جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم أ. د. ليث كمال نصراوين*
أثارت إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني من الدستور مخاوف الرأي العام، حيث ربطها العديد من رجال القانون والسياسة بضغوطات خارجية من جهات دولية لها علاقة باتفاقية "سيداو"، وبالأخص فيما يتعلق بقضية تجنيس أبناء الأردنيات.
إن "سيداو" هي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979، ووقعها الأردن في عام 1980 قبل أن يصادق عليها بشكل نهائي في عام 1992، وذلك بعد أن تحفظ على النصوص التي تفرض المساواة بين الرجل والمرأة في منح الجنسية للأبناء، وفي كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، ومن ضمنها تقرير حقوق متساوية للرجل والمرأة أثناء الزواج وعند فسخه.
وعلى الرغم من أن هذه الإتفاقية تمس حقوق الأردنيين العامة والخاصة، إلا أنه لم يتم عرضها على مجلس الأمة للمصادقة عليها بقانون خاص عملا بأحكام المادة (33/2) من الدستور، وهذا ما يجعل من هذه الاتفاقية غير مستوفية للشروط الدستورية المتعلقة بنفاذها وصيرورتها جزءا من النظام القانوني الأردني. فلا مجال للحديث عن تعديل القوانين الوطنية بما يتوافق مع هذه الاتفاقية الدولية، والتي تُعتبر فاقدة لوجودها القانوني والدستوري، ولا يترتب على المصادقة عليها أي أثر على الصعيد الداخلي.
ويذهب البعض إلى مخالفة هذا الرأي والتمسك بأن هذه الاتفاقية قد جرى نشرها في الجريدة الرسمية في عام 2007، وأنها بذلك قد أصبحت جزءا من المنظومة القانونية الوطنية. وهذا القول غير سديد ويتعارض بشكل صريح مع القرارات التفسيرية لنصوص الدستور ذات الصلة. ففي قرارها رقم (1) لسنة 2020 قضت المحكمة الدستورية بالقول أنه "لا يجوز إصدار قانون يتعارض مع الالتزامات المقررة على أطراف معاهدة كانت المملكة قد صادقت عليها بمقتضى قانون، وأن المعاهدة الدولية لها قوتها الملزمة لأطرافها ويتوجب على الدولة احترامها، ما دام أنه قد تم إبرامها والتصديق عليها وفق أحكام المادة (33/2) من الدستور".
وعليه، تكون المحكمة الدستورية قد اشترطت لإعمال مبدأ سمو الاتفاقية الدولية على القانون الداخلي أن يكون قد جرى المصادقة على الاتفاقية المعنية بقانون خاص وفق أحكام الدستور، وهو الأمر الذي لا يتحقق في اتفاقية "سيداو".
كما سبق لمحكمة التمييز الأردنية أن ردت على هذه الإدعاءات غير القانونية التي تتمسك بنشر الاتفاقية الدولية في الجريدة الرسمية لغايات دخولها حيز النفاذ، فقضت في قرارها رقم 1312/2005 بالقول "إن أي معاهدة تمس حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا بد من موافقة مجلس الأمة عليها استنادا لأحكام المادة (33) من الدستور لكي تكون نافذة، وأنه لا يكفي لغايات تنفيذها نشرها في الجريدة الرسمية دون صدور قانون دستوري يضع أحكامها موضع التنفيذ".
ومن جانب آخر، فقد سبق للمجلس العالي لتفسير الدستور أن قضى في قراره رقم (1) لسنة 2001 بالقول "إن القانون هو ثمرة ثلاث عمليات مجتمعة ومتكاملة هي تقديم المشروع من رئيس الوزراء إلى مجلس الأمة، وموافقة مجلس الأمة على المشروع، وتصديق جلالة الملك عليه". وحيث إن المادة (33/2) من الدستور تشترط لنفاذ الاتفاقيات الدولية التي تمس حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة أن يوافق عليها مجلس الأمة بقانون خاص يسمى قانون التصديق، فإن إصدار هذا القانون بحاجة للمرور في المراحل التشريعية السابقة مجتمعة، وليس مجرد النشر في الجريدة الرسمية.
إن اتفاقية "سيداو" – شأنها شأن معظم اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادق عليها الأردن – ليس لها أي أثر قانوني على الصعيد الوطني. فهي اتفاقية غير دستورية لعدم استكمال إجراءات دخولها حيز النفاذ في المنظومة القانونية، ولا يجب التفكير فيها في مواجهة التعديلات المقترحة على الدستور الأردني.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com