*أبو حمور:لا بد أن تتوفر رؤية توضح كيفية المساهمة المالية العامة عبر أدواتها المختلفة
*ملحس: يجب التركيز على تخفيض حجم النفقات الجارية ورفع نسبة الاعتماد على الذات
جفرا نيوز - تقرير: موسى العجارمة
دون أية فروقات تذكر عن عام 2021، هاهو السيناريو يعود مجدداً وكأن الفرضيات باتت كما هي وسط ظروف متشابهة وأوضاع شكلت تؤامة لمراحل رسمت ملامحها في بوتقة الإعسار والدين والظروف المريرة التي فرضتها جائحة كورونا العالمية، لتكون موازنة 2022 مثل نظيرتها السابقة التي وصفت بالأصعب على المدار العقدين الأخيرين لتشكل حالة جدل غريبة من نوعها، لطالما الخطوات باتت محدودة والحلول ضيقة، والحاجة الماسة اليوم تتمثل بالخروج من عنق الزجاجة الذي قض مضاجع الأردنيين وكبح جماح أوضاعهم المالية، ليكون سؤالهم اليوم: "هل تخفّض الحكومة نفقاتها في الموازنة المقبلة للتخفيف على جيبونا؟".
بعيدًا عن النظرة التشاؤمية التي امتزجت مع شاكلة الظروف الراهنة، تساؤلات عديدة بالخط العريض فرضتها المرحلة الحالية، وسط قناعة العديد من الخبراء الاقتصاديين ووزراء مالية سابقين بأن تحديات الموازنة صعبة في ضوء الالتزامات الكثيرة على الحكومة مع صندوق النقد الدولي والتي منها توسيع الوعاء الضريبي من خلال معالجة التهرب الضريبي وسد الثغرات، لاسيما أن المديونية إحدى المعضلات المزمنة التي لا بد ايلائها أهمية في ظل الظروف الراهنة، خاصة وأن هناك بوادر موجة تضخيمية في العديد من الاقتصادات العالمية، مع توقعات ارتفاع المديونية بالتزامن مع ضغوطات البنك الدولي.
*ملحس: يجب التركيز على دعم وتعزيز النمو الاقتصادي
وزير المالية الأسبق عمر ملحس يقدم توصياته للحكومة بما يخص الموازنة العامة لسنة 2022، مشدداً على ضرورة التركيز على دعم وتعزيز النمو الاقتصادي وتخفيض حجم النفقات الجارية ورفع نسبة الاعتماد على الذات (نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية) وتخفيض عجز الموازنة للحكومة المركزية والمؤسسات الحكومية المستقلة وكبح جماح نمو اجمالي الدين، لافتاً إلى أن هناك حاجة ماسة لتخفيض الدين العام من خلال الإدارة النشطة لمركز الخزينة المالي.
ويعتقد ملحس أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز" أن تحديات الموازنة صعبة في ضوء التزامات كثيرة على الحكومة مع صندوق النقد الدولي والتي منها توسيع الوعاء الضريبي من خلال معالجة التهرب الضريبي وسد الثغرات الضريبية، وإقرار قانون يوحد الإدارة الضريبية والجمركية في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تحت مظلة دائرة ضريبة الدخل والمبيعات والجمارك الأردنية (هنا المقصود الحكومة المركزية وبمعنى أن سلة العقبة ستفقد سيطرتها على هذا الجانب نهائياً)، وإدراج قواعد مكان فرض الضريبة ضمن قانون الضريبة العامة على المبيعات، وتوحيد وتعزيز حوكمة الحوافز والتي منها المعطاة لتشجيع الاستثمار. وكذلك التزمت الحكومة على إعادة النظر في التعرفة الكهربائية والتي من المتوقع أن تزداد على شريحة كبيرة من المواطنين.
*أبو حمور: أتوقع الحكومة أعدت الموازنة
وزير المالية الأسبق د. محمد أبو حمور، يتوقع أن الحكومة قد أعدت الموازنة العامة لعام 2022 بشكل شبه نهائي باعتبار أنه لم يتبقَ إلا بضعة أيام لحلول الاستحقاق الدستوري الذي يفرض على الحكومة أن تقدم الموازنة لمجلس الامة قبل شهر من نهاية السنة المالية، ومن المهم أن ندرك بأن الموازنة العامة تعاني من اختلالات مزمنة أهمها عدم المورونة؛ لأن النسبة الغالبة تخصص للإنفاق الجاري مثل:(الرواتب والتعويضات ونفقات التقاعد وخدمة المديونية)، وهذا يعني أن المخصصات المتاحة لغايات الإنفاق الرأسمالي محدودة بالرغم من أن هذا الإنفاق هو الذي يحمل في طياته أثراً إيجابياً على تسريع النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل.
ويقول أبو حمور لـ"جفرا نيوز" إنه خلال العامين الماضيين عانت المملكة، كما حدث في مختلف دول العالم، ومن الآثار الكارثية التي ترتبت على جائحة كورونا، ولا زال جزء من هذه الآثار يلقى بظلاله على الاوضاع الاقتصادية، ولذلك فإن السعي لإتخاذ إجراءات محددة وواضحة للمساعدة على التعافي الاقتصادي يعتبر أولوية وضرورة وهذا ما أكد عليه خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة العادية لمجلس الامة قبل بضعة أيام، لذلك لا بد ان تتوفر رؤية حول كيفية المساهمة المالية العامة عبر أدواتها المختلفة بما فيها الموازنة العامة في تسريع التعافي ومواصلة العمل للتعامل مع تداعيات الجائحة ومنها النفقات الطارئة التي قد تترتب على ذلك اضافة لتوفير الموارد المالية اللازمة لدعم المواطنين المستفيدين من صندوق المعونة الوطنية بما في ذلك امكانية دخول فئات جديدة تحتاج الى الدعم، ومن الضرورة بمكان ان يتم ايلاء الانفاق الرأسمالي ما يستحقه من أهتمام.
ويشدد على ضرورة التركيز على المشاريع النوعية التي تتصف بجدواها الاقتصادية وأثرها المباشر على حياة المواطنين، وفي هذا الاطار لا بد من التذكير بمشاريع الشراكة وضرورة السير قدماً للمباشرة في تنفيذها اضافة الى العمل الجدي على تهيئة البيئة المحفزة والجاذبة للأستمارات وهي محاور أساسية أشار لها خطاب العرش السامي.
"لا شك بان الظروف الحالية ليست سهلة والتحديات التي تواجه المملكة ليست وليدة اللحظة فنحن كنا نعاني العديد من المصاعب والتحديات التي عمقتها جائحة كورونا ولكن هذا لا يعني عدم القدرة على الفعل والتأثير وتحسين الاوضاع والموازنة العامة التي تمثل خطة اقتصادية ومالية للسنة القادمة يمكن ان عاملاً مؤثراً وفاعلاً في العمل على تسريع التعافي ومواجهة التحديات التي نعاني منها بشرط ان نعمل على توجيه الانفاق للاولويات وبما يحسن المفاصل الاساسية للأقتصاد الوطني ويفتح الباب واسعاً أمام القطاع الخاص للقيام بدور ريادي في تحفيز النمو وتوسيع الاستثمار والمباشرة في تنفيذ مشاريع جديدة تنعكس ايجاباً على توليد مزيد من فرص العمل وتخفيض نسب الفقر". وفق أبو حمور.
ويختم أبو حمور حديثه لـ"جفرا نيوز" أن المديونية إحدى المعضلات المزمنة التي لا بد ايلائها اهمية خاصة في الظروف الراهنة خاصة وأن هناك بوادر موجة تضخيمية في العديد من الاقتصادات العالمية، ما يعني صعوبة الحصول على قروض ميسرة أو ارتفاع نسب الفائدة في حال التمكن من الحصول على قروض جديدة، وهذا يفرض على الحكومة ان تحاول تقليص العجز في الموازنة وذلك لتجنب أي اشكالات قد تظهر مستقبلاً، مع التأكيد أيضاً على ضرورة ان تكون المؤشرات التي بناءً عليها تم اعداد الموازنة موثوقة ومبنية على أسس علمية وموضوعية.
يذكر أن رئيس الوزراء بشر الخصاونة قال إن الموازنة العامة لسنة 2021 هي الأصعب والأعقد في تاريخ المملكة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها جائجة كورونا، وسط تأكيده على حرص الحكومة ببناء العلاقات التشاركية بالفعل والقول والتقرير لقيادة زمام الأمور، وإعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة من جديد، كبادرة تفاؤلية ودرءًا للتشاؤم في ظل الأجواء والظروف الراهنة التي فرضتها جائحة كورونا.
وقال وزير المالية محمد العسعس آنذاك، بأن تراجع حجم التجارة الخارجية أدت إلى انتكاسه كبيرة في ضوء التأثير السلبي للجائحة على اقتصادات الدول المشغلة للعمالة الأردنية، موضحاً بشكل علني ودقيق أن تخفيض عجز الموازنة بشكل آني سيترتب عليه تضحيات واسعة تتمثل برفع الضرائب والرسوم، أو التوقف عن الوفاء بالالتزامات الحكومية الداخلية والخارجية، ليشكل رد العسعس الصورة المكلمة للخصاونة لإطلاع المواطن الأردني على واقع الحال دون زيادة أو نقصان.