النسخة الكاملة

تونس أمام مُفترق طرق... هل تستعيد الثورة «ألقَها»؟

الخميس-2021-07-27 10:27 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد خروب
ما حدث ويحدث الآن في تونس يُنعش الآمال بإمكانية إستعادة ألق الثورة التونسية, التي حاولت وما تزال قوى الثورة المضادة وعلى رأسها حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي, إختطافها وتجييرها لصالح مشروعها الإسلاموي, المُتماهي ضمن أمور أخرى مع المشروع الطوراني الذي يقوده الرئيس اردوغان, والرامي إحياء الإرث العثماني عبر هجمة مُتدحرجة على «ساحات» عربية مختلفة, خاصة بعد إنحراف بوصلة ما أُسميّ زوراً الربيع العربي, الذي أحكَم الأميركيون والحركات التكفيرية والجهادية, وخصوصاً من تولّوا تمويله ورفده بالسلاح والمعلومات..قبضتهم ?ليه, على نحو لم يعُد.. وبعد أزيد من أحد عشر عاماً على ثورة الياسمين التونسية, يُشكّك بأن المشهد العربي الراهن بات أسوأ مما كان عليه عشية الثورات العربية التي سالت فيها دماء كثيرة وأزهِقت مئات آلاف الأرواح البريئة, وعمّ الخراب والدمار في معظم بلاد العرب.

الأحداث التونسية المُتسارعة باتت تتصدّر المشهدين الإقليمي والدولي, لأن ما ستسفر عنه سيترك آثاره على مجمل خريطة التحالفات والإصطفافات التي لم تتبلور بعد, خاصة بعدما تُركت تونس لِمصيرها طوال «عام» انقضى على الأزمة السياسية الدستورية التي افتعلتها حركة النهضة وخصوصاً حليفها هشام المشيشي, الذي جاء به الرئيس سعيّد نفسه بعد مؤامرة قادها الغنّوشي ضد حكومة إلياس الفخفاخ (كان المشيشي وزيراً للداخلية فيها راهن سعيّد عليه, لكنه انقلب عليه مُنحازاّ للغنوشي. واصَلَ الإثنان التصويب الى الرئيس سعيّد وسعيا بلا كلل لتشويه ?معته وشيطنته ثم تحجيم صلاحياته الدستورية ودفعه للإستقالة, أو القبول بمشروعهما الرامي إلحاق تونس بحلف مشبوه تقوده تركيا. ومؤشرات ذلك عديدة ليس أقلها مُواظبة الغنوشي زيارة أنقرة/اسطنبول, والإلتقاء مع أردوغان وبحث موضوعات وملفات سياسية ليست من إختصاصه, كونه رئيساً للسلطة التشريعية دون أن يلقي ذلك أي انتقاد أو إحتجاج من حليفه/رئيس الحكومة المشيشي.

الحملة الإعلامية الشرسة/والمنسّقة التي اندلعت مباشرة بعد قرارات سعيِّد, التي ليست تعليقاً للدستور أو خروجاً على الشرعية الدستورية...تروم (الحملة الإعلامية الداخلية وخصوصاً الخارجية عربية وأوروبية تحديداً), توتير الأجواء ودحرجتها وصولا الى مواجهات في الشارع, مهّدت لها تصريحات قادة حركة النهضة/على رأسهم الغنوشي, «وصِهره»...رفيق عبد السلام الذي شغل منصب وزير الخارجية في اول حكومة بعد الثورة, كان قبلها مُجرد إعلامي موظف في فضائية عربية معروفة. إضافة بالطبع الى نائب الغنوشي/علي العريض رئيس الحكومة الأسبق. وانضم?إليهم لاحقاً منصف المرزوقي رئيس الجمهورية الأسبق, الذي «لَحَسَ» تصريحات سابقة أدلى بها في/27 حزيران الماضي, عندها اعتبر حركة النهضة بأنها «جزء من خراب البلاد» واصفاً ذلك بأنها «قناعة توصّل إليها, بأن حركة النهضة هي سبب فشل الثورة التونسية", مُنتقداً في شكل لاذع راشد الغنوشي نفسه, وأنه (المرزوقي) تفاجأ, عندما استمع إلى زعيم حركة النهضة الغنوشي, وهو يدعو إلى التصويت لصالح زعيم الثورة المُضادّة (يقصد المرزوقي الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي) ثم يضيف (المرزوقي)...: تحالَفَ الغنوشي فيما بعد مع الأحزاب الفاسدة ?رموز الفساد.

ها هو المرزوقي الآن رغم ارتكابات وخطايا حركة النهضة وزعيمها الغنوشي, يصف قرارات الرئيس سعيّد بأنها «انقلاب وخرق للدستور لا يقبله المنطق", وإذا ما أخذنا في الإعتبار ما بدأت الصحافة الأوروبية/ خصوصاً الفرنسية ضخّه وتضخيمه ووصف قرارات سعيّد بأنها «تُقوِّض الديمقراطية التونسية الفتية» على ما زعمت «لوموند» الفرنسية أمس, فإننا نكون أمام محاولات حثيثة لإدخال تونس في أتون حرب أهلية, رغم الفشل الذريع الذي سجّلته حكومة المشيشي حليف بل المُتذيّل لحركة النهضة/وزعيمها الغنوشي على أكثر من صعيد, خاصة في مواجهة جائحة كورو?ا وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار ونِسَب الفقر والبطالة والفساد, فضلاً عن عودة نشاط بقايا الحركات الإسلاموية/التكفيرية/والتنظيمات الإرهابية.

خلاصة القول...المشهد التونسي المُحتقِن مفتوح على إحتمالات عديدة، لكن ما يدفع للتفاؤل هو الدعم الشعبي الواسع الذي قوبلت به قرارات الرئيس سعيّد, فضلاً عن مساندة الجيش والقوى الأمنية لخطواته. الأمر الذي «قد» يُجنّب البلاد «المؤامرة» التي عكف عليها الثنائي الغنوشي/المشيشي.. أطاحتها قرارات سعيّد الأخيرة. لهذا جاء رد فعل تركيا يوم أمس..غاضباً ومُندِّداً. عندما قال متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، تعليقاً على إعلان الرئيس سعيد تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه: «نرفض تعليق الع?لية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس الصديقة والشقيقة", مُضيفاً: ندين المحاولات الفاقدة للشرعية الدستورية والدعم الشعبي، ونثق أن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذا المسار»..