النسخة الكاملة

تحذيرات لقطاع الاعلام ..النشر يعادل السجن..وخبراء وصحافيون ينتقدون العقوبات الجديدة!

الخميس-2022-04-28 11:18 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - وافق مجلس النواب على مشروع قانون تقدمت به الحكومة   لاستبدال عقوبة الغرامة بالحبس لكل من يخالف المادة 225 من قانون العقوبات والمتعلقة بما يحظر نشره.

ووافق المجلس على تعديل مطلع المادة الذي جاء فيه "يعاقب بالغرامة من خمسة دنانير إلى خمسة وعشرين دينارا” ليصبح "يعاقب بالحبس حتى ثلاثة أشهر…”. وتمنع المادة 225 المواطنين بشكل عام ووسائل الإعلام بشكل خاص من نشر وثائق التحقيق الجنائي أو الجنحي قبل تلاوتها في جلسة علنية، وجلسات المحاكمات السرية، ومحاكمات دعوى النسب، وكل محاكمة تمنع المحكمة نشرها.

وتستند قرارات "حظر النشر” أيضا على المادة 224 من قانون العقوبات الأردني، والتي تنص على أن "كل من نشر أخبارا أو معلومات أو انتقادات من شأنها أن تؤثر على أي قاض أو شاهد، أو تمنع أي شخص من الإفضاء بما لديه من المعلومات لأولي الأمر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز مئتي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين”.

وفي المقابل تنص المادة 15 من الدستور الأردني على أن "الدولة تكفل حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون” و”تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون”.

نوفان العجارمة: بالرغم من الدور العظيم والمهم لحرية الصحافة إلا أن هذا لا يعني أنها حرية مطلقة بلا حدود

وتأتي موافقة المجلس على التعديل الحكومي الذي ينص صراحة على عقوبة الحبس في جرائم النشر لتمثل تراجعا حكوميا واضحا عن حرية النشر والتعبير، مما سيؤثر على تصنيف الأردن الدولي في مجال حرية الرأي والتعبير والصحافة.

ووفقا للتوقعات فإن مجلس الأعيان -وهو جزء من السلطة التشريعية في الأردن ويشكل مع مجلس النواب "مجلس الأمة”- سيكون له القول الفصل في موافقة مجلس النواب على التعديل الحكومي أو رفضه. وقال محامون إن "التعديل يتعلق بالعقوبة فقط، فقد جاء لتغليظ عقوبة فعل مجرم بالأساس وبالتالي فهو لم يجرم فعلا كان مباحا سابقا وأصبح بموجب التعديل مجرما”.

ورغم أن المادتين 224 و225 من قانون العقوبات تنصان على حظر النشر في ما يتعلق بالقضايا التي تمس الآداب العامة، أو القضايا التي قررت المحكمة سرية المحاكمة فيها، وليس القضايا التي تمس الرأي العام، فإن الحكومة   تلجأ إلى فرض قرار يقضي بحظر النشر حول القضايا الكبيرة التي تثير اهتمام الرأي العام. وفي السنوات الماضية زادت قرارات حظر النشر بشكل كبير في أوقات الأزمات، سواء الأمنية أو السياسية أو حتى الأزمات الناتجة عن الكوارث الطبيعية. ويؤكد صحافيون أن "القرارات لم تلاحظ فيها فائدة حقيقية لخدمة العدالة أو خدمة الحقيقة”.

ويعتبر صحافيون أن التوسع في إصدار قرارات حظر النشر يحرم الإعلام من ممارسة دوره، ويفرض عليه رقابة مسبقة تمنع وصول المعلومات والحقائق إلى الجمهور، الأمر الذي يتعارض مع المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير.

ويؤكد بعضهم أن معظم قرارات حظر النشر التي صدرت أخيرا في الأردن تخالف المادة 128 من الدستور التي تنص على أنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها.

و أصدرت 23 منظمة بيانا أكدت فيه أن "قرار النائب العام بمنع النشر في قضية نقابة المعلمين أدى إلى كسر أقلام الصحافيين، وتكميم أفواههم، وحجب المعلومات عن المجتمع في قضية تشغل الرأي العام الأردني”.

ويدافع الوزير ورئيس ديوان التشريع والرأي السابق نوفان العجارمة عن قرارات حظر النشر مؤكدا أنه "بالرغم من الدور العظيم والمهم لحرية الصحافة إلا أن هذا لا يعني أنها حرية مطلقة بلا حدود: فالأصل المستقر في الأنظمة الديمقراطية أنه لا يمكن أن تكون الحرية مطلقة بلا قيد، وإلا انقلبت فوضى وحملت في طياتها البغي والعدوان على كيان الدولة وحريات الآخرين، وقد تؤدي إلى العديد من الأضرار والاضطرابات التي تهدد كيان الدولة وبقاءها، كما تهدد الأفراد أيضا في حرياتهم وحقوقهم، لذلك كان لا بد من تنظيمها ووضع ضوابط تكفل ممارستها حفاظاً عليها وعلى المجتمع وأفراده في آن واحد”.

ويضيف العجارمة أن "حظر النشر حق تملكه النيابة العامة بموجب القانون: يهدف إلى تحقيق أحد الأمرين التاليين: احترام الحق في الخصوصية من تجاوزات الصحافة من نشر دقائقها وتفاصيلها وهي قيد التحقيق. وثانيا الحفاظ على سرية التحقيق: حتى يتم في جو خال من المؤثرات، توصلاً لانبلاج الحقيقة في الجرم موضوع الاتهام”، مشيرا إلى أن "مصلحة المجتمع هي المعتبرة في موضوع النشر من عدمه، فإذا كانت هناك مصلحة للمجتمع من النشر كان النشر أجدر بالرعاية وأولى بالحماية، أما إذا كان عدم النشر وحماية الحياة الخاصة لا يتعارضان مع مصلحة المجتمع كان عدم النشر الأولى بالرعاية والأجدر بالحماية، كل ذلك يدخل في السلطة التقديرية لمصدر القرار سواء كانت النيابة العامة أو محكمة الموضوع”.

وكثيرا ما يوجه مراقبون انتقادات للرواية الرسمية التي ينقلها الإعلام الأردني والتي تفتقر إلى الكثير من العناصر وتظهر غير متماسكة. كما يوجه الإعلاميون أنفسهم انتقادات للإعلام في بلادهم متسائلين "كيف نكون سلطة رقابية ونحن نتحرك بالريموت كنترول؟”، خاصة أن الإعلام الخارجي يتلقف القصص المهمة وينشر كل ما يتعلق بها دون ضوابط ومحددات، غير تلك التي يختارها هو لنفسه.

وأكد صحافيون أنه على الأجهزة الرسمية أن تدرك حجم الضرر الذي تتسبب فيه إذا قررت أن تستمر في تقييد الإعلام وتدجينه.

قرارات حظر النشر تزيد في أوقات الأزمات، سواء الأمنية أو السياسية أو حتى الأزمات الناتجة عن الكوارث الطبيعية

ويتساءل مراقبون " أن قرارات حظر النشر لا يمكن إنفاذها وتطبيقها، والمتضرر الوحيد منها وسائل الإعلام المحلية. وتحرم قرارات حظر النشر وتوسيع حدوده الإعلام من ممارسة دوره وتفرض عليه رقابة مسبقة تمنع وصول المعلومات والحقائق إلى الجمهور.

وأكد إعلاميون وحقوقيون أن قرارات حظر النشر في قضايا تهم الرأي العام ولها تماس مباشر مع الشارع "تؤدي إلى زيادة الغموض في القضايا المنظورة وخلق مساحات واسعة لمروجي الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وفي عصر الإنترنت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مقبولا استمرار العمل الإعلامي بشكله التقليدي دون تطوير مضمونه ورسالته، فالتطور في الإعلام مرتبط بتطور مستوى الخطاب الإعلامي الموجه إلى الجمهور المحلي.

وصنف تقرير أصدره مركز حماية وحرية الصحافيين قبل أشهر حرية الإعلام في الأردن بـ”المقيدة”.

وقال مؤسس وعضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور، في تقديمه لتقرير صادر تحت عنوان "الإعلام مُكبّل” مختصر القول الذي توصل إليه مؤشر حرية الإعلام لعام 2021، ”الإعلام لم يعد سلطة رقابية في المجتمع، وكل يوم تضيق هوامش الحريات، وحتى منصات التواصل التي كان يلجأ إليها هروبا من القيود، أصبحت في المرمى، والحكومة تفكر بتشريعات وأنظمة للسيطرة عليها”.

وأضاف "يبدو المشهد الإعلامي في البلاد منفتحا، لكن رؤية ما يحدث خلف خشبة المسرح تشي بحرية مكممة مفصلة على مقاس السلطة”.