جفرا نيوز -
جفرا نيوز - النائب د. فايز بصبوص
لقد تطرقنا في الجزء الأول من هذه القراءة الى ان جلالة الملك تنبه باكرا الى التحولات في بناء الوعي الجمعي العربي وخاصة الشباب والمرأة والتي بدأت تعتمد على قرائتها للواقع انطلاقا من سهولة آلية التواصل مع مجتمعات اخرى فكان النظام السياسي الاردني وخاصة جلالة الملك يبحث عن اقصر واسهل الطرق بتوسيع دائرة المشاركة في صناعة القرار السياسي ولكنه قد تلمس ان الوصول للمشاركة السياسية يتطلب تمهيدا وتدرجا ينطلق اولا من ظاهرة العزوف المجتمعي عن المشاركة في اي نشاطات اجتماعية ورأى ان الوصول الى المشاركة السياسية تطلب تدعيم المشاركة الاجتماعية اولا ولذلك بدأت الحكومات المتعاقبة وفي ظل توجهات دقيقة لجلالة الملك باعتماد اجندات وطنية توسع المشاركة الاجتماعية اي دعم المبادرات المجتمعية واطلاق مبادرات رسمية تستهدف اولا واخرا المشاركة الاجتماعية ولذلك اطلقت منذ عقدين كثيرا من تلك المؤسسات والمبادرات ومنها اولي العزم وكلنا الاردن والاردن اولا كل ذلك اضافة الى تدعيم المبادرات شبة الرسمية والمجتمعية.
وقد ارتأى جلالة الملك بأن توسيع مساحة العمل الخيري والتطوعي وخاصة دعم وماسسة الجمعيات الخيرية والثقافية والوطنية وصولا الى اعطاء مساحة اوسع من الحرية في تشكيل التجمعات الهادفة الى اطار اوسع من المشاركة المجتمعية، وهو ما لاحظه كل مراقبين المجتمعيين ان الجمعيات لعبت دورا اساسيا في تطوير هدف المشاركة الاجتماعية عندما ربط جلالة بين ظاهرة العزوف المجتمعي والعزوف السياسي، وان فك شيفرة العزوف يكمن في ان يتلمس المواطن الاردني وخاصة قطاع المرأه والشباب من خلال التجربة الاجتماعية الناجحة وتخفيف الرقابة على مخرجات واليات عمل هذه المؤسسات مركزا جلالته من خلال توجيهاته للحكومات المتعاقبة حول اهمية انخراط تلك الجمعيات والمؤسسات في تبيان وتوضيح اهم الاحتياجات الاجتماعية من خلال دليل احتياجاتهم تقدمه هذه المؤسسات الى الحكومات وهو ما جعل قيادة النخبة المجتمعية ان تشارك بشكل اوسع من خلال علاقاتها الجديدة في القرارات التي تحددها منظومة الاحتياجات في مؤسسات الادارات المحلية كل على حدا.
من هنا انبثقت فكرة اللامركزية كونها جاءت ليس اقتراحا فوقيا من النظام السياسي الاردني انما كتطور موضوعي للمؤسسات المجتمعية والمدنية ومؤسسات المجتمع المدني والمبادرات المجتمعية والفردية كل ذلك كان يستوجب ماسسة حقيقية في ذلك التطور الملحوظ وهنا اود ان اسجل ان ذلك التدرج والربط الاستراتيجي بين منظومة الاحتياجات المباشرة والشعبية وسرعة الاستجابة الوطنية وتطور المسؤولية المجتمعية هو الذي اوجب هذا القانون قانون الادارات المحلية وقد فاجىء هذا التطور كل المراقبين في المنطقة ان هذه الاستراتيجية الملكية في ماسسة القضايا المطلبية والمعاشية من خلال توسيع دائرة المشاركة المجتمعية هو الحل الامثل لعدم الزج بين المطالب المعاشية والسياسية.
ان ذلك الذكاء في التدرج من ادنى الى اعلى في استهداف الوعي المجتمعي قد مهد الطريق بكل وضوح الى اجراءات جديدة ومهمات لكل الحكومات المتعاقبة بانه ان الاوان الى البدء في استهداف الوعي السياسي وتوسيع دائرة المشاركة ليس في القرارات المعاشية فحسب وانما في القرارات ذات الابعاد الاستراتيجية اي في القرار السياسي.
وهذا ما سنستهدفه في المقالات القادمة والتي ارتكزت على تعديلات دستورية السابقة وتطوير قانون الاتنخاب وتوسيع دائرة الاحزاب السياسية وتخفيف من الاليات التقليدية التي كانت متبعه في التعامل مع المؤسسات ذات الابعاد السياسية.