جفرا نيوز - موسى العجارمة
مضى عام كامل على تكليف رئيس الوزراء د.بشر الخصاونة لتشكيل حكومة جديدة عقب حكومة عمر الرزاز التي أنهت ولايتها بعد الإرادة الملكية السامية التي صدرت لإجراء الانتخابات النيابية آنذاك، لتكون بداية لمرحلة جديدة وسط ظروف صعبة يمر بها الأردن اقتصادياً وسياسياً بجانب جائحة كورونا التي كانت القشة التي قسمت ظهر البعير وتركت أعباءً جديدة كانت تنتظر خليفة الرزاز للوقوف عليها وأخذها بعين الاعتبار ليبدأ بعدها بالإطلاع على برنامجه الاقتصادي من أجل الخروج من عنق الزجاجة.
حكومة بشر الخصاونة التي اعتبرها البعض بالخالية من النكهة السياسية والتي تميزت بالإقالات والإستقالات وانفردت بعدم التهويل والمبالغة بالظهور الإعلامي، لتنقسم الآراء قسمين ما بين مؤيد ومعارض، وتعتبر الفئة الأولى بأن الإنجازات كانت قليلة مما فرض قلة الكلام أمام المايكرفونات ومنصات التواصل، والأخرى وجدت بأن هذا يعد بمثابة ذكاء سياسي بحت في ظل هذه المرحلة الصعبة، والدليل بأن الخصاونة لم ينل (10)% من التنمر والانتقادات التي طالت الرزاز.
*الخصاونة وسياسية Low profile
خلال العام الذي مضى أثبت الخصاونة بأنه يتمتع بذكاءٍ كبيرٍ بحكم خبرته العميقة في العمل السياسي؛ لكونه ابتعد عن الشعبويات وكان نموذجاً للشخص الحيادي الإيجابي، ولم ينساق خلف خانة الهجوم وحق الرد واكتفى بالصمت في عدة مواقف، بعكس رؤساء وزراء سابقون كانوا يتصدوا لكل صغيرة وكبيرة؛ وعلى إثر ذلك أصبحوا في مرمى الإنتقادات، ليكون الخصاونة رئيساً غير حاد؛ لأنه لم يشكل أي ردة فعل أو حتى استعراض وكأنه يطبق نظرية (Low profile) ويؤكد عدم سعيه واهتمامه بوجود حكومته تحت الأضواء.
وعدم إجرائه لأي مقابلة تلفزيونية أو صحافية مطولة تركت تساؤلات استوطنت أعماق الصالونات السياسية الزاخرة بالتكهنات والتوقعات؛ ليجمعوا أمرهم بأن ما بعد هذا السكوت الكثير من الكلام لمواجهة المواطنين الذين باتوا اليوم غير متفائلين بأي حكومة تتسلم زمام الأمور؛ نظراً لأحوالهم وأوضاعهم المترعة بالأسى والصعاب، في ظل الوضع الاقتصادي الذي قض مضاجع الأردنيين.
والخطأ الوحيد الذي ناقض نظرية (low profile) التي اتبعها الخصاونة كانت من خلال الموقف الذي تعرض إليه في مجلس النواب عندما قام النائب عماد العدوان بالجلوس في المكان المخصص لرئيس الوزراء الذي لم يحتوِ الموقف بحكمة؛ لكون عصبيته خانته حينها، ولم يقتدِ بنهج رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور الذي تعرض لذات الموقف عندما كان رئيساً للحكومة آنذاك.
*الإقالات والاستقالات
شهدت حكومة الخصاونة استقالة وزير الداخلية توفيق الحلالمة عقب اختراق إجراءات العزل في خضم الانتخابات النيابية 2020 وتلاها استقالة وزير العدل السابق بسام التلهوني ووزير الداخلية سمير المبيضين بناءً على طلب من رئيس الوزراء، وذلك لحضورهما مأدبة عشاء وكان ذلك مخالفاً من وجهة نظر الرئيس بحكم أمر الدفاع، والمفاجأة كانت عند استقالة وزير العمل السابق معن القطامين من الحكومة عقب تأدية القسم الدستوري بيوم واحد فقط من التعديل الثاني للحكومة ؛ إحتجاجًا على سحب حقيبة الاستثمار منه، ولتكون حادثة مستشفى الحسين في السلط سبباً رئيساً بخروج وزير الصحة السابق نذير عبيدات من الحكومة على الرغم من الإنجازات التي حققها.
وهذا النهج توقف بالكامل عندما انقطعت الكهرباء عن كافة مناطق المملكة الأردنية الهاشمية مما توقع وتنبئ العديد باستقالة وزيرة الطاقة هالة زواتي من حكومة الخصاونة التزامًا منها بتحمل المسؤولية الأخلاقية وهذا لم يحدث بتاتاً، وكذلك الأمر مع وزير الصحة د.فراس الهواري في حادثة الطفلة لين التي توفيت في مستشفى البشير بعد أن تعرضت لشبهة خطأ طبي.
*سياسياً
حكومة الخصاونة في عامها الأول كانت خالية من النكهة السياسية، ولم تكن قوية من الناحية التكنوقراطية؛ لأن تشكيلها الأساسي كان خالياً من الرموز التي حملت العمق السياسي والاجتماعي؛ وحتى التعديلات لم تكن بدائل أفضل في أغلب الحالات ولم يكن البديل يحمل الكفاءة العالية والتجربة الغنية في الأداء، لتصبح كافة المبادرات الرئيسة من قبل الديوان الملكي في ظل غياب الناحية السياسية عن هذه الحكومة.
وتشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية دليل قاطع بأن الحكومة غير قادرة على التحديث السياسي، والدليل بأنها لم تصدر أي وجهة نظر بشأن التنمية والإصلاح السياسي وكان برنامجها خالياً بالكامل في هذا الخصوص؛ ليكون جواب الرئيس عندما سأل عن هذا الموضوع: "نحن منفتحون على كافة آراء النواب في هذا الشق" وكأنه لا يوجد لديه خطط واستراتيجيات للعمل حول هذا الموضوع أو حتى طرح تصريحات إعلامية للولوج لحالة سياسية دسمة أمام الملأ.
*حكومة تسيير أعمال
الجهد الذي قدمته حكومة الخصاونة لم يترك الأثر الملموس على أرض الواقع في ظل تعثر القطاعات، ولم يكن هناك مشاريع وطنية، وكانت التعبئة العامة ضعيفة جداً؛ ليشعر المواطن بغيابها بالتزامن مع عدم تقديم مشاريع طموحة ترفد خزينة الدولة وكانت تعمل بمستوى قليل وتحولت في بعض الأحيان لحكومة تسيير أعمال لعدم ملء الفراغ الذي تركته في خضم تهالك عدة قطاعات.
*اقتصادياً
الحكومة بناءً على طلب الملك وضعت برنامجاً اقتصادياً وكان يفترض منها فتح باب الحوار مع أصحاب الكفاءة والاختصاص؛ للاستماع لأفكارهم واقتراحاتهم حول إمكانية النهوض والسعي لإيجاد حلولاً تأخذ بيد عجلة الاقتصاد إلى منحى آخر، وهذا يتعارض بشكل قاطع مع متطلبات المرحلة الحالية التي تتطلب تحديث سياسي ومؤسسي؛ وليس بث أجواءً ضبابية غير مفهومة تلقي بظلالها على الحالة العامة، ويصبح المراقب العام تأئِه ولا يعرف خطة الحكومة بقطاع المياه والنقل والطاقة.
بعد مرور عام على فترة التكليف التي كانت قبل خمسة أيام من تشكيل الحكومة؛ يأمل الشارع الأردني من رئيس الورزاء بشر الخصاونة تجنب الاخطاء السابقة وتفاديها بالكامل، وترسيخ نهجاً جديداً لتقريب الصلة بين المواطن والمسؤول وطرح مشاريع وطنية تترك الأثر الملموس؛ لطالما خبرة الرئيس كبيرة وعميقة وعندما يتم توظيفها بالمكان الصحيح ستصب بالمصلحة العامة.