النسخة الكاملة

القصة والأسباب الحقيقية وراء جفاف سد الوالة وكيف تدخل الخبراء الأردنيون لتدارك إنهياره؟ وديون بالملايين على وزارة المياه

الخميس-2021-11-12 09:14 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تحقيق الصحفية رانيا عثمان النمر 

كان الأردنيون على موعد مع فاجعة كبرى تتجاوز في حجمها كارثة البحر الميت، والهجمات الأرهابية على فنادق عمان. 

 كاد  تسونامي يهدد حياتهم ويزهق أرواحهم، ويودي بممتلكاتهم الخاصة والعامة، ويجرف ويحطم الأخضر واليابس بحسب تقارير تفيد بكارثة انهيار سد الوالة. 

بداية القصة وحقائق بيئية:

نعلم جميعا بأن المملكة الأردنية الهاشمية من أفقر دول العالم بالمياه، ومن أقل الدول في حصة الفرد من المياه، كما نعلم أن تذبذب كميات الهطول المطري بين الوفرة والقلة هي سمة تحدث من موسم الى آخر، بالإضافة لزيادة النمو السكاني الطبيعي والهجرات القسرية وأزمات اللجوء، وعليه تمت إستجابة الدولة الأردنية لهذه التحديات عبر حكومات متعاقبة  من خلال تنفيذ مشاريع مهمة مثل جر مياه الديسي، وبناء سدود، وعقد شراكات انمائية دولية خاصة مع الأمريكان من جهة، والألمان من جهة أخرى بمليارات الدولارات سواء منح أو قروض ميسرة حسب تصريحات بنك الأعمار الألماني بتاريخ 19 أيلول 2021(موثق).

تم إنشاء  سد الوالة  عام 2003 في محافظة مادبا بسعة تخزين 9 مليون متر مكعب، بكلفة تقدر بـ 23 مليون دينار أردني، ثم أتخذ قرار بتعليته عام   2017من أجل زيادة سعته التخزينية من المياه إلى حوالي 25 مليون متر مكعب،  وعليه وقعت حكومة المملكة الأردنية الهاشمية قبل أربعة أعوام  اتفاقية  " تنفيذ العطاء" ،  ممثلة بوزارة المياه وبحضور وزير البيئة وأمين عام سلطة وادي الأردن وكبار مسؤولي وزارة المياه، بكلفة حوالي 27 مليون دينار. 

شركات تنفيذ العطاء والرجل الغامض:

بغض النظرعن آليات طرح العطاءات الحكومية ومدى شفافيتها ونزاهتها،  تم توقيع اتفاقية " تنفيذ العطاء" مع إئتلاف شركة نيسباك الباكستانية مع اتحاد المستشارين الأردنية وهذا ليس سرا، ومعلن بوضوح من الجهات الرسمية ومنشور في بعض المواقع الأخبارية الأردنية، لكن السرهو إسم المقاول والذي يشار اليه في بعض المتابعات الصحفية بصفته (المقاول) دون ذكر تفاصيل عن حقيقة شخصيته وهناك حيثيات مبهمة حوله!!!

 ومن الجدير بالذكر أنه تم العديد من الزيارات الحكومية "التفقدية"  خلال مراحل بناء تعلية سد الوالة، ويبدو أن الوفود الحكومية كانت من غير المختصين، او قليلي الخبرة في موضوع هندسة وإدارة السدود.

تطورات الأحداث والتقاريرالمحلية والدولية : 

في عهد وزير المياه السابق الدكتور معتصم سعيدان في حكومة بشر الخصاونة، والذي استلم مهامه  من شهر تشرين أول 2020الى السادس من شهر آذار 2021،  خلال هذه الفترة  يبدو أن المشروع قد شارف على الإنتهاء،  وبناءا عليه أعلمت  "اللجنة الوطنية لسلامة السدود"  مع الوزير  د.معتصم سعيدان وهي (جهة تضم خبراء ومهندسين ونقابيين ذات صفة تشاورية مشكلة بقرار مجلس اوزراء) لإطلاعه على أمرهام، وهو أن تعلية سد الوالة تصميما وتنفيذا "غير آمن"  حسب علم  هندسة السدود وحسب علم السلامة العامة  يصنف أنه خطير وبه تشققات وتريحات في جسم السد. وصل الموضوع إلى مجلس السياسات، حيث تم الأتفاق بتشكيل خلية أزمة في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، كما تم الطلب من وزير المياه  بضرورة الحصول  على رأي ثاني وهو رأي الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، والتي أفادت بنفس الرأي الفني والتقني وهو أن التصميم جرئ بمعنى "خطير" وغير آمن، ولقطع الشك باليقين تم الأتفاق بين كافة الجهات المعنية بالإسترشاد برأي ثالث على ان يكون "مختص عالمي"، وتم التوافق بعد البحث على خبير نمساوي وتواصل معه خبيرألماني من الوكالة الألمانية للانماء مكتب الأردن، حيث انهما يتكلمان نفس اللغة وهي الألمانية، وتم التقييم  بناءا على المخططات الهندسية حسب وثائق العطاء  التي تم تزويده بها  وتم ايضا تزويدة بفيديوهات  عبر شبكة الأنترنت تظهر التشققات والتريحات ( حيث تعذر السفر بسبب جائحة كورونا  نهاية عام 2020 وبداية عام 2021) والذي خلص تقريره الى نفس النتيجة الكارثية. 
وبعدما ثبت أن" الفاس وقعت في الراس" كان لا بد من التصرف، وتدارك الخطر القادم والمتمثل باحتمال كبيرلانهيار السد في حال هطلت أمطار غزيرة لا تتناسب مع عيب تصميم وتنفيذ التعلية.

ما هي الخطورة وأين تكمن ؟ وما هو الحل المؤقت للسيطرة؟ 

بناء على فهم ومتابعة الوزير الدكتور معتصم سعيدان لخطورة الموقف، وبناء على تقرير اللجنة الوطنية لسلامة السدود، وتقريرالخبيران المحايدان النمساوي والألماني كانت المعادلة الرياضية الهندسية الكمية كالتالي :

في حال هطول أكثرمن  مليون متر مكعب لكل 24 ساعة زيادة عن سعتة الأصلية  وهي حوالي 9 مليون متر مكعب، سوف  ينهار السد بسبب عيب تصميم وتنفيذ التعلية، وعليه وحسب الأرصاد الجوية وبالتعاون مع طقس العرب تم التنبؤ بهطول مطري ودخول عبر الوديان  في شهر شباط 2021 بحوالي 3 الى 4 مليون متر مكعب خلال المنخفض، فعليا   دخلت هذه الكميات خلال 10 ساعات فقط، وتداركا للكارثة  المحتملة وبالتنسيق مع كافة الجهات في الدولة الأردنية،  اتخذ قرار تفريغ جزء من  السد اضطراريا والذي كان يحتوي على 7 مليون متر مكعب قبل المنخفض، وقد تم ذلك بخير وسلامة وبجهود جبارة، وتم تلافي الكارثة بحمد الله.

من هنا ندرك أهمية العمل المؤسسي وصنع القرار بشكل عمودي وصولا الى وزير المياه

ملأت أخبار تفريغ  جزء من سد الوالة الإعلام الرسمي والرقمي في شباط 2021، دونما معرفة السبب الحقيقي والذي تم الإشارة له  بكلمة "ضرورات" أو" اجراءات احترازية" . ربما لم يستطع الوزيرد.معتصم السعيدان وقتها الأفصاح أكثر بسبب ضغوط أو حساسية المرحلة،  وفوق ذلك بدل ما يتم تكريمه هو وباقي فريق العمل الكبير من الأردنيين من الجهات المعنية،  تعرض لحملة تشويه صارخة وممنهجة بحجة أنه  أختلف مع المديريات،  علما ان الخلاف كان على وقت التفريغ وليس قرار التفريغ ( مراسلات مرفقة ) وانه  أهدرحوالي مليون متر مكعب من مياه السد، في محاولة للتعتيم عن أولا: الفساد المالي والإداري في تصميم وتنفيذ مشروع تعلية سد الوالة، وثانيا للتغطية على سوء إدارة السدود من قبل الجهة المعنية.
أذن هذا هو السبب الحقيقي الأول وراء جفاف سد الوالة 
 تنبه ديوان المحاسبة مشكورا: 

وكإضافة لمصداقية هذا التحقيق،  استشهد بتقرير ديوان المحاسبة  لشبهة الفساد عبراستيضاحات من رئيس ديوان المحاسبة عاصم حداد مقدمة لوزارة المياه والري اعلنها عبر الأعلام من خلال رصده  للمخالفات  التالية ( التقرير الأصلي مرفق):  

عدم قيام المقاول المنفذ للعطاء بتنفيذ التعديلات الجديدة المطلوبة بما يتعلق بالسد.

عدم تنفيذ توصيات اللجنة الوطنية للسدود التي جاءت بناء على رأي الخبير الفني وفقاً لمبادئ إدارة المخاطر.

أسباب زيادة قيمة العطاء بنسبة 25%.

عدم تعديل الأخطاء في قيمة الدفعات السابقة للعطاء.

علما أن نفس الشركة تقوم حاليا بصيانة وتوسعة سد آخر!!!

السبب  الثاني:

خلال فترة الصيف 2021 (بالأضافة  لعامل التبخر الطبيعي)  تم الضخ الجائر و "مضاعفة التدفق" من سد الوالة، بقرار"غير مدروس"  من وزارة المياه والري من أجل ري المزروعات. وتعلم الوزارة  تماما ومديريتها المختصة بالسدود، "وأمينتها العامة"  بأنه لا يجوز تحت أي ظرف زيادة الضخ عن الحد المسموح وإلا سيجف السد الأمر الذي حدث بالفعل، وأن الخط الأحمر الذي لا يجب النزول عنه  هو 4 مليون متر مكعب ، مع ذلك خرجت وصرحت في الأعلام الرسمي تارة، ومن خلال مؤتمر صحفي تارة أخرى،  أن سبب الجفاف هو "عوامل طبيعية" وانخفاض الهطول المطري خلال الشتاء الماضي، كما وصرح غيرها من المسؤولين  في سلطة وادي الأردن أن الحل الوحيد هو الدعاء والصلاة  !!!

السبب الثالث:

سوء إدارة السدود إجمالا، بالإضافة  إلى خلل في عمليات تهيئة السد من بوابات ومخارج وصيانتها،  وتنظيفها من الطمي والعوالق والرواسب قدر المستطاع خلال الفترة الزمنية المخصصة من السنة، وذلك بهدف استقبال مياه نظيفة وصالحة للاستخدامات المختلفة، ومن أجل الحفاظ على سعته التخزينية وذلك بإزالة الطين والطمي والحيلولة دون تراكمه على حساب المياه الصافية. 

وديون بالملايين على وزارة المياه رغم المنح والقروض الميسرة المليارية :

وضمن خطة صيف مائي آمن لمياه الشرب، ظهرت أزمة مياه شرب خانقة في الصيف الماضي، كان لابد للوزارة من التصرف كخطة بديلة  وتزويد المواطنين بمياه شرب عبر شراء الوزارة  للمياه ثم تزويد المواطنين بسبب إخلالها بواجباتها ومسؤولياتها  دون أي تكلفة يتحملها المواطن لكنها لم تقوم بهذا الخيار بسبب ديون الوزارة على شركة الديسي 

من هنا يبرزاستفهام منطقي، أين تذهب أموال المنح والقروض الميسرة التي تحصل عليها وزارة المياه والري/ سلطة وادي الأردن،  والتي تقدر بحوالي المليار يورو حسب تصريحات بنك الإعمار الألماني لعامي 2020و2021( مرفق)
 
وكخلاصة أتساءل ماذا كان سيحصل  لو هطلت أمطارغزيرة في شهرآذار أبو الزلازل والأمطار حسب المقولة الشعبية  أو في شهرنيسان،  حيث أن عملية تسيل أو تفريغ السد المتكرر ليس بالأمر السهل، وله مخاطر ايضا،  ولا يؤتي أكله دائما لأسباب تتعلق بتشبع التربة وغيرها من الأسباب العلمية،  وكأن الجفاف وانخفاض الهطول المطري الماضي كان رحمة ونعمة إلهية  تلافيا لانهيارالسد ولكشف شبهة فسادهم ، وليس نقمة حسب تصريحات المعنيين!!!!

بقلم الصحفية 
رانيا عثمان النمر