيرية مما سيرتب أعباءً ومصاريفاً إضافية في ظل الظروف الصعبة، بجانب معرفة إمكانية المواءمة بين الطلبة القادمين من الخارج وحول إمكانية قبولهم على نهج السنة التحضيرية، لأنه لو كانت الجودة هي أبرز الأولويات فهذا يتطلب عدم التفرقة بين طلبة الداخل والخارج.
ويعتبرون بأن معدلات السنة التحضيرية ستكون متقاربة، وهذا يترك تساؤلاً حول مصير الطالب الذي حصل على معدل 96 والطالب الآخر الذي نال معدل 95 لأن الدرجات النهائية متقاربة للغاية، وليس هناك أية عمليات فلترة بالمعدلات، وهذا من شأنه سيخلق مشاكل اجتماعية بين الطلبة والجامعات وأعضاء الهيئة التدريسية وتخبطاً كبيراً بالغنى عنه، وناهيك عن تشابه القدرات والرغبات بين الطلبة الذين ينوون دراسة الطب مما سيخلق حدية كبيرة.
ويختتم الخبراء حديثهم لـ"جفرا نيوز" بأن الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ليس ثوابت وبالإمكان إحداث التغييرات عليها أولاً بأول، وخاصة بأن ما يطبق بالخارج ليس بالضرورة أن يتوافق ويتناغم مع طبيعة وتركيبة الجامعات الأردنية.
*المعاني: تقسيم الطلبة سيكون عشوائياً
وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأسبق د. وليد المعاني يقول إن مجلس التعليم العالي قرر في عهده عندما كان وزيراً بأن تكون السنة التحضيرية لكل تخصص جامعي بمثابة السنة الدراسية الأولى لكل تخصص ولا مانع من تسميتها بالسنة التحضيرية، إلا أن خيار خلط الطلبة ذوات الخلفيات المختلفة مع بعضهم البعض لدراسة تخصصات متنوعة، لا يجوز تطبيقه بتاتاً؛ لكون عملية تقسيمهم ستكون بشكل عبثي وعشوائي، ولذلك قام بإلغاء السنة التحضيرية بالشكل المطروح عندما كان وزيراً للتعليم العالي آنذاك.
ويشدد المعاني أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز"، على ضرورة عدم دمج الطلبة الذي جاؤوا من خلفيات مختلفة من أجل اختيار التخصص؛ لطالما المعدل المرتفع ليس كافياً لوضعهم على هذه الشاكلة، لأن اللغة التي سيمتحنون فيها غير معتادين عليها بحكم المدرسة والمنطقة التي تخرجوا منها، لافتاً إلى أن الطالب الذي لا يتقن اللغة الإنجليزية لن يحصل على العلامة الكاملة، وهذا سيدفع به لاختيار كلية أخرى أو يضطر به الأمر للدراسة في الخارج.
ويشير إلى أن امتحان السنة التحضيرية يعتمد على اللغة الإنجليزية في أسئلته من أجل فرز الطلبة، بحيث الطالب الذي يجتاز هذا الامتحان بإمكانه دراسة تخصص الطب، ومن لم يحالفه الحظ يختار تخصصاً آخراً، وهذا بحد ذاته سيقضي على فرص كثيرة من أبناء القرى النائية الذين يحتاجون إلى عام أو اكثر للتعود على نمط اللغة السائدة في امتحانات المواد الجامعية، بالإشارة إلى أن كبار الأطباء في الأردن والعالم اتقنوا اللغة الإنجليزية حال دخولهم في الجامعة.
وينوه أن العدالة تقتضي -حتى في الملاكمة- بأن يكون التنافس في فئة الوزن الموحد، ولا يجوز للاعب من الوزن الثقيل أن ينافس لاعباً في وزن الريشة، وعليه يجب أن يكون الطلبة من وزن واحد للحصول على فرصة عادلة للتنافس في السنة التحضيرية، فلا يجوز أن يتنافس أبناء مدارس القرى ناقصة التجهيز والمدرسين مع أبناء مدارس تحتوي على مسارح وملاعب وحمامات سباحة، ثم ندعي العدالة، فلا يصح أن يتنافس طلبة لم يروا معلم لغة إنجليزية، مع طلبة لا يتحدثون في حياتهم اليومية بغير اللغة الإنجليزية، وأن يتم تقيمهم بامتحان تستخدم فيه هذه اللغة.
ويختتم المعاني حديثه لـ"جفرا نيوز"، بأن هناك دراسات علمية أثبتت بأن امتحان الثانوية العامة يعد مقياساً على أهلية الطالب؛ لأن الامتحان مازال صادقاً وأميناً، إلا أن الطالب لا يستطيع أن يقرر ما يدرس؛ لأن (90)% من أولياء الأمور والمجتمع والموروث الاجتماعي هو من يتحكم .
*الطويسي يجدد إصراره على السنة التحضيرية
وزير التعليم العالي والبحث العلمي د.عادل الطويسي، يفسر بأن الغاية المرجوة من السنة التحضيرية تكمن باستكشاف الميول الطبيعية للطالب من أجل اختيار التخصص المناسب له؛ لكون امتحان الثانوية العامة غير قادر على اكتشاف وتحديد هذا الأمر، مشيراً إلى أن فكرة السنة التحضيرية ليست بجديدة وكانت تطبق في كلية الأداب في الجامعة الأردنية خلال فترة سبعينيات القرن الماضي، ولكن بمسمى مختلف، بحيث يتم تدريس الطالب مجموعة من المساقات خلال السنة الأولى، وبعدها يتم اختيار التخصص المناسب، عقب الحصول على العلامة المستحقة.
الطويسي يضيف خلال حديثه لـ"جفرا نيوز"، بأن السنة التحضيرية تعد جزءاً من الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية للأعوام (2016-2025) والتي بدأ تطبيقها عام 2017 عندما كان وزيراً للتعليم العالي، مبيناً أن الفكرة اجهضت قبل معرفة نتائج السنة التحضيرية؛ إثر اعتراض وهجوم أولياء أمور الطلبة خلال ذاك الوقت، معتبرين بأن معرفة تخصصات أبناءهم بعد امتحان الثانوية العامة بمثابة حق مشروع لهم، على الرغم من تشكيل لجان تضم في جعبتها عضوية العديد من العمداء لكليات الطب وطب الأسنان الذين وضعوا حينها خارطة الطريق لهذا الأمر.
حول طلبة القرى والأرياف والبوادي الذين تخرجوا من المدارس الأقل حظاً، ينوّه أن مقترح السنة التحضيرية أخذ هذه المسألة بعين الإعتبار وتم تخصيص كوتا من أجل إتاحة التنفاسية بين هذه الفئة لضمان تحقيق العدالة، مؤكداً أن موقفه لم يتغير من وجود السنة التحضيرية التي تعتبر بمثابة ضرورة كبيرة.
* رئيس سابق لإحدى الجامعات: هل مشاكلنا الأكاديمية باتت متعلقة بالسنة التحضيرية!!!
رئيس سابق لإحدى الجامعات الأردنية "فضل عدم ذكر اسمه" يؤكد أن تطبيق السنة التحضيرية أمر بغاية الصعوبة وسيرتب أضرارًا على الطلبة الحاصلين على معدلات مرتفعة في امتحان شهادة الثانوية العامة، مبيناً أن انتقاء الطالب التخصص الجامعي المناسب لا يحل فقط بالسنة التحضيرية التي ستهضم حقوق أبناء المدارس الأقل حظاً، لأنه عندما يتم جمعهم في شعبة مع الطلبة الذين تخرجوا من مدارس أكثر كفاءة ويحملون في طياتهم جوانب تأسيسية تؤهلهم لمقعد الطب دوناً عن غيرهم، وهذا بحد ذاته يترك ضرراً كبيراً على أبناء الأرياف والبوادي الذين لم يحالفهم الحظ للدراسة في المدارس الخاصة أو الحكومية التي تحظى بالاهتمام والرعاية المطلوبة.
ويستغرب الرئيس السابق أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز"، إصرار وزير التعليم العالي د.وجيه عويس على تطبيق السنة التحضيرية وإلغاء الموازي وكأن المشاكل اليوم مرتبطة في هذا الجانب فقط، معتقداً أن الأولى من وزارة التعليم العالي إيجاد حلول للمشاكل التي تواجه القطاع اليوم ومن ثم الذهاب إلى هذه الأمور التي لا تشكل أولوية مطلقة لهذه المرحلة التي نشهدها على الأقل.
يذكر أن وزير التربية والتعليم والتعليم العالي د.وجيه عويس قد شدد على ضرورة تطوير جودة التعليم المدرسي والجامعي، وتعديل سياسات القبول في الجامعات، وتنظيم استثناءات القبول الجامعي، وتوفير الدعم المالي للجامعات لتتمكن من تطوير العملية التعليمية والتطبيقية فيها، وضرورة إدماج التكنولوجيا في التعليم، موضحا أن عملية تعديل أسس القبول تتم بربط عملية التعليم بـقدرة الطالب ورغبته، بحيث لا يتم الاقتصار على اعتماد امتحان شهادة الثانوية العامة كمعيار وحيد للقبول في الجامعة.
وأشار إلى الجامعات ستأخذ دوراً في وضع معايير إضافية تضمن المواءمة بين قدرة الطالب ورغبته والتخصص الدراسي الملائم، والذي يمكن تطبيقه إما من خلال امتحان الثانوية العامة بالإضافة إلى السنة التحضيرية.