النسخة الكاملة

"ماذا بعد قمة جلالة الملك وبايدن"

الخميس-2021-08-01 11:25 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المهندس عبد الرحيم البقاعي 

مَثّلت القمة التي جمعت الرئيس الأميركي جو بادين وجلالة الملك عبد الله الثاني محطة مهمة في التأكيد على مكانة الأردن الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، وعودة الأردن من جديد إلى صدارة دول الشرق الأوسط في الساحة الدولية بعد فترة عانى منها من الضغوط والتهميش في فترة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
اهم ما حملته زيارة الملك ولقاءه بأهم المسؤولين في الإدارة الأميركية أنها بعثت برسالة لأطراف عربية راهنت على تراجع الأهمية الاستراتيجية للأردن من أجل تحقيق أجندة تهدد ثوابت المملكة، ان الأردن ما زال قادرا على النهوض وتأكيد مكانته المميزة رغم قلة عدد سكانه ومحدودية قدراته الاقتصادية.
جملة ملفات تناولتها الزيارة وتحدث عنها الملك في مقابلته مع قناة "سي ان ان"، تؤشر إلى حجم الدور الذي من الممكن ان يضطلع به الأردن في حلحلة ملفات معقدة في الشرق الأوسط. 
تحدث الملك عن الاتفاق النووي مع إيران وعن الخطر الذي تمثله إيران من خلاله تهديد امن الدول، وكشف عن هجوم تعرض له الأردن بالطائرات المسيرة. الملك لم يبنى رؤية متشددة ضد إيران ولكنه في الوقت ذاته دعا لإيجاد حل للاضطرابات التي تسببها طهران في الإقليم ودعم جهود الإدارة الأميركية في موضوع مفاوضات الملف النووي.
بايدن خلال لقائه مع الملك أكد على الدعم التام للأردن، وهو رسالة مهمة لأطراف عربية ودولية ظنت ان يمكن تهميش الأردن وتجازوه لفرض حلول تتجاهل حقوق الفلسطينيين وتصب بمصلحة إسرائيل بشكل أساس. وهنا أعاد بايدن التأكيد على الدعم الأميركي لحل الدولتين وهو ما يتطابق مع يدعو له الأردن منذ سنين طويلة.
كما أن زيارة الملك تناولت الكثير من الملفات الإقليمية حملت الكثير من الرسائل لكن ماذا بعد؟ كيف يمكن استثمار هذا الزخم الذي حظي به الأردن في الأيام الأخيرة.
الحقيقة ان جهدا كبيرا ينتظر الحكومة والأجهزة الرسمية وخصوصا وزارة الخارجية. يجب أن ينتهج الأردن دبلوماسية نشطة يقوم خلالها الأردن بقيادة الجهود الرامية لتخفيف الأزمات الدبلوماسية في المنطقة بما يخدم مصالحنا الاستراتيجية.
 إضافة إلى ذلك يحتاج الأردن إلى خطط اقتصادية واعدة لتعزيز الصادرات والمساعدة في فتح أسواق تصدير جديدة وزيادة حصة الصادرات الأردنية. والنفاذ إلى الأسواق العالمية وزيادة قدرته التنافسية.
كما بات لازما تأهيل المواقع الدينية وتحسينها، واستقطاب السياح، والترويج للأردن باعتبارها وجهة مفضلة للسياحة الدينية والعائلية.
أما ما يتصل بالقضية الفلسطينية يمكن للأردن ان يتحرك بفعالية لتنسيق الجهود مع السلطة الفلسطينية ومساعدتها في موضوع إنهاء الانقسام الفلسطيني وصياغة رؤية مشتركة.  
لابد من استغلال الزخم الدولي من اجل تجنب جرب أخرى تشنها إسرائيل على الفلسطينيين وقطع الطريق على محاولات فرض حلول متجزئة وظالمة مثل صفقة القران الفاشلة.
على صعيد السياسة الخارجية أيضا يمكن للأردن لعب دور مهم في موضوع نزع الفتيل مع إيران، مؤخرا بدأت دول الخليج بمراجعة حسابتها وإقامة قنوات دبلوماسية مع طهران، الأردن دائما احتفظ بسياسة معتدلة وخطاب متزن بما يخص إيران. 
يمكن للأردن استخدام علاقته المميزة مع إدارة بايدن من اجل دعم جهود التوصل إلى اتفاق يضمن عدم حصول إيران على السلاح النووي ومن أجل الحد من طموحاتها الإقليمية.
يمكن للسياسة الخارجية الأردنية عمل الكثير، بالطبع لن يكون الأردن لوحده قادرا على اجتراح حلول لمشاكل المنقطة المعقدة ولكنها بالتأكيد لحظة مواتية للأردن للرجوع إلى دور التقليدي كواجهة للاستقرار والأمن وسط إقليم مضطرب.