النسخة الكاملة

العنف يتأجج في ميانمار بعد عام على الانقلاب

الخميس-2022-01-28 11:06 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - قبل ساعات على موعد انعقاد جلسة البرلمان الجديد في ميانمار في فبراير (شباط) الماضي، قام عناصر من الجيش بعمليات دهم فجراً، واعتقلوا مشرّعين، واضعين نهاية لتجربة ديمقراطية قصيرة، ما أدى إلى أشهر من أعمال عنف دامية.
وبعد مرور عام، يسعى المجلس العسكري الحاكم بصعوبة لاحتواء الرد العنيف الذي سببه استيلاؤه على السلطة، مع اشتباكات يومية وخروج مناطق واسعة من البلاد عن سيطرته.

لا نهاية تلوح في الأفق

وقتل قرابة 1500 مدني، واعتقل أكثر من 11 ألفاً في القمع العسكري المستمر، وفق مرصد محلي، وتتهم مجموعات حقوقية قوات المجلس العسكري بالتعذيب والقتل التعسفي.

لكن الحركة المؤيدة للديمقراطية المناهضة لاستيلاء الجيش على السلطة، ترى أن إنهاء انخراطه المستمر منذ عقود في سياسات ميانمار هو الخيار الوحيد.

وهذا يعني، وفق محللين، أنه لا نهاية تلوح في الأفق لأزمة دمرت الاقتصاد وأفرغت المدارس والمستشفيات في أنحاء البلاد، وأرغمت الآلاف على الفرار إلى تايلاند والهند المجاورتين.

وقال المواطن هتو أونغ، مستخدماً اسماً مستعاراً خشية الانتقام، في سوق في رانغون "ما زلنا نعيش في حقبة سوداء... نفكر كيف نخوض معركة حياتنا اليومية في ظل هذه الديكتاتورية العسكرية، بدلاً من التفكير بأهدافنا وأحلامنا في المستقبل".

اشتباكات يومية

في رانغون ومدن أخرى، يتوقع المجلس العسكري عودة الوضع إلى طبيعته مع مشاهد الازدحامات المرورية وامتلاء مراكز التسوق مجدداً ببطء، لكن قبل أيام على حلول ذكرى الأول من فبراير، لا يريد الجنرالات المجازفة. فقد أعلنت السلطات العسكرية أخيراً أن الذين يطلقون أبواق السيارات أو يطرقون على أواني الطبخ، وهي من مظاهر الاحتجاجات التي عمّت مدناً في أعقاب الانقلاب، يمكن أن يتهموا بالخيانة ويحاكمون بموجب قانون مكافحة الإرهاب. غير أن الاشتباكات اليومية بين عشرات من "قوات الدفاع الشعبي" التي اندلعت في أنحاء ميانمار رفضاً للانقلاب، لا تظهر أي مؤشر على التراجع.

والمتظاهرون السابقون، إضافة إلى القرويين الذين يملأون صفوفهم، سددوا عدداً من الضربات الموجعة لقوات المجلس العسكري، مع تنفيذهم أكمنة مسلحة وهجمات بألغام، على الرغم من الصعوبة التي يلقونها في الحصول على أسلحة ثقيلة.

وتقول مجموعة سرية من المشرّعين إن قرابة 3 آلاف عنصر من قوات المجلس العسكري قُتلوا في معارك مع "قوات الدفاع الشعبي" بين يونيو (حزيران) ونوفمبر (تشرين الثاني)، فيما يؤكد الحكام العسكريون مقتل 168 من الجنود والشرطة بين فبراير وأواخر أكتوبر (تشرين الأول).

مشكلات معنوية

والنزاع المستمر منذ عام أرخى بثقله على الجيش الذي يواجه مشكلات معنوية وفي التجنيد، بحسب ما يرى المستشار الكبير في مجموعة الأزمات الدولية حول ميانمار ريتشارد هورسي.

"لكن، من غير المرجح أن تجبر هذه التحديات الجيش على الاستسلام أو خسارة قبضته على سلطة الدولة"، يضيف هورسي.

ووجهت أصابع الاتهام لقوات المجلس العسكري في "مجزرة" وقعت ليلة عيد الميلاد، وقُتل فيها أكثر من 30 شخصاً، وأحرقت جثثهم على طريق سريع في شرق البلاد، بينهم اثنان من موظفي منظمة "سيف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) الخيرية.

وفي وقت سابق من يناير (كانون الثاني)، أمر الجنرالات بشن ضربات جوية ومدفعية على عاصمة ولاية في شرق البلاد، لمنع المتمردين من السيطرة عليها.

وامتنعت مجموعات إثنية مسلحة متنوعة في ميانمار بشكل كبير عن رمي ثقلها خلف حركة الديمقراطية، لأسباب تعود إلى انعدام ثقة قديم بالنخبة التي تجسدها أونغ سان سو تشي وحزب الرابطة الوطنية للديمقراطية المنحل الذي تتزعمه.

والتغلب على مشكلة عدم الثقة هو ما تحاول فعله "حكومة الوحدة الوطنية" السرية التي يهيمن عليها مشرّعون من حزبها، وتحظى بدعم واسع.

وتتواصل جلسات محاكمة سو تشي في العاصمة التي بناها الجيش خلف أبواب مغلقة، وفي الأشهر المقبلة قد يحكم عليها جرّاء اتهامات بالفساد، تصل عقوبة كل منها إلى السجن 15 عاماً.

"ضربة قاضية"

ومع الحماية التي تُؤمّنها روسيا والصين للجنرالات في الأمم المتحدة، واندلاع أزمات وحروب تتطلب الاهتمام في إثيوبيا واليمن وأوكرانيا، فقد كثيرون في ميانمار الأمل في الحصول على مساعدة من المجتمع الدولي.

وقال هتو أونغ، إن الجيش يقتل متظاهرين كل يوم تقريباً "من دون أن يلاحظ العالم ذلك". ووعد الجنرالات بالعودة إلى ديمقراطية متعددة الأحزاب وانتخابات في 2023.

لكن "من المستحيل معرفة كيف سيفعلون ذلك نظراً لضعف سيطرتهم على معظم أنحاء البلاد"، بحسب هورسي الباحث في مجموعة الأزمات.

ويرى هورسي أنه "من غير المرجح بدرجة كبيرة أن يتمكن أي من الجانبين من تسديد ضربة قاضية" للآخر.

وقال: "الوضع مُهيّأ لأشهر، وربما لسنوات من المواجهات العنيفة".
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير