النسخة الكاملة

الانقلاب على قواعد اللعبة الديمقراطية يجذر نظرية الاقصاء

الثلاثاء-2012-06-12 12:39 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز- رياض منصور
من جديد، تثبت المخيمات الفلسطينية انها الحصان الابيض وتنحاز الى المصلحة الوطنية العليا عندما اريد الزج بها في اتون حراك ترى انه بعضه يهدف الى ما يهدف اليه من اشاعة فوضى واضطرابات عندما خطط لحرفها عن مسارها باتجاه مصالح حزبية تتعارض مع المصلحة العليا للبلاد؛ فسكان هذه المخيمات وان كانت لهم خصوصيتهم فهم ابناء وطن انحازوا له ردا للجميل؛ فانحياز الوطن لهم كان في البدء وها هم يخرجون من الامتحان ليؤكدوا للجميع في رسالة لا لبس فيها ان المخيمات تبادل الاردن حبا بحب وثقة بثقة واخلاص باخلاص.

نزجي التحية لاهلنا في المخيمات الفلسطينية على امتداد مساحة الوطن ونعرب عن حزننا العميق لكل المحاولات التي هدفت الى جر هذه المخيمات لاغراقها في حراك غير ذاك الحراك الذي نريد، فحتى اللحظة يصعب علينا تفسير ما جرى ولم نجد اي مبررات بكل مسمياتها لمحاولات الاخوان المسلمين اقحام المخيمات في اجندتهم؛ فالتقاليد والاعراف السياسية وحتى اللعبة الديمقراطية ترفض كل هذه المخططات لمخالفتها الشروط وابسط قواعد العمل السياسي.

نحن ندرك ولا نبرر ما فعلته جماعة الاخوان المسلمين ونؤمن ايضا بالدهاء والحنكة في العمل السياسي لكن خطوة الاقتراب من المخيمات كانت الخطأ الأكبر لمخالفته كل قواعد العمل الحزبي والسياسي وفي الوقت ذاته نحسد الحكومة على قدرة صبرها ومرونتها الكبيرة في التعامل مع هذه الجماعة بروح المسؤولية والمصلحة السياسية رغم تجاوزها جميع الخطوط الحمراء ومع ذلك تصمت السلطة التنفيذية حيال كل الاستفزازات والجماعة نفسها تعلم انها اخترقت شروط وجودها كجمعية خيرية وباتت تمارس الفعل السياسي التحريضي.

لا نحرض الحكومة على تطبيق نصوص قانون الجمعيات الخيرية بل نطالبها بمواصلة مرونتها السياسية لابعد مدى ولا نريدها تطبيق القانون على جماعة الاخوان المسلمين التي نحترم وجودها الى جانب القوى السياسية الاخرى في الساحة السياسية فلم نكن يوما من الداعين الى سياسة الاقصاء لاي طرف سياسي او حزبي فقطار التنمية السياسية يحتاج الى شمولية ركابه شريطة عدم الاخلال بوجهة سكته.

نعلم ان جماعة الاخوان المسلمين لديها ازمتها الداخلية التي خرجت من الغرف المغلقة وباتت امام الرأي العام لكن ان تتعامل الجماعة باعتبارها تسلك المسار الصحيح دون غيرها فهذا بحد ذاته اقصاء للاخر دون وجه حق وتجربة احزاب المعارضة التاريخية في لجنة التنسيق العليا عانت الكثير من سياسة الاقصاء التي اتبعتها قيادة الجماعة في جميع القضايا الوطنية.

لا ندري كم هو حجم الحرج التي تعرضت له قيادة الجماعة عندما اعتمدت نظرية جر المخيمات واغراقها في الحراك فحساباتها في الغرف المغلقة انهارت على الارض لان المخيمات كانت الاكثر وعيا وصدقا واخلاصا وثقة بالواقع والدولة واحسنت الحكومة صنعا عندما تركت الاخوان يواجهون مصيرهم مع ابناء هذه المخيمات وتركنا نحن طوال الاسبوع الماضي نحتار في تفسير وقراءة دلالات قرار الاخوان الزحف نحو المخيمات واكثر علامات الاستغراب واثارة الجدل تمثلت اختيار التوقيت والهدف الذي تريده الجماعة من المخيمات والى ماذا تهدف خطتهم وفي ذلك يكمن سر هذا الزحف؛ فالعبث من وجهة نظرهم في معادلة التوازن يكفل لهم تنفيذ مخططات ما زلنا نجهل تفاصيلها.

درس كبير قدمته المخيمات رغم فقرها وبئس حالها في المعادلة الحزبية الاردنية لتؤكد من جديد انها لا زالت «بيضة القبان» في كل التوازنات السياسية وكان العنوان الابرز الذي قدمته لحصيلة بالخط العريض «الوحدة الوطنية خط المخيمات الاحمر».

لا نريد الغوص في ادق التفاصيل لكن ما يمكن فهمه بوضوح من الحركة الافقية والعمودية التي نشط بها بغض قادة الاخوان ما هو الا محاولة لضرب العصب الحيوي لعملية الاصلاح في البلاد عبر الاصطياد السياسي فلم تكتف الجماعة هذه المرة باتهام الحكومة باستهدافها باعتبارها التهمة الاسهل والاقل كلفة لاستدرار العطف الشعبي بل حاولت كسر تقاليد العمل السياسي الاردني.

ينتابنا الحزن والالم على الحال الذي بلغته اعرق جماعة في الاردن وهو حال لا يفرحنا لاننا انتظرنا من قيادة الاخوان الانخراط في عملية الاصلاح والاصطفاف الى جانب نخبة المجتمع الاردني في اسناد التنمية السياسية والاصلاح الاقتصادي في البلاد في وقت تحتاج فيه البلاد كل اولادها للنهوض باوضاعنا وسط هذا الاقليم المتوتر والملتهب والذي يؤثر فينا لا ان تمارس نظرية اثارة الغبار وكأن المطلوب من الاردن ليس اكثر من الانتحار.


© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير