جفرا نيوز - يكمل عضو البرلمان الغائب منذ نحو عام عن الجملة السياسية، محمد عشا نصاب، محاولات التحرش بالحكومة، لا بل أحياناً التنمر عليها تحت القبة ولأسباب ليست واضحة بعد، وهو يقترح -جذباً للأضواء في كل الأحوال – صنفاً محدداً من الأدوية لمعالجة فقدان الحكومة لحاسة الشم.
وفقاً للنائب الشاب، يبدو أن الحكومة الحالية بسبب كورونا فقدت حاسة الشم.
التعبير المستخدم ليس سياسياً إطلاقاً، وينتمي إلى عائلة غير مستحبة من الألفاظ والعبارات تحت قبة البرلمان، ويمكن تصنيفه على الرغبة بالاستعراض أمام الكاميرات، التي بدأت تكرر ظهورها في مجلس النواب الحائر بصورة متسعة عندما يتعلق الأمر بالإجابة على أسئلة وطنية عميقة.
في كل حال، أغضب النائب الرجل الثاني في الحكومة توفيق كريشان، فاحتج وألمح إلى عدم جواز استعمال بعض العبارات تحت قبة البرلمان، وتقرر شطب العبارة المعنية بحاسة الشم من محضر الجلسة أمس الاثنين، مع أن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لم تغادر بعد أزمة تحرش نيابي آخر قبل نحو أسبوعين وفي حادثة شهيرة لها علاقة بجلوس النائب عماد العدوان على مقعد رئيس الوزراء ورفضه المغادرة.
يحاول بعض نواب البرلمان استعمال ما يمكنهم استعماله من وسائل لفت النظر للضغط على الحكومة، الأمر الذي يوحي ضمنياً بأن الإيقاع لم يعد منضبطاً بين السلطتين، وأن تلك الكيمياء التي حاول تأسيسها رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة مع رئيس مجلس النواب المحامي عبد المنعم العودات، يبدو أنها لا تنعكس على مناخ العلاقة بين النواب والوزراء، رغم أن استجوابات النواب الحاليين للحكومة هي في معدلات ضيقة قياساً ببقية الحكومات.
طوال الوقت، يبدو مجلس الوزراء الأردني مهتماً جداً بتجنب إغضاب السلطة التشريعية بدلالة التوجيهات التي يتناقلها الوزراء عن إظهار قدر كبير من المرونة في تلبية احتياجات النواب والتناغم معهم، مع أن إدارة ملف العلاقة بين السلطتين بين يدي الوزير كريشان ومعه وزير الشؤون البرلمانية الذي يمثل بدوره الحكومة في لجنة تحديث المنظومة السياسية.
العودات كان قد أظهر اهتماماً بأن تتقاطع السلطتان في أكبر مساحة ممكنة لخدمة المصالح الوطنية والعامة لكن العلاقة بين النواب والوزراء لا تبدو صحية حتى الآن، واستعراضات بعض النواب في توجيه عبارات وكلمات قاسية ليست سياسية، تدل ليس فقط على وجود أزمة صامتة وتتدحرج أحياناً وتعبر عن نفسها بطريقة شعبوية أحياناً أخرى، ولكنها تدل أيضاً -وقد يكون هذا الأهم- على أن مستوى انزعاج النواب عموماً من الإيقاعات العامة المضادة لهم في المجتمع وحتى في بعض أروقة الدولة إنما يؤسس لمواقف حائرة إلى حد كبير، تنفجر ضمن إيقاع لم يعد من السهل ضبطه في وجه الحكومة بين الحين والآخر، في الوقت الذي لا تظهر فيه علامات جاهزية مؤثرة وعميقة من جهة الطاقم الوزاري على مستوى الاشتباك مع النواب، وأيضاً على مستوى الاحتواء والمتابعة.
بسبب تراكم الاحتقان والغضب عند غالبية النواب وارتيابهم من نتائج ومخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، يمكن ببساطة رصد مؤشرات التوتر وأحياناً التأزيم وبصيغة غير مألوفة لتقاليد العمل البرلماني الأردني، تنتج بالضرورة عن وجود نحو 98 وجهاً جديداً في لعبة البرلمان يبحث عن حصة ومكان في الدور والوظيفة والخريطة بعد انتخابات مثيرة هندست وشكك كثيرون فيها في العام 2021.
الوجوه الجديدة في الأغلب العام ليست برامجية ولم تنطلق من تجربة سياسية في المجتمع ولا تملك الخبرة الكافية، وهو ما أقره كثيرون أمام من بينهم النائب السابق خالد البكار، وان كان رأي رئيس مجلس النواب العودات يؤشر على أن الوجوه الجديدة بمثابة امتياز وطني مع التركيز على منح مجلس النواب فرصته ومساحته وعدم الاستعجال.
ولذلك، يبدو بعض أعضاء البرلمان حائرين في كيفية الاشتباك مع السلطة التنفيذية وفي آلية جذب وسائل الإعلام أيضاً. وعليه، تبرز تلك المماحكات الخالية من المضمون والمنطوق السياسي في الكثير منها، مع أن بعض أقطاب البرلمان الجدد أيضاً ملتزمون تماماً بالتكتيكي والاستراتيجي بالجملة المنضبطة في سياق الرقابة والتشريع.
في كل حال، الوضع يزداد تعقيداً بين السلطتين، فيما تحصل لجنة الإصلاح الملكية على مساحتها وهي تتمدد بين الإطارين، فيما تحصل أيضاً على حصتها من التشنج هنا أو هناك في التفاصيل ومع أركان ورموز السلطتين. والحديث عن فقدان الحكومة لحاسة الشم وبعض الأحداث المماثلة قبل ذلك هو مؤشر حيوي وإضافي على حاجة الطاقم الوزاري لإنعاش قدراته على الترتيب والتفاهم أكثر مع مجلس نواب يشعر بالغربة، لأن الجميع يهاجمه أو ينهشه.
ثمة قصور في أداء الطاقم الوزاري بالتأكيد، تقابله تداعيات الحيرة وغموض المستقبل في الطاقم البرلماني. والنتائج يراقبها الشارع اليوم، وتحتاج إلى استدراك وخطة حقيقية لتأكيد العلاقة وتنظيمها