النسخة الكاملة

ولي العهد يدق الناقوس.. فمن يوقف تجديد عقد إذعان أثرى متنفذين في العقبة بعشرات الملايين؟

الخميس-2021-07-31 02:14 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب- ابراهيم قبيلات

ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله دق الناقوس، قرع الجرس في العقبة، محذرا من استفحال أخطاء وتجاوزات في آليات الخصخصة وإدارة الاستثمار وموارد الدولة منذ تحويل حق ادارة مرفأ الأردن الوحيد للمنطقة الاقتصادية الخاصّة قبل 21 عاما. فماذا بعد؟.

مدينة بدلا من أن يثرى منها وفيها الأردن كله، أثرى منها متنفذون بعشرات الملايين. إلى متى؟.

أما الخلاصة فهي بالنداء التالي: من يوقف الهدر وينتصر للكفاءات الأردنية المهملة وللأموال المسلوبة استجابة لنداء سمو ولي العهد، الذي يطالب بتصحيح مسار العديد من العقود والصفقات المشبوهة في منطقة العقبة الخاصّة؟.


تحذيرات ملكية

لم تخف المعاني في لغة جسد سمو الأمير وطبقة صوته خلال زيارته التفقدية في 23 حزيران الماضي، أمام أعضاء سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصّة.

كان المشهد يفصح عن حجم الاستياء الملكي من خروج قطار خصخصة شركات سيادية رابحة عن الخط المرسوم له، ما أدّى إلى تفاقم مشكلة البطالة وهدر أموال الأردنيين على يد زمرة من المتكسّبين.

لقد قرع ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الناقوس في العقبة، محذّرا من استفحال أخطاء وتجاوزات في آليات الخصخصة وإدارة الاستثمار وموارد الدولة منذ تحويل حق ادارة مرفأ الأردن الوحيد للمنطقة الاقتصادية الخاصّة قبل 21 عاما.

أما الخلاصة فقد أوعز الأمير الحسين بتأمين بيئة استثمارية محفزّة والاستجابة بمرونة إلى متطلبات السوق بالاستناد إلى مؤشرات أداء قابلة للقياس مع التركيز على ميزة العقبة التنافسية.

من الأخطاء الاستراتيجية آلية خصخصة خدمات ميناء العقبة عام 2006 وما رافقها من استحواذ على أصول ومقدّرات ثمينة بالتزامن مع الاستغناء عن كفاءات أردنية راكمت خبرات متقدمة في خطوط النقل وخدمات الشحن البحري.


البداية

تعالوا الان نسرد الحكاية من أولها عام 2006 وماذا حصل بعد ذلك، وهل حققنا المراد والهدف؟

في 21 كانون الاول 2006، تعاقدت شركة تطوير العقبة - المملوكة للخزينة – مع شركة (لمنالكو الأردن) وأسست شركة ميناء العقبة للخدمات البحرية (مرفق 1) على أنقاض مؤسسة الموانئ الأردنية؛ الأكفأ والأسرع تطورا في المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي.

سألت صحيفة نيسان شركة تطوير العقبة عن مبررات التعاقد الاحتكاري مع شركة لمنالكو الأردن، وهل من نية لتجديد العقد الذي ينتهي هذا العام ؟. وكان ردها: إذا جددنا العقد ستعرفون ذلك من الاخبار.

أما شركة ميناء العقبة للخدمات البحرية، فرفضت الإجابة عن استفسارات صحيفة نيسان حول ملكية القاطرات/ القوارب وآليات عملها ضمن منظومة الشحن البحري في ميناء العقبة.

معلومات صحيفة نيسان تفيد أن ذلك البيع الجائر نفّذ في تحدّ لرأي لجنة خبراء ضمّت مدراء أقسام ميناء العقبة في حينه، والتي أوصت بإبقاء هذا المرفق الاستراتيجي المربح حكوميا والتعاقد مع شركة أجنبية لإدارته من أجل تمكين الإدارة صوب الإنجاز خارج بيروقراطية الحكومة.

مذاك، انتقلت أرباح مؤسسة الموانئ الوطنية إلى الشركة الخاصّة بحصّة 70 % والبقّية لشركة تطوير العقبة.

وتعود ملكية (لمنالكو الأردن)؛ إلى سميت لمنالكو/ هولندا Smit Limnalco بواقع الثلثين والبقيّة لشركة الخطوط الوطنية؛ الشريك الأردني، الذي يسيطر بالتوازي على شركة الجسر العربي للملاحة منذ إنشائها عام 1985. لم تخل الجسر العربي أيضا من الاستغلال والاستحواذ الممنهجين على يد شركاء رئيسيين تتقاطع أدوارهم بين الشركتين في تضارب للمصالح واستغلال للنفوذ بلا حسيب أو رقيب.

وعلى امتداد أربعة عقود امتهن اشخاص مسيطرون على شركة الجسر مع مسؤولون في الشركة عمليات احتيال بحري ما أدّى إلى هدر في أموال الدول الشريكة؛ مصر، العراق والأردن.

وتقدّر الأموال المنهوبة بعشرات الملايين، علما أن منصّات إعلامية محلية كشفت حديثا عن مخالفات عديدة لدى مسجّل السفن في الهيئة البحرية الأردنية، التي تخضع لنفوذ هذه القلّة التي تتناقل فيها ببينها المناصب بين الشركات البحرية بهدف تيسير عمليات الاحتيال البحري.

إذن مقابل 15 مليون دولار ورثت (لمنالكو) الناشئة جميع موجودات مؤسسة الموانئ وحصرية عملياتها اللوجستية، لتجني أزيد من 100 مليون دولار منذ انطلاقها قبل 15 عاما، بحسب إفصاحات الشريك الأردني في سوق عمان المالية (مرفق 2 ).

هكذا حرمت الخزينة من إيرادات مؤكدة في هدر مبرمج لأموال الأردنيين، بحيث صبّت 70 مليون دولار في جعبة لمنالكو؛ ثلثها تقريبا للشريك الأردني (شركة الخطوط الوطنية)، مقابل 30 مليونا فقط لشركة تطوير العقبة اي الدولة الاردنية.

أما اليوم، فتستعد شركة تطوير العقبة لتجديد العقد الحصري مع (لمنالكو الأردن) لخمس عشرة سنة قادمة، ما ينذر باستمرار هدر ملايين الدنانير كان يفترض أن تحوّل إلى خزينة الدولة الجريحة.

في عقد الإدارة والتشغيل الأول عام 2006، انتقلت ملكية جميع موجودات مؤسسة الموانئ ومعدّاتها إلى شركة العقبة للخدمات البحرية بما في ذلك حق الخدمات البحرية الحصري من قطر سفن وإرشادها وسائر خدمات الإسناد لجميع السفن القادمة والمغادرة.

في ذلك الوقت، استغنت إدارة الميناء عن خبرات عشرات الأردنيين المؤهلين، كانت تراكمت على مدى عقود من خلال الابتعاث وتبادل المعرفة مع موانىء عالمية.


أرباح سهلة

والسؤال الجوهري هو: لماذا تحصد (لمنالكو الخاصّة) أرباحا سهلة بعد تغيير وجهتها عن خزينة الدولة؟

أنظمة ميناء العقبة تشترط على جميع السفن الراسية في المرفأ شراء خدمات المرافقة، المساعدة والإرشاد إلى جانب تربيط حبال السفن وفكّها. إذن نحن أمام خدمة حصرية وإلزامية غير معقّدة بموجب القانون لأي سفينة تقصد ميناء العقبة وتصطف على أرصفته.


ما هو الأسوأ من هذا؟

أن المنطقة الاقتصادية الخاصة ضاعفت في 15 عاما، منذ 2006 ، أجور الإسناد وتعرفة القطر سبع مرّات ما أدّى إلى رفع أرباح لمنالكو و رفع أسعار السلع في الأردن وخروجها عن نطاق قدرة المواطن الشرائية. إذ قفزت الزيادات 690 % فيما يخص خدمة القاطرات الإلزامية لسحب السفن إلى الرصيف/ المرسى و150 % لسائر الخدمات. (مرفق جدول-3 لأحد قرارات رفع التعرفة، حسبما نشر في الجريدة الرسمية).

تلك الأنشطة كانت منوطة منذ ستينيات القرن الماضي بأجهزة مؤسسة الموانئ وكوادرها المؤهلة على مستوى عال من السلامة والحرفية مقارنة بسائر دول المنطقة. لكن بعد الخصخصة، تم تسريح المدراء الأردنيين رغم تأهليهم على نفقة الدولة.


100 ألف دينار

وتم تجيير صلاحيات مؤسسة الموانئ إلى شركة ميناء العقبة للخدمات البحرية، التي بدأت برأسمال 100 الف دينار مقابل حق استغلال حصري ينتهي عام 2021، وذلك لمنفعة المشغّل العالمي سميت لمنالكو وشركة الخطوط الوطنية المساهمة.

تربّح المستثمر الخاص أيضا من عمليات تأجير قواربه وبيعها إلى شركة ميناء العقبة، كما يفشي التضارب في سجل ملكية السفن.

ولا يمكن حصر هذه المبالغ وأطراف عمليات البيع والشراء – إن كانت سميت لمنالكو هولندا أو شركاتها الممتدة عالميا- إلا عبر تدقيق البيانات المالية للشركة وسجل السفن للتأكد من مدى خرق مصالح الدولة الأردنية في تلك الصفقات.


الهدف من الخصخصة ... أين وصلنا بها بل وصلت بنا؟

الفلسفة وراء خصخصة خدمات مؤسسة استراتيجية ومربحة كالموانئ كانت تحسين الخدمات وزيادتها إلى جانب تعظيم دخل الدولة من هذه الخدمات الحصرية إلى جانب إعفاء الخزينة من الاستثمار في البنية التحتية كما الحال في عطاء مطار الملكة علياء الدولي الناجح. ولكن في صفقة مؤسسة الموانئ نرى العكس تماما. إذ لم يضف الشريك أي شيء سوى الحصول على أموال الدولة والمواطن لمدة 15 عاما.

أقل ما يمكن فعله الآن هو التصدّي لتجديد لهذا العقد الجائر، وقف الهدر والاستثمار في الخبرات الأردنية الكفوءة عبر إعادة هذه الخدمة لمكانها الصحيح؛ وهو الدولة الأردنية.

فمن يوقف هذا الهدر وينتصر للكفاءات الأردنية المهملة وللأموال المسلوبة استجابة لنداء سمو ولي العهد، الذي يطالب بتصحيح مسار العديد من العقود والصفقات المشبوهة في منطقة العقبة الخاصّة؟
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير