جفرا نيوز- بعد انتهاء السيناريست مصطفى صالح من كتابة مسلسله الجديد "شارع طلال” الذي يؤرّخ لحقبة مهمة من التاريخ الأردني الحديث في خمسينات القرن الماضي، بدأت مجموعة المركز العربي الإعلامية التحضير لإنتاج العمل الذي يعدّ الأضخم على الساحة الفنية الأردنية والمزمع عرضه انطلاقا من الموسم الرمضاني القادم.
والمسلسل يعرض تطوّر الحياة في مدينة عمّان منذ عقد الخمسينات والتقدّم الاجتماعي والعمراني لبيئتها وسكانها، عبر رواية تتشكّل أحداثها ومشاهدها في منطقة رأس العين وشارع طلال.
ويقوم الخط الرئيس للحكاية على التحوّلات الاجتماعية بما تتضمّنه من أحداث ومشاهد مشوّقة من الحياة اليومية لسكان شارع طلال في ذلك الزمن، حيث تبرز الهوية الثقافية للمدينة من خلال حكايات العديد من العائلات العمّانية وبعضا من مكوّنات وشرائح المجتمع الأردني.
مسلسل "شارع طلال" يشارك فيه نخبة من الفنانين الأردنيين والعرب في تسعة مواسم، ويتكوّن كل موسم من عشر حلقات
ويقدّم "شارع طلال” ملحمة شعبية تنطلق أحداثها في العام 1953 بتولي الملك الراحل الحسين بن طلال سلطاته الدستورية، وتنتهي بوفاته في العام 1999.
ويتناول المسلسل تطوّر مدينة عمّان من الجانبين الاجتماعي والاقتصادي عبر شخصيات من جنسيات عربية مختلفة عاشت في المدينة، وأسهمت في عمرانها وتطوّرها.
وتعدّ "رأس العين” بدء التشكّل الحقيقي للعاصمة الأردنية عمّان في عشرينات القرن الماضي، إذ وفد إليها المهاجرون الشركس والشيشان والتجار الشاميون، وتسكنها كذلك عشائر كبرى وهم بلقاوية عمّان.
فما يُعتبر "شارع الملك طلال”، والذي يطلق عليه الناس اختصارا "شارع طلال”، من أعرق شوارع الأردن والعاصمة عمّان، ففيه بدأت عمّان (المدينة والعاصمة)، وإليه توافدت الملايين من الناس من فلسطين والشام، فبرزت مكوّنات المجتمع الأردني في المدينة التي فتحت ذراعيها لكل لاجئ وباحث عن الأمان والاستقرار.
وعرف الشارع قديما باحتوائه للعديد من دكاكين الأقمشة والبقالة ومحلات الحرفيين من صاغة الفضة الشركس. وكان يقع في المداخل المؤدية إلى هذا الشارع سوق الحلال والمصبغة وسينما النصر (1928) والمنشية الصغيرة، وسينما البتراء (1934) وبجانبها المنشية الكبيرة والمطاحن.
واليوم بعد تجديد هذا الشارع في مطالع الخمسينات من القرن العشرين وامتداد المباني إلى جسر المهاجرين، يعتبر شارع الملك طلال من أطول شوارع عمّان وأكثرها ازدحاما بالمشاة والسيارات، وهو في حركة دائبة طوال النهار، حيث تمتدّ وتتفرّع الشوارع بضجيج أسواقها الرئيسية وعبق الماضي أين يحضر التاريخ بقوّة مقلّبا صفحات المدينة التي تحيط بها الجبال.
شارع طلال بتاريخه وحركته الدائمة أغوى السيناريست مصطفى صالح، وهو ابن عمّان القديمة، لكتابة مسلسلة التلفزيوني الذي يحمل العنوان ذاته، والذي عنه يقول "لقد عاصرت تطوّر مدينة عمّان منذ الصغر، خطوة بخطوة ويوما بيوم، فعمّان مدينة مظلومة! فقد احتضنت موجات عديدة من المُهاجرين وقدّمت لهم كل ما تستطيع أن تقدّمه إلى أبنائها، دون انتظار المقابل ومن حقّها علينا أن نبرز هذا الدور للأجيال القادمة والتاريخ”.
ويضيف كاتب "عيون عليا” و”راس غليص” وغيرها من الأعمال التلفزيونية الأردنية الناجحة "مسلسل ‘شارع طلال’ يبدأ من يوم تتويج الملك الراحل الحسين بن طلال والجلوس على العرش عام 1953 وحتى العام 1958، ثم الجزء الثاني يمتدّ من عام 1958 وحتى هزيمة عام 1967، أما الجزء الثالث فتنطلق أحداثة مع النكسة وحتى بداية الألفية الثالثة، مع مراعاة تعاقب الأجيال وتطوّر العاصمة”.
وعن تاريخ "شارع طلال” كما عاشه وعاصره صالح، يقول "كانت عمّان مدينة صغيرة محدودة الملامح والأطراف، لكنها عامرة بالشخصيات والحكايات”.
المسلسل يعرض تطوّر الحياة في العاصمة الأردنية عمّان عبر شخصيات من جنسيات عربية مختلفة عاشت في المدينة
ويستذكر السيناريست الأردني أبرز الشخصيات التي كانت معروفه في "شارع طلال” مثل "الشيخ محمد” الذي يٌقال إنه كان عالما وقاده علمه إلى الجنون، كذلك شخصية "فليّح” الغرائبية، والذي يقال عنه إنه خرج من قبره مصابا بالخرس، بعد أن خيّل لأهله أنه قد مات، فتمّ دفنه. وكان الناس يرونه وهو يتجوّل في الشارع يرشّ العطر على بدنه غير مصدّق أنه خرج من القبر.
ونجد أيضا "العقيليين” وهم تجار كانوا يأتون من الحجاز ويبيعون الماشية، ومنهم من استقر في عمّان وأنشأوا مسجدا في رأس العين سُمّي بمسجد العقيليين، وكل هؤلاء وغيرهم استوحى منهم صالح شخصيات عمله الدرامي المرتقب.
ويأتي العمل الدرامي التاريخي الضخم "شارع طلال” الذي سيشارك فيه نخبة من الفنانين الأردنيين والعرب في تسعة مواسم، يتكوّن كل موسم من عشر حلقات، وذلك ضمن خطة مجموعة المركز العربي الإعلامية التي ستركّز على تعدّد المواسم لإنتاج المسلسلات بأسلوب عصري يتلاءم مع عادات المشاهدة عربيا وعالميا، سواء أكانت هذه المشاهدة على المنصات الرقمية أو شاشات التلفزيون التقليدية من حيث ميزات عديدة ستحقّق الترفيه والتشويق للمتابع لهذه الأعمال المتنوّعة التي ستقدّمها المجموعة للجمهور العربي.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة المركز العربي الإعلامية المنتج طلال العواملة، إن مدينة عمّان كانت وما تزال حاضنة لأبنائها الأردنيين وإخوتهم من العرب، وكانت شاهدة في بيئتها وعمرانها على تطوّر الأردن اجتماعيا واقتصاديا، إذ كانت عمّان مثالا للانفتاح على الثقافات بمختلف أصولها، ما يجعل من الضروري في زمننا الحالي تقديم عمل درامي يليق بتاريخ عاصمة الأردن وبنهوضها، كونها مثالا يحتذى، من خلال قصص انتصار أبنائها لقيم الحق والخير.
وأنتجت المجموعة التي أسّسها المنتج الراحل عدنان العواملة في العام 1983 العديد من الأعمال التلفزيونية تنوّعت بين المسلسلات والأفلام التاريخية والاجتماعية والبدوية أثرت الشاشات العربية، من أبرزها مسلسل "الاجتياح” الفائز بجائزة "الإيمي” العالمية عام 2008، والعديد من الأعمال التي حصدت جوائز وتكريمات في مهرجانات عربية وفي مقدمتها "الحجاج”، "أبوجعفر المنصور”، "الأمين والمأمون”، "مالك بن الريب”، "سلطانة”، "شهرزاد”، "نمر بن العدوان” و”عودة أبوتايه”.
العرب اللندنية.