النسخة الكاملة

أثر التعديل الدستوري على ترخيص طلبات الأحزاب.

الخميس-2022-01-23 08:34 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب: نوفان العجارمة 
تتولى حالياً لجنة شؤون الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية والمشكلة وفق أحكام المادة (9) من قانون الأحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015 النظر في طلبات تأسيس الأحزاب ومتابعة شؤونها، وبموجب التعديل الدستوري على المادة (67) من الدستور والمنظور حالياً من قبل مجلس الامة فان هذه الصلاحية سوف تنتقل الى الهيئة المستقلة للانتخاب المنشأة بمقتضى أحكام قانون الهيئة المستقلة للانتخاب رقم (11) لسنة 2012).
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: ما هو أثر نفاذ التعديل الدستوري على طلبات ترخيص الأحزاب المنظورة من قبل اللجنة؟ فهل تستمر اللجنة في نظر هذه الطلبات و لحين تعديل قانون الأحزاب السياسية والمنظور حاليا من قبل مجلس النواب؟ ام انه يتوجب على هذه اللجنة إحالة هذه الطلبات مباشرة الى الهيئة المستقلة للانتخاب وعدم انتظار تعديل قانون الأحزاب السياسية؟
واجابة على ذلك نبدي بأن (لجنة شؤون الأحزاب المشكلة في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية) تستمر بنظر طلبات ترخيص الأحزاب وحتى تعديل قانون الأحزاب الحالي و نفاذ قانون الأحزاب الجديد وللأسباب التالية:
1. ان قانون الاحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015 هو قانون نافذ وملزم لكافة الجهات بالدولة ورئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ احكام هذا القانون، والأصل في النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية بافتراض مطابقتها للدستور، ومن ثم لا يجوز أن يكون سريانها متراخياً، بل يكون إنقاذها واجباً، واعتباراً بها من تاريخ نفاذها لازماً. ولا يجوز بالتالي أن يكون مجرد الطعن عليها او الشكوى منها موقفاً لأحكامها، أو مانعاً من فرضها على المخاطبين بها، وذلك أن إبطالها لا يكون إلا بقرار من المحكمة الدستورية إذا ما قام لديها الدليل على مخالفتها للدستور. والقول بخلاف ذلك يعني إعطاء الحكومة صلاحية تقرير دستورية أو عدم دستورية نص ما، وهذا ما ينبغي ان يكون وحتى لو كانت المخالفة جلية واضحة.
2. أن السلطة التشريعية مقيدة بالحكم الدستوري اعتباراً من تاريخ العمل بالمادة الدستورية المعدلة، فيما يسنه من تشريعات مستحدثة أو معدله لتشريعات سابقة ، فإذا فرض النص الدستوري المعدل ( او الجديد) قيد ما أو حكم جديد ، فلا ينصرف اثر الحكم الدستوري الجديد الا على التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا الإلزام ، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام إليها لصدورها من قبل المشرع في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً ومن ثم، فان هذه التشريعات تكون بمنأى عن أعمال هذا القيد.
٣. سبق للمحكمة الدستورية المصرية وأن تصدت لموضوع أثر الحكم الدستوري الجديد الذي أتى بأحكام وقيود تخالف أحكام القوانين النافذة وتحديدا بعد عام 1980 عندما أضاف المشرع الدستوري المصري عبارة (أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ) إلى المادة (2) من الدستور ، فتم الطعن على الكثير من القوانين النافذة باعتبارها تخالف احكام الشريعة الإسلامية وقد طبقت المحكمة مبدأ عدم سريان الحكم الدستوري الجديد بأثر رجعي على القوانين التي كانت قائمة قبل نفاذه (حكم محكمة الدستورية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية ". تاريخ 4/5/1985) و القضية رقم 16 لسنة 17 قضائية تاريخ 7/6/1997). وقد اضافت المحكمة بهذا الصدد (( .. بأن إنفاذ حكم المادة الثانية من الدستور لم يكن مشروطاً بتدخل السلطة التشريعية لتبادر بنفسها إلى تنقية القوانين القائمة مما قد يشوبها من عوار مخالفتها لمبادئ الشريعة الإسلامية ، بل اقترن هذا التعديل بحثها على أن تفعل ذلك ضماناً لاتساق هذه القوانين -في نسيجها- مع الأصول الكلية للعقيدة الإسلامية ، وليكون عمل السلطة التشريعية - وقد تعلق بالقوانين السابقة على تعديل المادة الثانية من الدستور - متناغماً مع عمل المحكمة الدستورية العليا فيما يصدر عنها من قضاء في شأن القوانين الصادرة بعد هذا التعديل. ومن ثم تتكامل هاتان الحلقتان في إرساء الأسس الجوهرية لتلك العقيدة . والقول بنكول السلطة التشريعية عن مهمتها هذه أو تراخيها في ولوج أبوابها، مما يخرج عن نطاق الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة تثبيتاً للشرعية الدستورية ، ذلك أن مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور، والشأن لها بتخلي إحداهما عن واجباتها، ولا تفريطها في مسئوليتها. بل مرد أمرها إلى هيئة الناخبين التي منحتها ثقتها... حكمها في القضية رقم 34 لسنة القضائية 17 تاريخ ٤ / ١ / ١٩٩٧

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير