جفرا نيوز -
جفرا نيوز -المهندس عادل بصبوص
وأخيراً وبعد عقدين من الزمن يتم إسدال الستار على برنامج تعزيز الإنتاجية الإقتصادية والإجتماعية، الذي أطلقته وزارة التخطيط والتعاون الدولي مطلع عام 2002 بهدف "زيادة إنتاجية الفئات المستهدفة من المواطنين وتحسين ظروف معيشتهم في مجتمعاتهم المحلية وفي مناطق إقامتهم وذلك من خلال تشجيع تأسيس مشاريع صغيرة تخلق فرص عمل مستدامة" خلفاً لبرنامج حزمة الأمان الأجتماعي الذي كان يسعى لتحقيق نفس الهدف وإن كان بمقاربة وأسلوب مختلف.
لقد سجل برنامج "التعزيز" سابقة بل سوابق عدة ليس على المستوى المحلي فقط بل الإقليمي وربما العالمي أيضاً، في طول مدة تنفيذه وفي حجم الموارد التي تم رصدها له وفي تنوع الأنشطة والمجالات التي عمل على تغطيتها، عشرون سنة متواصلة وموازنات سنوية ضخمة كثيراً ما تجاوزت العشرين مليون دينار، مبلغ كان يفوق مخصصات وزارات بأكملها، وأنشطة متنوعة غطت طيفاً واسعاً من المجالات والقطاعات بدءاً من مكافحة الفقر وتمويل المشاريع الصغيرة والميكروية إلى دعم الجمعيات الخيرية والتعاونية والأندية الرياضية والهيئات المحلية والبلديات، مروراً بأنشطة التدريب وبناء القدرات للأفراد والمنظمات وإنتهاءاً بمشاريع البنية التحتية المادية والإجتماعية والداعمة للإستثمار ومشاريع الإسكان، وبمرور الوقت أصبح البرنامج والوزارة الراعية له مقصداً لكل باحث عن تمويل خاصة من هيئات حكومية أو شبه حكومية، وغدا البرنامج مصدر قوة ونفوذ لوزارة التخطيط التي أطلقته وحرصت على بقائه واستمراره سنوات طوال، وحرصت في الوقت نفسه على حوكمته وضبط مساره بأسس ومعايير تحدد طبيعة ونوع المشاريع والأنشطة التي يتم تمويلها من البرنامج ومن يستفيد منها.
لقد كان إنخراط وزارة التخطيط في تنفيذ أو رعاية تنفيذ مشاريع وأنشطة وفعاليات بغض النظر عن طبيعتها أو نُبْلِ أهدافها، خروجاً عن طبيعة أهداف ومهام عملها التي ورثتها وآلت إليها من المجلس الأعلى للتخطيط، تلك المهام التي تنحصر في التخطيط والمتابعة والتقييم -ثم التعاون الدولي لاحقاً-، أما تنفيذ البرامج والمشاريع فهي مهمة الوزارات والمؤسسات والدوائر المتخصصة، لذا تعتبر خطوة إيقاف البرنامج وقد بلغ من الكبر عِتيّاً خطوة شجاعة وفي الإتجاه الصحيح، ونأمل أن لا يكون وقف البرنامج مقدمة لإطلاق برنامج تنفيذي مماثل بمسمى آخر ويافطة جديدة، أما مخصصات البرنامج فهي حصة المناطق والمجتمعات فالفقيرة، فيجب المحافظة عليها ورصدها في موازنات الجهات الأكثر تخصصاً وتفرغاً لمثل هذا النوع من الأنشطة والمشاريع.
يجب أن لا يمثل وقف البرنامج نهاية الحكاية، فثمة مهمة كبيرة يجب أن تتصدى لها وزارة التخطيط أو أية جهة معنية أخرى، فخلف المشاريع والأنشطة التي تكلفت عشرات الملايين من الدنانير قصص نجاحات ودروس فشل وإخفاق، وهذه بحد ذاتها ثروة كبيرة وكم هائل من الخبرات، خبرات دفعنا ثمنها الكثير من الوقت والجهد والموارد، يجب أن تتم دراستها وتقييمها لإغناء وإنضاج التجربة الأردنية في مجال التنمية المحلية ومكافحة الفقر، يجب الاستفادة منها واستخلاص الدروس والعبر فمعركتنا مع الفقر والعوز والبطالة مستمرة ويستعر أُوارها ونحن في أمس الحاجة لإجتراح أساليب جديدة ومبتكرة لمساعدة الناس على تخطي ظروفهم المعيشية السيئة والانتقال إلى مراحل أكثر إنتاجية وأقل فقراً، ولا يجدر بنا في ظل شح الموارد وندرتها أن نظل نُعيد تجربة المُجَّرَّب وأن نستعمل الاساليب ذاتها التي أدمَنَّا على استعمالها سنين طوال بمخرجات ونتائج محدودة الجدوى، أقول هذا وقد كنت شريكاً في المسؤولية حيث قمت بالعمل في البرنامج عدة سنين وتشرفت بإدارته سنين عديدة أخرى.