جفرا نيوز -
جفرا نيوز- أدى الانتشار الكثيف لقوات الأمن في شوارع جوبا إلى إلغاء تظاهرة مناهضة للحكومة كانت مقررة الاثنين، بدعوة ائتلاف مجموعات من المجتمع المدني جنوب السودان، على ما أعلن ناشط معارض موضحا أنه قرر منع أربعة آخرين الاختباء.
ويعاني أحدث بلد في العالم من انعدام للاستقرار منذ استقلاله في 2011، بينما دفع الاستياء الشعبي المتزايد ائتلاف المجتمع المدني إلى دعوة قادة البلاد إلى الاستقالة.
كان من المقرر أن تنظّم التظاهرات تزامنا مع افتتاح الرئيس سلفاكير أعمال البرلمان الوطني الجديد، وهو شرط أساسي في اتفاق 2018 للسلام الذي وضع حدا للحرب الأهلية الطاحنة التي شهدها جنوب السودان وأسفرت عن مقتل نحو 400 ألف شخص.
لكن مع قيام قوات الأمن المدججة بالسلاح بتسيير دوريات في العاصمة جوبا، لم ينزل أي متظاهرين إلى الشوارع، وصرح أحد المنظمين لفرانس برس أنه اختبأ مع أعضاء آخرين من "الائتلاف الشعبي للعمل المدني" مؤكدا أنهم يخشون على أنفسهم.
وقال واني مايكل: "إنه احتجاج سلمي، من المفترض أن يكون غير عنيف لكن الحكومة ردت بالعنف".
وأضاف: "هناك عمليات انتشار أمني مكثف... هؤلاء الرجال يحملون بنادق كلاشنيكوف ورشاشات وهناك دبابات على الطرق. لذلك يخشى المواطنون... أن يواجهوا بعنف".
وتبنت الحكومة نهجا متشددا حيال "الائتلاف الشعبي للعمل المدني" ودعواته إلى انتفاضة شعبية سلمية، وأوقفت 8 ناشطين على الأقل و3 صحفيين هذا الشهر على خلفية التظاهرات، وفق مجموعات حقوقية.
وقالت بائعة أغذية متجولة تدعى إميلدا سوسو لفرانس برس "سمعنا أن لا عمل اليوم ونخشى كذلك" ما قد يحصل خلال النهار.
صرّح تاجر صغير يدعى جيمي باندو لفرانس برس "سأتوجه إلى السوق عندما أرى الوضع طبيعيا لكن الحفاظ على الحياة أولوية في الوقت الحالي. نعم أشعر بالخوف لذلك علي أن أتوخى الحذر".
وجابت شوارع جوبا التي عادة ما تكون مكتظة، مركبات على متنها عناصر من قوى الأمن الوطني، وسط حضور كثيف للشرطة وحركة سير خفيفة.
تعهدات بانتخابات "حرة ونزيهة"
وصفت السلطات التظاهرة بأنها "غير قانونية" وحذرت من تدابير مشددة بحق أي شخص يتحدى الحظر.
وأكد وزير الإعلام مايكل ماكوي لفرانس برس أن "الحكومة تفرض سيطرتها بالكامل (...) ولذا على الجميع استئناف مهامهم المعتادة (...) من دون أي خوف".
ونفى معلومات تحدّثت عن توقف خدمة الإنترنت بعدما أشار مستخدمون إلى صعوبات في الوصول إلى أكبر شبكتين في البلاد "زين" و"إم تي إن"، معتبرا أن الصعوبات ناجمة عن مشكلات تقنية.
وطلبت السفارة الأميركية في جوبا من رعاياها تجنّب المناطق التي قد يتجمّع فيها المتظاهرون، داعية إلى "توخي الحذر".
في العاصمة التي كانت الحركة فيها هادئة على غير عادة، طلب كير من أعضاء البرلمان الجديد أن يضعوا "حاجات المواطن فوق الاعتبارات الحزبية ... ووضع شعب جنوب السودان قبل أي مصالح حزبية ضيقة".
وأضاف "يجب أن نتذكر دائما أن مهمتنا النهائية في عملية (السلام) هذه هي إجراء انتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة وذات مصداقية في نهاية الفترة الانتقالية" في إشارة إلى الانتخابات التي أرجئت إلى 2023.
وفي مؤشر على التحديات التي تواجه هذا البلد، أعلن كير أيضا انسحاب الحكومة من محادثات مع "تحالف معارضة جنوب السودان" الذي يضم فصائل متمردة.
وفشلت المحادثات التي رعتها جمعية كاثوليكية في روما مقربة من الفاتيكان، في وقف العنف في جنوب الدولة رغم اتفاق لوقف إطلاق النار تم توقيعه في كانون الثاني/يناير 2020.
وقال كير "فيما يبقى السعي لتحقيق سلام شامل في بلدنا هدفنا الوحيد، إلا أن عمليات القتل الأخيرة التي استهدفت مدنيين أبرياء ... كانت بمثابة اختبار لصبرنا" متهما المتمردين من "جبهة الإنقاذ الوطني" المنضوية في تحالف معارضة جنوب السودان، بشن هجمات عشوائية.
عانت عملية السلام في جنوب السودان لسنوات من الانقسامات والخلافات في أعقاب وقف إطلاق النار عام 2018، واتفاق لتقاسم السلطة بين كير وخصمه نائب الرئيس السابق رياك مشار.
ووصف "الائتلاف الشعبي للعمل المدني" الذي يضم مجموعة واسعة من الناشطين والأكاديميين والمحامين والمسؤولين الحكوميين السابقين، النظام الحالي بأنه "منظومة سياسية مفلسة باتت خطيرة للغاية وعرّضت شعبنا لمعاناة كبيرة".
ولا تزال الهدنة بين الخصمين السابقين كير ومشار صامدة بالمجمل لكنها تخضع لاختبار صعب، في وقت ينخرط فيه السياسيان في سجالات بشأن السلطة وتعهّدات بالسلام لم يتم الإيفاء بها.
أ ف ب