جفرا نيوز -
جفرا نيوز- بقلم محمد زعل الخريسات
في حجم بعض الورد الا انه لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا .....في البداية لابد من الإشارة إلى من كان لهم الفضل في هذا الإنجاز فقد تم إطلاق الفكرة في بداياتها من قبل الجمعية الاردنية للمحافظة على التراث ومن ثم قامت بلدية السلط مشكورة في تبني الفكرة وساهمت في عرض تراث السلط في المحافل الدولية لغاية المنافسة في إدراجها في لائحة التراث العالمي ولا يسعني في هذا المقام إلى ان اتقدم لجميع من ساهم في هذا الإنجاز وانني استذكر في هذا المقام ما تحمل مدينتي من اروع الأمثلة في التعايش الديني والامتداد التاريخي للحضارات التي توالت وبقيت صامدة تحمل في طياتها وبين جدرانها الموروث الثقافي والديني بشهادة المكان والمقام، فكانت السباقة في رفد الدولة الأردنية في بداية تأسيس الإمارة بالزعامات السياسية والفكرية والعلمية ، فهي قبلة التعليم لجميع المدن والقرى الأردنية آنذاك في فترة تأسيس الإمارة كيف لا؟ وهي تتربع على تلالها ام المدارس مدرسة السلط الثانوية التي أنجبت خيرة الخيرة في مواصلة مسيرة بناء الأردن الحديث ،حيث تخرج من مدارسها الرجال الأوائل من كبار قيادي الدولة فكانت وبلا شك مدينة الأوائل ففيها أوائل المدارس وأوائل الزعامات والتي كانت تساهم مع باقي مدن الأردن في تأسيس الدولة الأردنية، استحقت أن تحظى بلقب مدينة الأوائل عن جدارة ولم يقتصر دور هذه المدينة في المساهمة في رفد الدولة بجيل الأوائل من المتعلمين بل ذهبت إلى أبعد من ذلك في انها كانت لها الكلمة في ضرورة قبول الآخر ضمن الثوابت الوطنية التي تساهم في ترسيخ الهوية الأردنية الجامعة ،فكانت السند للجوار في استقبال المهاجرين ليتشاركوا معا في البناء ، فجعلها تنفرد بالتنوع الحضاري والثقافي والديني عقب العديد من الموجات من الهجرة كان أولها هجرة الارمن إلى مدينة السلط هربا من الظلم والاضطهاد في مطلع القرن السابق عدا عن العديد من الهجرات التي كان لمدينة السلط نصيبا منها ، ولقد حظيت ولما تتمتع به من ملتقى تجاري بين وادي الأردن والصحراء الشرقية أن كانت ثاني غرفة تجارة على مستوى الوطن العربي ، وتتميز مدينة السلط بأنها الجامعة بين الماضي والحاضر حيث ظلت مبانيها وادراجها تستذكر من تخرج من بين أكنافها وتشهد طيات سجلاتها انها لم تكن حكرا على أبناء مدينة السلط بل كانت تضم في صفوفها مختلف اطياف المجتمع الأردني وتوسعت بأن كانت أنموذجا للقومية العربية بما حظيت من رسائل تصدر من حناجر أهلها برفض التبعية والمطالبة بالاستقلال في العشرينات ، ففيها الطالب والمعلم والشاعر والعالم العربي يبنى رسالة التعليم التي تبني أجيالا كان لها الأثر الكبير في بناء مؤسسات الدولة الأردنية وعلى كافة الأصعدة بما حملت من الفكر العربي الموروث لترسم خارطة طريق البناء في وقت مبكر حين كانت تتهاوى فيه الانظمة والحضارات وتعم الفوضى من حولها ، فقد اجتمع فيها الراي والمكان والزمان في ان تكون ملتقى الزعامات الأردنية المطالبة بالحرية وترسم الوان الحكم العربي و التي كانت بداية الطريق ففي عام ١٩٢٠ تنادى زعامات القبائل الأردنية الى مؤتمر السلط الذي كان بداية الاعلان الرسمي عن الاستقلال الإداري لشرق الأردن والذي كان الخطوة الأولى لمؤتمر ام قيس الذي تنادى به إلى المطالبة بحكومة عربية تحكم شرق الاردن والتي بعثت بحاكمها الى معان لتأييد الثورة العربية الكبرى التي أعلنت فيه تأسيس امارة شرق الاردن في عام ١٩٢١ م ،إن موقع مدينة السلط الجغرافي اكسبها ميزة الاستقرار الحضاري منذ الحضارة البيزنطية إلى الحضارة الإسلامية فقد تميزت مبانيها المعمارية بمزيج بين الفن المعماري الإسلامي و الفن الروماني و البيزنطي جعل من مبانيها حالة من التقاء الفن المعماري يعبر عن تنوع فريد من العمارة ، إن تراث مدينة السلط يؤكد على أنها كانت مقام للأنبياء والرسل ففيها العديد من المقامات التي تعزز التنوع في الحضارات ،إلا أنها كانت تتميز في رفض الاستبداد والظلم لقد استعصت مدينة السلط في كثير من الحقب الزمنية ولم تستجب للتبعية لأحد فكان لإبراهيم باشا راي آخر في الانتقام بأن هدم قلاعها انتقاما من عصيانها ولكنها ما أن هدمت قلاعها حتى فاقت مرة أخرى لتصبح مركزا للمؤتمرات الوطنية المطالبة بالاستقلال لشرق الأردن، ان عمق العلاقة ما بين الأجيال التي توارثت فيها الثوابت التي نشأت عليها جعلها تتسابق ما بينها في حقبة الخمسينات وأن تتبنى الحياة الحزبية بكافات أطيافها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، بل وصلت أن تتعدد الأطياف السياسية في البيت الواحد والكل يعبر عن رايه وفق البرنامج الحزبي ولقد كان لتلك التجربة المبكرة للمدينة في الحياة الحزبية الأثر الكبير في أن يساهم وبشكل مبكر في التنمية السياسية لجيل الشباب الاردني الذي أصبح عنوان واضح للمراحل المقبلة اذا غاب سيد جاء سيد آخر يستمدون العزيمة من الله ويستذكرون خوابي الزيت في منازل الآباء والأجداد لتؤكد أن الأردن اقوى وسيبقى إن شاء الله بهمة رجالاته بما يحملون من أنبل صفات الكرم والأخلاق الحميدة ..استحقت وتستحق هذا التكريم واستذكر قول الشاعر حيدر محمود في السلط
تعاتبني،وحُقَ لها العتابُ
فعن أٌمَ الندى ، طال الغيابُ
وما أنا من بنيها،غير أنًي
ككلَ العاشقين،لي انتسابُ
ولي فيها منازلُ عامراتٌ
بأهليها، ولي فيها رحابُ
وفي قلبي لها ديوانُ شعر ٍ
وايوانٌ ،وبستانٌ ،وغابُ
هي السَلطـ ُ التي أسكنتُ روحي
بـ "عين بناتها "..فزكا الشَرابُ
لِدي * مثل الذين مضوا، وغابوا
فمن شُهُب الدٌجى ..يأتي الشَهابُ
وفي الختام فإننا انتهز هذه الفرصة بأن يكون الاعلان عن هذا الإنجاز نداء الى رجالات الأردن استثمار هذه اللحظة التاريخية في مدينة السلط لتكون الخطوة الأولى في استقطاب الاستثمار لمدينة السلط ضمن موروثنا الثقافي والديني وثوابتنا الوطنية ويعود بالخير على اردننا الحبيب...
حمى الله الأردن واعز ملكه
.