النسخة الكاملة

الطراونة الاخطاء الطبية هذه الايام بين(حانا) و(مانا) ضاعت لحانا

الخميس-2021-09-20 11:30 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب -  محمد رسول الطراونة

الخطأ الطبّي مصطلحٌ سيئ الذكر يزرع الهلع والصدمة في نفوس السامعين وما ان يحصل حتّى يتحوّل الى مادة دسمة للإعلام الذي غالباً ما يتناوله بشكل فضائحي ويزجّ الطبيب في قفص الاتهام قبل الانتهاء من التحقيق، فلا يحق لأحد أن يصف عملاً بأنه خطأ الّا القضاء.

صنعة الطب لا تخلو من بعض الأخطاء غير المتعمدة فإمكانية حدوث بعضها أمر وارد في جميع المستشفيات ومراكز تقديم الخدمات الصحية وان اختلفت صورها وأسباب حدوثها.

الأخطاء الطبية ليست بالموضوع الجديد، اذ صدر أول تقرير عن معهد الطب (institute of medicine) عن الأخطاء الطبية في الولايات المتحدة الاميركية عام 2000 والذي تضمن إحصائية لعدد الأشخاص الذين يتوفون سنويا نتيجة الأخطاء الطبية التي يمكن تفاديها وقد وصل عددهم من 44,000 إلى 98,000 سنويا وبين التقرير ان الأخطاء الطبية ليست بسبب اطباء سيّئين بل جرّاء نظام صحي سيّئ بحاجة لتطوير وتغيير ليصبح أكثر اماناً. في الاردن كما هو في معظم دول العالم، المعدل الحقيقي للاخطاء الطبية غير معروف وذلك لغياب سجل وطني للاخطاء الطبية.

من المهم التمييز بين الاخطاء الطبية والاعراض الجانبية او المضاعفات، فالأعراض الجانبية أو المضاعفات من الامور المعروفة والمتوقعة ولا يمكن تفاديها أما الخطأ الطبي فهو نتيجة غير مرغوب فيها كان من الممكن تفاديها.

الخطأ الطبي وفقا لقانون المسؤولية الطبية هو: أي فعل او ترك او اهمال يرتكبه مقدم الخدمة ولا يتفق مع القواعد المهنية السائدة في بيئة العمل المتاحة وينجم عنه ضرر، ويذهب اهل الصنعة الى القول بانه الفشل في انجاز الخطة العلاجية كما يفترض أو اختيار خطة خاطئة لعلاج حالة معينة للوصول إلى الهدف المرجو. معرفة أسباب الأخطاء الطبية تشكل الخطوة الاولى لوضع الحلول لتفاديها والحد منها، ومن اكثر الاسباب شيوعا ضعف التواصل بين الكوادر الطبية و عدم توفر المعلومات الدقيقة عن المريض أو عدم فحص المريض وتقييم حالته بشكل جيد، وقد تنجم الاخطاء عن عدم اتباع المعايير والإجراءات والتوجيهات الطبية أو نتيجة الإجهاد الزائد وطول ساعات العمل و نقص التدريب أو عدم توفر الإمكانيات التشخيصية.

للحيلولة دون ارتفاع معدل الأخطاء الطبية يوصي الخبراء بالإيقان بان الخطأ الطبي ليس مسؤولية فرد ولكن مسؤولية مشتركة فالخطأ لا يصل إلى المريض إلا بعد مروره على عدة مخطئين، اي أن الخلل ليس بالأفراد ولكن بالنظام الصحي الذي سمح بوصول الخطأ للمريض، ومن الضروري ايضا تحليل الأخطاء الطبية لمعرفة سببها وإنشاء نظام لعدم تكرارها، فالركن الاساس للحد من الاخطاء يكمن في تهيئة بيئة العمل للكوادر الصحية من تقليل ساعات العمل وزيادة اعداد الكوادر الطبية في مناطق العمل الحرجة مثل الاسعاف والطوارئ وإعادة النظر في نظام المناوبات ومراعاة عدد المرضى للطبيب الواحد بحيث يعطى المريض حقه من قبل الطبيب.

في الختام نوجز بالقول، ان البحث عن المسؤولية والكشف عن الخطأ الطبي إن ارتُكب، موضوع دقيق جدّاً وليس مقبولاً إطلاق التهم جزافاً فالطبيب ليس جلاداً، و التشهير في المهنة ليس من مصلحة احد والاعتقاد بان عقاب المخطئ هو حل للمشكلة اعتقاد خاطئ، الخطأ الطبي ينجم عن عوامل متعلقة بظروف العمل وتركيبة النظام الصحي قبل ان تكون متعلقة بالطبيب، غير ذلك سيصدق علينا القول بين (حانا) و(مانا) ضاعت لحانا