النسخة الكاملة

هل يكفي "ذرف الدموع" من الصحة وكم من "لين" سنفقد؟ آن الأوان لثورة بيضاء تقلع البيروقراطية والمحسوبيات

الخميس-2021-09-14 01:23 pm
جفرا نيوز -
 
جفرا نيوز - شادي الزيناتي

مسلسل مستمر لا ينتهي باثارة قضية او اثنتين او اكثر.. ماتت لين وقبلها كم من لين فقدنا وكم من لين سنفقد لاحقا , وكم من لين او امها او ابيها فقدناهم ولم نسمع بهم او نعلم عنهم  بسبب الترهل الاداري وسوء التخطيط للمنظومة الصحية برمتها في الاردن 

الرأي العام الاردني ثار وسيثور كعادته انتصارا لروح لين وغيرها ممن فقدوا ارواحهم جراء تخبطات الحكومة , الا انه سرعان ما سيتجه لحدث جديد واخر يتم اظهاره او سيظهر لا محالة على الساحة المحلية 

ماتت لين , ومن كل بد سيأخذ القانون مجراه وستنتهي لجان التحقيق الوزارية والداخلية من عملها وكالعادة سيحمل القضية طبيب او اثنين كـ أكباش فداء لمنظومة مترهلة اداريا لم تستطع رغم عمر الدولة المئوي ان تنهض او تستمر في العطاء 

منذ سنوات والقطاع الصحي متردي ومترهل ومعاناة المواطنين ترتفع يوميا عبر الاذاعات ووكالات الانباء ومواقع التواصل الاجتماعي ضاجة بمشاكلهم من تأخر المواعيد ونقص الادوية والبيروقراطية ونقص الكوادر ولكل منهم قصة تدمي القلوب

القضية برمتها ليست لين او فرح او أمل , القضية "ادارة منظومة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى , فكيف لطبيب يعمل في عيادة للمساعدة بالاقلاع عن التدخين يصبح وزيرا للصحة ولم يعمل يوما في ردهات البشير او التوتنجي او المفرق او الزرقاء او فيصل او غيرهم ؟

وكيف لامين عام كانت تدير ملف التأمين الصحي منذ سنوات ان تقوم باتخاذ قرارات ادارية وفنية لقطاع هام وكبير فيه من الترهل ما فيه, حتى انها قامت بنقل اخصائيي عظام من احد المستشفيات التي تعاني الاكتظاظ الشديد لمستشفيات اخرى رغم رفض الوزير ذاته , فعطلت العمل وخفضت العمليات وزادت الازدحام دون اي مبرر او سبب مقنع وكأن سياسة الأنا من وفرض الهيبة فقط هي من تسيطر!!

كلنا نتفق ان سوء الادارة ونقص الكوادر وقلة الكفاءات ابرز الاسباب لما يحصل في وزارة الصحة التي لم تستطع اليوم سد النقص من خلال تعيين اطباء اردنيين او حتى من الخارج فالاطباء في سوريا ومصر والسودان وغيرها من الدول يمتلكون الخبرة وبرواتب اقل من نصف ما يتقاضاه طبيب شراء الخدمات في وزارة الصحة !!

بيان وزارة الصحة الركيك والضعيف , جاء كما علّق عليه الناطق الاعلامي للوزارة سابقا حاتم الازرعي بأنه جاء بالتزامن مع الموعد الذي حدده مدير البشير لتسليم التقرير الذي اعدته اللجنة التي شكلها, حيث أن الغريب في بيات الوزارة حسب الازرعي "إرسال فريق عمل متخصص من الوزارة إلى مستشفيات البشير ليكون متواجداً هناك كافة أيام الأسبوع وعلى مدار الساعة لمراقبة سير العمليات والاجراءات اليومية في المستشفى وحتى إشعار آخر " ، ولم اسمع "والحديث للأزرعي" ان دولة في العالم ذهبت إلى مثل هذا الإجراء، فلماذا يوجد في مستشفيات البشير كل هذا العدد من المدراء والمساعدين، اذا كانوا جميعا عاجزين عن الادارة وغير قادرين على العمل وتسيير شؤون مستشفياتهم .

إن إرسال وفد من الوزارة الى مستشفيات البشير كما جاء في بيان الوزارة ، لهو اعتراف صريح وإقرار غير مريح ، بأن ما يجري هناك من سلبيات وأخطاء وخطايا ،لا يتحمل مسؤوليتها الاطباء والكوادر، وإنما عجز الوزارة وتقصيرها وعدم دعمها واسنادها البشير وتوفير كل الامكانات له ليؤدي دوره على أكمل وجه .

ويقول الزميل الازرعي أن الوزارة وفي  بيانها ذرفت  الدمع تعبيرا عن "حزنها الشديد" ولم تنس في غمرة انشغالها عن المستشفى وتلبية احتياجاته الفنية والإدارية تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة مع كورونا ، أن تتقدم من ذوي الطفلة "بأحر مشاعر العزاء والمواساة "على هذا المصاب "الجلل" ، فيا الله ما أعظم مشاعر من صاغ البيان !! ولم اتماسك نفسي من الغرق في بحر الدموع !!.

وقبل ان تتوعد الوزارة المقصرين او المهملين في اداء الواجب ، فإن عليها ان تحاسب نفسها على الوضع الذي آلت اليه مستشفيات البشير ، فأذا كان بيتها من زجاج ،فلماذا تصر على إلقاء الحجارة على مستشفياتها التي أجزم ان اداراتها ستعلن الحقائق وتلعن ذات لحظة صدق كل من أدار لها ظهره من إدارات الوزارة في المركز التي اعلم ان الميدان لا يعنيها وتتذكره فقط حين المصائب بلجان تحقيق تخفي الحقيقة "والحديث ايضا للأزرعي" ..

السؤال المطروح والذي يجب ان نتداوله اليوم هو من يحمي أبناؤنا واحبابنا من الموت غدا ومن عبث وزارة الصحة ومن أي خطأ طبي جديد خاصة بعد تجميد قانون المسالة الطبية وصندوقه وهو وغيره من المسؤولين الذين يجدون كل ابواب القطاع الخاص في الاردن والخارج مفتوحة امامهم للعلاج وابنائهم في الوقت الذي لا يجد فيه مواطنون تأمينا لاي اجراء طبي لهم 

ماتت لين وكم من لين ستموت بعد , اتركوا الكورونا للبلبيسي , وامنعوا ازدواجية العمل للكوادر ما بين الحكومة والخاص,فماذا ننتظر لثورة بيضاء في وزارة الصحة يكون اولى تباشيرها رحيل الوزير والامين العام والانتهاء من التنفيعات والمحسوبيات في الوظائف القيادية والعليا في تلك الوزارة التي تتعامل مع ارواح وليس مع ألواح!