جفرا نيوز - أ. د. ليث كمال نصراوين*
حدد مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب شهر آذار القادم موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة عمان، حيث ستُجرى هذه الانتخابات لأول مرة بموجب قوانين جديدة هي قانون الإدارة المحلية وقانون أمانة عمان الكبرى، بعد أن جرى إلغاء كل من قانوني البلديات واللامركزية.
وتستمد الهيئة المستقلة للانتخاب صلاحياتها في إدارة الانتخابات المحلية والإشراف عليها من المادة (67/2) من الدستور التي جرى تعديلها في عام 2014، حيث أصبح الاختصاص الدستوري الأصيل للهيئة يتمثل في إجراء الانتخابات النيابية والبلدية وفق أحكام القانون. وتعتبر الهيئة المستقلة للانتخاب جهة تنفيذية محضة تقوم بوضع التعليمات اللازمة لتنفيذ النصوص القانونية المتعلقة بإجراء الانتخابات كما وردت في قوانينها الخاصة.
ويبقى اللافت للنظر الآلية التشريعية التي عالج فيها قانون الإدارة المحلية وقانون أمانة عمان عملية إجراء انتخابات المجالس البلدية والمحافظات ومجلس أمانة عمان. فقد خلا قانون الإدارة المحلية الجديد من أي أحكام تنظيمية تتعلق بكيفية إجراء الانتخابات وبيان مراحلها الأساسية، مكتفيا بالإحالة الصريحة في المادة (36) منه إلى الهيئة المستقلة للانتخاب لكي تدير العملية الانتخابية لمجالس المحافظات والمجالس البلدية في جميع مراحلها ووفقا لأحكام قانونها الخاص بها.
ولهذه الغاية، منح قانون الإدارة المحلية مجلس مفوضي الهيئة المستقلة سلطة إجراء الانتخابات والتي تشمل إعداد الموازنة الخاصة بالعملية الانتخابية ورفعها لمجلس الوزراء لإقرارها، وإقرار الجداول الزمنية لعملية إعداد جداول الناخبين وآلية الاعتراض على هذه الجداول والمدد الزمنية اللازمة لذلك وكيفية الفصل في الطلبات والاعتراضات المقدمة، وأسس الدعاية الانتخابية، وإجراءات الاقتراع والفرز وتحديد أوراق الاقتراع الصحيحة وحالات بطلانها أو إلغائها، وذلك دون ذكر أي إشارة لها في صلب القانون.
ولم يختلف قانون مجلس أمانة عمان الجديد في نهجه التشريعي المتبع عن قانون الإدارة المحلية فيما يخص إجراء انتخابات مجلس الأمانة. فهو قد أعطى مجلس الوزراء في المادة (4) منه الحق في إصدار نظام خاص يحدد عدد الأعضاء في مجلس الأمانة وشروط المعينين منهم وفئاتهم، وإجراءات الترشح والانتخاب لعضوية المجلس والطعون الانتخابية. وقد صدر لهذه الغاية نظام الانتخابات والطعون الانتخابية لمجلس أمانة عمان رقم (104) لسنة 2021 الذي تضمن نصوصا تتعلق بكيفية إجراء الانتخابات من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب، وآلية الطعن في نتائجها وإلغائها، والمحكمة المختصة بذلك، بالإضافة إلى المدد الزمنية المتعلقة بالفصل في دعاوى الطعن بنتائج الانتخابات.
إن القوانين الجديدة تختلف في أسلوبها التشريعي عما كان عليه الوضع في القوانين السابقة وقانون الانتخاب الحالي، حيث يتم تضمين القوانين الخاصة نصوصا تشريعية عامة ترسم ملامح كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية، ليتم بعدها الإحالة إلى الهيئة المستقلة للانتخاب لكي تصدر تعليمات تنفيذية تتوسع فيها في تفسير وتوضيح هذه الأحكام القانونية. في المقابل، افتقرت قوانين الإدارة المحلية وأمانة عمان للقواعد العامة المتعلقة بإجراء الانتخابات المحلية ضمن نصوصها التشريعية، وجرى الاكتفاء بالإحالة إلى الهيئة المستقلة للانتخاب لكي تصدر تعليمات خاصة بإجراء انتخابات المجالس البلدية ومجالس المحافظات، والإحالة إلى نظام خاص يصدره مجلس الوزراء لغايات إجراء انتخابات مجلس أمانة عمان.
إن الأحكام القانونية الخاصة بآلية الطعن بنتائج الانتخابات والمحكمة المختصة بالفصل فيها والآثار القانونية المترتبة على قبول الاعتراضات يجب أن يتم تضمينها صلب القوانين ذات الصلة، لا أن يتم تنظيمها في تعليمات وأنظمة تنفيذية يصدرها مجلس الوزراء.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية