جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد خروب
هذا ما تساءلت عنه بحذر مجلة «ناشونال انترست الأميركية» نصف الشهرية المعنية بالشؤون الخارجية, تأسست عام 1985 وتصدر عن مركز نيكسون، تعكس بدرجة كبيرة آراء ومواقف اتجاهات من داخل حركة المحافظين الجدد على ما تقول موسوعة ويكيبيديا.
وإذ يبدو توقّع اندلاع حرب بين روسيا بما هي دولة عظمى كونية ودولة العدوّ الصهيوني بما هي الأخرى دولة عظمى إقليمية, على ما تروّج لنفسها.. إلّا أنّ محللي المجلة الأميركية لم يستبعدوا احتمالات الانزلاق إلى وضع كهذا، مُستندين في ذلك (شاركتهم في ذلك أيضاً وقبل أسبوع مجلة فوربس الأميركية) إلى ما وُصِفَ بأنّه «تغيّر مفاجئ» في سياسة موسكو, إزاء الغارات الجويّة الصهيونية على مواقع الجيش السوريّ, وما تصِفه تل أبيب دوماً بأنّها مواقع إيرانية أو مخازن لحزب الله اللبناني.. بدليل (وفق ناشونال انترست وفوربس) نجاح الدفاعات?الجوية السورية في إسقاط معظم إن لم نقل كلّ الصواريخ المعادية. وما لفتهما هو إعلان موسكو ذلك (ودمشق بالطبع).
ورغم ما يعج به «كلام» المجلتين الأميركيتين من غمز ولمز وخصوصاً تبجّحات مصادر عسكرية وسياسية صهيونية لم تسمّياها، بأن إسرائيل لن تتردّد في «مواجهة» موسكو حال قررت الانحياز علناً لدمشق (رغم اعتراف هذه المصادر بأنّ روسيا ليست بحاجة لقتال إسرائيل من أجل الإضرار بها), فإنّ خشية إسرائيل الأولى وقلقها يكمنان في إذا ما قرَّرت موسكو تزويد خصوم إسرائيل مثل إيران وسوريا بأسلحة متقدمة، مُستذكرة (المصادر) ما قام به الاتحاد السوفياتي أوائل سبعينيات القرن الماضي, عندما زوّد مصر وسوريا بالعديد من صواريخ أسلحة الدفاع الجوي? التي تسبّبت بخسائر فادحة لطيران العدوّ الصهيوني خلال حرب أكتوبر/73.. ولو أرادت روسيا ذلك «تختمِ المصادر الإسرائيلية» فسوف تتمكّن من رفع تكلفة العمليات الجوية الإسرائيلية (فوق سوريا) بشكلٍ كبير.
هنا يلحظ المُدقّق في قراءة ما بين سطور التقرير التحليليّ المطوّل لمجلة ناشونال انترست الأميركية, تبنّيها وجهة النظر الصهيونية, والتشكيك في سياسة وأهداف روسيا في سوريا وبخاصة منذ العام2015, بما هو عام انخراط موسكو في الأزمة السورية, كذلك الإشارات التي لا يتوقف معدّو التقرير عن لفت الأنظار إليها, وهي رغبة روسيا بالبقاء داخل سوريا. إذ أنّ ميناء طرطوس السوري هو القاعدة البحرية الوحيدة على البحر المتوسط، فضلاً (يُضيفون) عن أنّ الطائرات وصواريخ أرض جو الروسية تُدار من داخل قاعدتين جوّيتين على الأقل غرب سوريا.. ي?رافق هذا الخلط المقصود والتشكيك في أهداف الوجود الروسيّ على الأراضي السوريةّ, دونما إشارة لإسهام القوات الروسية البرية كما الجوفضائية في هزيمة المشروع الإرهابي الذي رعته واشنطن وبعض العرب, والرامي إلى إشاعة الفوضى وتقسيم سوريا وإنشاء كيانات وكانتونات طائفية وعِرقية, بهدف إراحة إسرائيل وتمكينها من قيادة المنطقة وكتابة جدول أعمالها, وخصوصاً الطمس على القضية الفلسطينية وتصفيتها على نحو نهائي.
صحيح أنّ إسرائيل أسقطت طائرة روسية من طراز H-20، اعتذر نتنياهو عن إسقاطها باعتبار أنّها لم تكن مُستهدفة كما زعم، وصحيح أنّ الرئيس بوتين ارتبط بعلاقات براغماتية مع رئيس وزراء إسرائيل, نسج عنها مُحللون روايات خيالية, إلّا أنّ أيضاً ثمّة ما يمكن قوله بأنّ موسكو عمِلت وما تزال على مدّ الدفاعات الجوية السورية بمزيد من أنظمة الصواريخ المضادّة، ولا يُمكن استبعاد لجوء دمشق لاحقاً إلى تفعيل منظومة صواريخ أكثر تطوراً ربما من طراز S-300، التي يرشح أنها موجودة بحوزتها. ما يطيح التبجّح الصهيوني ويكشف زيف التحليلات التي?تتحدث عن تواطؤ أو صرف نظر روسِيّ عن الاستباحة الصهيونية للأجواء السورية.
في السطر الأخير.. يقول مسؤول عسكري صهيوني (لم يكشف اسمه للمجلة الأميركية): إنّ الجميع في إسرائيل يعرفون مَن هم الرّوس جيداً.. ومَن هم حلفاؤهم, ويُمكن القول - يُضيف الإسرائيلي - بكلّ لطف.. إنّ الروس ليسوا حلفاء لنا، إذ أنّ لنا حليفاً واحداً هو الولايات المتّحدة. والرّوس هنا بأهداف مختلفة تماماً عنا». فيما شبّه مسؤول عسكري إسرائيلي آخر إسرائيل بـ«الفأر» في قصة The Mouse that Roared.
ومع ذلك - يستطرِد - أنّ إسرائيل ليست مُجرد فأر، بل فأر كبير.. صغير الحجم وواسع النّفوذ ولا يخشى استخدام أسلحته..
فهل ثمّة ما يمكن استنتاجه في شأن أهداف حملات التشكيك والتضليل الإعلامية المُنسّقة صهيونياً، غربياً وتعاون بعض العرب؟.. خاصة لجهة خلط الأوراق وتوتير الأجواء وإيصالها مرحلة ما قبل الانفجار؟