جفرا نيوز - جفرا نيوز- بعيدا عن الدخول في تفاصيل قانون الاحزاب الجديد الذي اقره مجلس النواب الاسبوع الماضي، فان المرحلة القادمة تتطلب من الاحزاب السياسية القائمة تفكيرا مختلفا عن الوضع السابق.
الاردن بإرادة من جلالة الملك عبدالله الثاني بدأ باصلاح سياسي حقيقي ينقلنا الى مرحلة الحكومات الحزبية عبر تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي انجزت اصلاحات دستورية وقانوني انتخاب واحزاب سياسية، علاوة على اوراق او استراتيجيات لتمكين المرأة والشباب والادارة المحلية.
حكومة الدكتور بشر الخصاونة ارسلت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية (مشروع التعديلات الدستورية ومشروع قانوني الاحزاب والانتخاب) الى مجلس النواب الذي بدأ بمناقشة هذه المشاريع بشكل عاجل، فتم اقرار التعديلات الدستورية واصبحت نافذة، كما ان مشروع قانون الاحزاب اقر في مجلس النواب، ومتوقع ان يقره مجلس الاعيان هذا الاسبوع، لنكون بانتظار مشروع قانون الانتخاب لاكتمال الاصلاح السياسي ثم الدخول في مرحلة إصلاحية جديدة.
قانون الاحزاب الجديد اعتبر ان الاحزاب القائمة هي احزاب مؤسسة ولكنه اشترط عليها تصويب اوضاعها وفق مواد القانون.
والقضية الجوهرية بالنسبة للاحزاب القائمة هي مسألة عدد مؤسسي الحزب الذي يشترط القانون ان يعقد مؤتمره بعد عام ونصف، وان يكون عدد اعضائه الف عضو على الاقل، وان يحضره وجاهيا ثلث الاعضاء.
هناك احزاب تاريخية في الاردن وهي ما يعرف بالاحزاب اليسارية والقومية » احزاب المعارضة «والقائمة بالاصل قبل عام 1991، فهذه الاحزاب منقسمة الى قسمين: الاحزاب ذات التوجه اليساري وهي (الشعب الاردني الديمقراطي «حشد » والوحدة الشعبية و الشيوعي ) وهذه الاحزاب الثلاثة متشابهة في الاتجاه السياسي، وان كان هناك تباينات فكرية ولكنها متطابقة في البرنامج والاهداف وحتى الموقف السياسي.
وبما ان الاحزاب الثلاثة السابقة متطابقة في الاتجاه السياسي، فانه يجب عليها التفكير جديا بالتوحد اما في حزب واحد او ائتلاف موحد لخوض الانتخابات المقبلة بقائمة موحدة، وأما القسم الثاني فهي الاحزاب ذات التوجه القومي وهي ايضا متشابهة في الاتجاه والافكار والموقف السياسي لذلك فانه ايضا يجب عليها التفكير بالتوحد بحزب قومي واحد حتى تستفيد من الترشح وفق قانون الانتخاب على مقاعد القائمة على مستوى الوطن والتي خصصت للقوائم الحزبية.
كما أن الساحة الحزبية ايضا مليئة بعدد كبير من الاحزاب الوسطية والتي هي ايضا متشابهة بالافكار والاتجاه السياسي، وهذه الاحزاب هي الاكثر عددا ولديها الفرصة في تشكيل حزب او حزبين موحدين وكبيرين لخوض الانتخابات النيابية ببرنامج موحد، وان كان يوجد فيها حزب كبير وهو حزب التيار الوطني الذي أسسه المرحوم المهندس عبدالهادي المجالي، الا ان الساحة الوسطية بحاجة الى ان تتوحد في حزب واحد او ائتلاف كبير.
الاحزاب الاخرى وخاصة ذات التوجه الاسلامي هي ايضا متشابهة، وهنا بدأ حزبا الوسط الاسلامي و «زمزم» بالاندماج في حزب واحد على اساس برنامج سياسي موحد لخوض الانتخابات النيابية المقبلة على اساسه، وأما حزب جبهة العمل الاسلامي فانه يستطيع تأمين العدد المطلوب لتصويب وضعه وفق القانون دون ان يتوحد مع اي حزب اخر.
ومن غير الوارد لدى حزب جبهة العمل او حتى اي حزب اخر التفكير بالاندماج او انشاء حزب موحد، كما ان حزب الشراكة والانقاذ والذي ايضا هو حزب معارض فانه لا يفكر ايضا بالاندماج مع أي حزب آخر.
وعلى الاحزاب السياسية القائمة اليوم مسؤولية وطنية في التعامل مع الواقع السياسي الجديد، بل يقع عليها عبء كبير للمساهمة في انجاح الاصلاح السياسي، فالواجب الوطني يتطلب من الاحزاب الانخراط في حوارات كبرى لكي تتوافق مع القانون الجديد وتقدم احزابا موحدة وكبيرة، وان يمثل كل حزب تياراً سياسياً معيناً، حتى يكون لدينا احزاب برامجية ممثلة لاتجاهات سياسية تتنافس على نيل ثقة المواطنين في الانتخابات النيابية المقبلة، حتى يكون لدينا كتل حزبية برامجية في مجلس النواب القادم.
وفي ظل الارادة السياسية العليا للاصلاح السياسي، فانه من غير المقبول من الاحزاب السياسية ان تدير ظهرها للحالة السياسية الجديدة بالابقاء على تشرذمها، وكل حزب لا يستطيع تصويب وضعه وفق القانون الجديد فانه مصيره «الحل»، حتى لو كان من الاحزاب التاريخية القديمة.
الراي