النسخة الكاملة

الهندسة الحزبية

الخميس-2022-04-14 10:18 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - جميل النمري

قلنا إن الحريات العامة والانتخابات النزيهة لا تضمن بذاتها قيام حياة سياسية حزبية برلمانية تقود عبر الانتخابات الى التداول السياسي الحزبي البرامجي على الحكومات بين اقلية واغلبية. وان تدخل الدولة للمساعدة في تهيئة أو هندسة الواقع الحزبي الانتخابي هو شيء مطلوب ومحمود.

هذا الرأي يثير اعتراضات حادّة لا بلّ استنكارا وترى بعض أوساط المعارضة وخصوصا الحراكية أن الدولة بدأت تهندس سلفا الساحة بإنشاء أحزاب موزعة على تلاوين بين اليمين واليسار والوسط تملأ المشهد لكنها مثل مسرح الدمى ممسوكة بخيوط تحركها يد السلطة.

هذا الظن ينطوي على مبالغة شديدة وبكل الأحوال تبقى الساحة مفتوحة للمنافسة الحرة والتحدي مطروح على المعارضة بكل تلاوينها بما في ذلك الحراكية لتنظيم بيتها الحزبي دون تعاون مع الهندسة المفترضة!! وفي النهاية سيذهب الجميع لمواجهة الاستحقاق الانتخابي الذي لا سبيل غيره لإمتحان حجم التمثيل لكل طرف.

الساحة تعجّ بمن يستقطبون الناس بإدعاء انهم مدعومين من مراجع عليا. وحتى لو كان ذلك صحيحا فلن يفيد في النهاية لأن المطامع الشخصية ستفسد كل مشروع جماعي اذا لم تنشأ آلية محكمة ديمقراطية لإدارة منافسة حزبية داخلية محترمة ينصاع لها الجميع. وهذا الآلية قد لا تنشأ تلقائيا ودون استخدام ادوات تأثير قوية ليس اقلها نظام للحوافز والتمويل والمكافأة وهو الأمر المقصود بالهندسة الحزبية

نحن نقترح التحلي بشيء من حسن النيّة والتفكير بوضعية رابح - رابح المحتملة من دعم الدولة لرؤية تقدمية لإعادة هيكلة الساحة الحزبية.

النهج القديم في تولي المناصب والمسؤوليات لحصد الامتيازات دون مسؤولية أمام الشعب أوصلنا الى المأزق الذي لم يعد الاستمرار فيه ممكنا ودفع الملك الى المبادرة لطرح مشروع التحديث. أي ضرورة وضع المنافسة على السلطة في اطار عقلاني سياسي- حزبي – انتخابي يستلزم الحصول على ثقة الشعب وامتحان رضاه دوريات ولا بأس من برنامج تنفيذي لتطبيق هذه الرؤية.

دوائر القرار تعيش تحت ضغط المسؤولية لإنجاح الرؤية الملكية لكن لا يوجد خطة تنفيذية متكاملة وهناك حيرة في شكل التدخل الممكن والمشروع وقد لا يتجاوزشكل التدخل الآن التشجيع على الاندماج او الانظمام هنا او هناك.

على جبهة « الوسط « لا بوادر اندماجات بين الاحزاب المرخصة بل هناك مشاريع جديدة نشأت أو قيد الإنشاء والبعض يدعي وصلا بليلى واستقطب شخصيات على هذا الأساس لكن بنفس السرعة سيتشظى الجمع اذا لم يستند المشروع الى اسس مكينة تتسع للجميع وتمنع التشظي فلماذا لا نقبل دعم الدولة لآلية تجميع محفزة ومحايدة تمتحن اقبال وقبول الجميع .

الأمر نفسه ينطبق على جميع الجبهات. والحال ان الانانيات وضيق الافق مع تواضع الثقافة السياسية وقلة الخبرة قد يحجز الساحة السياسية الحزبية عند نفس الحال من التخلف والتفتت والعجز ولا بد من حفر مسارات إلزامية تقود لوحدة كل تيار في حزب أو تحالف حزبي.