النسخة الكاملة

جدل المواطنة والهوية

المهندس عادل بصبوص

الخميس-2021-07-26
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
 
في الوقت الذي تستمر فيه مداولات وأعمال اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية، تجري مداولات ونقاشات و"اشتباكات" موازية ميدانها الصحف والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بعضها لا يسعى إلى الخروج ببدائل ومقترحات تساعد اللجنة وتثري النقاش حول أفضل السبل الممكنة لتنفيذ الاصلاح السياسي المنشود، وإنما تنذر وتحذر وتتوعد، في هجوم استباقي، من وصفتهم بالساعين إلى المس "بالهوية" والثوابت، في إشارة إلى كل من يطرح قضايا تتعلق بالمواطنة المتكافئة، والهوية الجامعة، والديموغرافيا، و .... و ....، تلميحاً أو تصريحاً، من داخل اللجنة أم من خارجها، وتدعو كل من يهمه الأمر إلى التحرك سريعاً لوأد هذه المحاولات في مهدها ... قبل أن تتفاقم وتخرج عن السيطرة 

للخائفين والمتوجسين والقلقين، نقول لا تخافوا واطمئنوا بالاً فمخرجات اللجنة العتيدة بتركيبتها وبما رشح عن مداولاتها لن تغير الكثير، وسوف تعيد انتاج ما هو قائم منذ سنين طوال، أما من تخشون أن يسطوا على مكتسباتكم، فجلهم لا يأبه إن زادت حصتهم من المقاعد النيابية أو بقيت على حالها او حتى إن نقص عددها، فلديهم ما يشغلهم كبناة وشركاء حقيقيين في هذا البلد، ولسان حالهم يقول إن أي نائب ملتزم ومخلص هو ممثلهم وصوتهم في المجلس بغض النظر عن أصله وفصله ومنبته.
 
أما عن الهوية وما أدراك ما الهوية، فالهويات الفرعية حتى وان دافع عنها الكثيرون لن تكون بديلاً عن الهوية الجامعة لهذا البلد، والتي تبلورت وترسخت منذ أن شكل رشيد طليع أول حكومة أردنية، ومنذ أن حملت قواتنا المسلحة الباسلة اسم "الجيش العربي"، ومنذ ان انتخبت القدس ابن الكرك يعقوب زيادين ممثلاً لها في البرلمان، ونعجب ونحن في عصر العولمة التي تسعى فيه المجتمعات الكبيرة إلى مزيد من التكتل والتوحد، سَعْيَ البعض إلى الإمعان في تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، سعياً وراء مصالح ومكتسبات شخصية وفئوية حتى وإن أدى ذلك إلى جر البلد سنوات إلى الوراء 

لم يعد التوجه إلى الإصلاح ترفاً، أو مجرد خيار يمكن الأخذ به أو تأجيله أو حتى شطبه من أجندة أو أولويات الأردنيين، وهذا ما أدركته القيادة وسارعت إلى المبادرة بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لوضع الأطر اللازمة لجزئية الاصلاح السياسي وخاصة ما يتعلق بإعداد قانون انتخاب عصري عادل ومنصف، واطلاق حياة حزبية نشطة وفعالة، وضمن هذا السياق لا يمكن قبول مبدأ التدرج أو التقسيط، فالإصلاح كل لا يتجزأ إذا ما أُريد له أن يحقق أهدافه المنشودة، وأما التذرع بمبررات لا تصمد أمام أبسط قواعد المنطق، مثل ربط الموضوع بتسوية القضية الفلسطينية، أو التصدي لمخططات التوطين، فهي مجرد محاولات لخلط الأوراق والحيلولة دون تنفيذ استحقاقات بات التأخر في تنفيذها مكلف جداً

لا جدال بأن هناك مصلحة صهيونية بإبقاء الأردن ضعيفاً هشاً، كيف لا وهو يشكل عقبة كأداء أمام الأطماع والمؤامرات الصهيونية التي لم تنتهي بإحتلال كامل أراضي فلسطين التاريخية، الأمر الذي يتطلب رص الصفوف والوحدة بين من وضعتهم الظروف في مركب واحد تتقاذفه الرياح والأمواج، إن تنازعوا انقلب بهم، وإن توحدوا وصل شاطئ الأمان ونجوا جميعاً.