النسخة الكاملة

"مافيا التحطيب" وأصحاب نفوذ يغتالون الغابات .. الاتحاد يدعو للمراقبة والزراعة تطالب بـ"طوافين"

الخميس-2021-12-15 12:02 pm
جفرا نيوز -

*منحرفون ينتهجون أساليب جديدة في التحطيب الجائر بإفتعال حرائق في الغابات الحرجية

*إتحاد المزارعين يدعو لمواجهة الظاهرة بتكثيف الرقابة وتغييب الوساطة وتطبيق القانون

*"الزراعة" تحذر من إغتيال خيرات الأردن الجمالية والطبيعية وتطالب برفع أعداد الطوافين 

*خبير بيئي: مناطق تضررت تحتاج لنحو 50 عاماً لتعود كما كانت وغابات إختفت بسبب الحرائق

*مختصون: حجم الدمار الذي أصاب الغابات وحراجها في الفترة الأخيرة لم تتعرض له منذ سنوات طويلة

جفرا نيوز/ تحقيق : محمود كريشان

لا شك ان جرائم إضرام النيران بأشجار الغابات وممارسة التحطيب الجائر في الأردن الفقير بموارده الحرجية، تشكل خطرا كبيرا في ظل إرتفاع أعداد الحرائق التي يفتعلها تجار الحطب والمشتغلون في التفحيم، في الآونة الأخيرة، الأمر الذي فسره ناشطون في مجالات البيئة وحماية الطبيعة، أنه أهم المشاكل والمخاطر وأكبرها تأثيرا على التنوع الحيوي، وهو قبل ذلك إغتيال صريح لخيرات الأرض الأردنية الجمالية والطبيعية.

وتم  تتبع خطوات ومراحل فئة خارجة عن القانون، تمارس إغتيال ثروتنا الحرجية بدواعي الفقر، لكنها في حقيقة الأمر تبحث عن الربح المجزي، من خلال لصوصية جني المال الحرام، جراء تلك الممارسات المنحرفة التي تستخدم أدوات لذبح ملايين الأشجار المعمرة، مثل البلطات والفؤوس و"المناشير الكاتمة للصوت" وحرائق النيران، ، وتحويل آلاف الدونمات من الغابات التي كانت تكاد تتكلم من شدة بهائها وجمالها، إلى مساحات سوداء محروقة قاحلة..!

وللأسف.. يفجع الأردن يومياً بخسارة مئات الأشجار من الغابات، حيث يقول مختصون: إن حجم الدمار الذي أصاب غابات الأردن وحراجها في الفترة الأخيرة، لم تتعرض له منذ سنوات طويلة، ولا شك ان الهجوم على الغابات أيضاً من قبل بعض أصحاب النفوذ، وغيرهم عن طريق إشعال الحرائق، أو قطع الأشجار بقصد «كسر الأراضي»، وإستثمارها في بناء الفلل السياحية والقصور الفخمة!.. أو لإستثمار الأرض في الزراعة، بالإضافة إلى القطع أو التحطيب بقصد التدفئة، وهو الأكثر شيوعاً، فهناك من إمتهن قطع الحطب بقصد التجارة وإيجاد دخل، وهناك من يقطع الشجر للحصول على حطب سيعطي الدفء لأسر لا بديل لها عن الحطب لحماية أولادها من عواصف الشتاء، ولا سيما بعد ارتفاع أسعار المحروقات بشكل يصعب معه على الأغلبية تأمين حاجتهم من الوقود.

مافيا حقيقية

وبمنتهى الوضوح فإن «مافيا» تجارة الحطب تنشط في غابة الشهيد وصفي التل على إمتداد طريق جرش وفي غابات عجلون وثغرة عصفور وريمون وساكب وبرما ومنطقة جلعاد وبدر الجديدة ومنطقة بلال وأبو السوس وعراق الأمير ومناطق متعددة في محافظات البلقاء وإربد، يمارس أفرادها التحطيب في الغابات بإستخدام تقنيات حديثة تحول دون إكتشاف أمرهم من قبل طوافي ومفتشي وحراس الحراجات، حيث يقومون بقطع الأشجار بإستخدام «الجازور» وماتورات النشر الكاتمة للصوت، ورافعات خاصة في السيارات، بل وصلت ممارساتهم الى إضرام الحرائق المفتعلة، وبعد أن تقوم الأجهزة الرسمية بعمليات الإطفاء يعود ذات اللصوص لتحطيب الأشجار، حيث يقومون ببيع الحطب الى عدد من التجار في مناطق متعددة، الذين بدورهم يقومون ببيعه مجددا لأصحاب المنازل التي يتواجد فيها مواقد حطب، فيما يتم تحويل أنواع أخرى وخاصة حطب أشجار البلوط والسنديان الى فحم ليصار الى بيعه في مناطق عدة، مع الاشارة الى ان ما يشجع هؤلاء اللصوص على إقتراف إعتداءاتهم على الثروة الحرجية الإرتفاع الملحوظ في أسعار الحطب في الفترة الماضية، والطلب المتزايد عليه.

إتحاد المزارعين: قضية وطنية

وبهذا الخصوص، أشار مدير عام إتحاد المزارعين المهندس محمود العوران إلى أن الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية بحق المعتدين على الثروة الحرجية «غير كافية»، مطالبا بتشديد الرقابة على الأحراج، خصوصا في ضوء إنتهاج أساليب جديدة في التحطيب الجائر بإفتعال الحرائق في الغابات الحرجية.

واكد العوران لـ"الدستور" أن التحطيب الجائر أصبح قضية وطنية تتطلب تضافر الجهود من قبل كافة الوزارات المعنية ومديرية الأمن العام ممثلة بالشرطة البيئية والحكام الإداريين، مشيرا إلى ان مواجهة هذه الظاهرة تتطلب إلى جانب تكثيف الرقابة، تغييب الوساطة والمصالح الشخصية وتطبيق القانون.

وبين العوران ان الأشجار في المملكة تعد مصدرا مهما لدخل عدد كبير من السكان بخاصة للطبقات الفقيرة والعمال غير المهرة ولبعض العمال المهرة حيث يعمل أكثر من عشرة آلاف عامل وحارس بصورة دائمة في نشاطات الغابات المختلفة كالمشاتل والتشجير والحماية والإستثمار والمراعي.

«الزراعة» تحذر

أمام ذلك حذر مصدر مسؤول في وزارة الزراعة، من عمليات التحطيب الجائر والإغتيال الصارخ لخيرات الأردن الجمالية والطبيعية، لافتا ان مديرية الحراج بكافة أجهزتها تعمل على مدار الساعة من خلال مشروع حماية الغابات، الذي يشتمل على أبراج ومحطات حرجية تبلغ أكثر من 60 محطة، إضافة إلى الطوافين والدوريات الراجلة لحماية الثروة الحرجية، ومع ذلك فهناك تعد عليها تصعب السيطرة عليه في ظل محدودية عدد الطوافين.

وقال لـ"الدستور" ان الوزارة وبالتعاون مع الجهات المختصة، لن تتهاون في التعامل مع أي شخص أو جهة، تقبل على قطع الأشجار في صورة مخالفة، مبينا انه تم إتخاذ إجراءات قانونية بحق عدد من الأشخاص تم ضبطهم أخيرا يقومون بتلك الأعمال.

خسارة عظيمة

وعلى صلة.. يقول الخبير البيئي الدكتور زيد احمد المحيسن، إن للغابات خدمات متعددة منها بيئية واقتصادية وطبية وجمالية وترفيهية وعلمية، ظاهرة قطع الأشجار تنتشر في مختلف المناطق الريفية، لافتا الى أن فقدان شجرة واحدة هو خسارة، ولكن يمكن تغطية المنطقة التي تعرضت للأذى خلال خمس سنوات من بعد زراعتها وتشجيرها قبل أن يسرع السكان المجاورون إلى إستثمار الأرض وزراعتها، وان هناك آراء علمية أقل تفاؤلاً تشير إلى أن الغابة تحتاج إلى أكثر من 15 عاماً لتجديد نفسها، وأن هناك مناطق تضررت تحتاج لأكثر من 50 عاماً لتعود كما كانت، وأن هناك غابات اختفت بأكملها بسبب الحرائق، وأن هناك أنواعاً من الأشجار المقطوعة، لا يمكن تعويضها، مثل شجرة البطم التاريخية التي طالها الاعتداء في مقبرة ياجوز القديمة، بجوار قبر الشاعر نمر العدوان قبل سنوات عديدة.

ويذكر أن قانون الزراعة ينص على ان الإعتداء على الأراضي الحرجية سواء بإزالة أو بتخريب علاماتها وأسيجتها الحدودية بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وبغرامة مقدارها 100 دينار، كما يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية قدرها 50 دينارا، عن كل شجرة أو شجيرة حرجية أتلفها الحريق، ويلزم بدفع تكاليف إطفاء الحريق.

kreshan35@yahoo.com