النسخة الكاملة

بماذا ينشغل عقل الدولة بعد زيارة واشنطن…والانظار ترنو نحو مخرجات لجنة الإصلاح؟

الخميس-2021-07-26 10:16 am
جفرا نيوز -
 جفرا نيوز - نجاح حملات الضغط الشعبوية في ملاحقة أعضاء في اللجنة الملكيةانضم على نحو أو آخر بعد ظهر الأحد إلى الحادث الذي حصل في أحد مستشفيات العاصمة وأدى إلى وفاتين في تأزيم مواقف حراكية شعبوية تحظى اليوم بالأضواء وبصيغة قد تؤثر سلباً على ما يصفه السياسيون بمنجز كبير تحقق في الولايات المتحدة مؤخراً.

ثلاثة أحداث يتابعها الرأي العام الأردني مع بعضها بعضاً.

لكن ما يربط بينها ليس فقط التزامن، ولكن أنها أحداث ووقائع تحتاج اليوم إلى قرارات واتجاهات في الإدارة العليا للدولة، ويمكن أن ينتج عنها تغييرات وتبديلات وخارطة نخبوية جديدة، على أمل التحريك ومنع الاسترسال في التأزيم.

عقل الدولة الأردنية اليوم أمام اختبار غير مسبوق، له علاقة بتلك السجالات غير المألوفة بين الأردنيين والتي انتهت بحملات ضغط أدت إلى إقصاء أعضاء بارزين في لجنة تحديث المنظومة الملكية السياسية، وتلاحق الآن أعضاء آخرين واليافطة المستقرة في الاحتجاج، والاعتراض هنا وجود تيار مدني علماني متطرف -كما يرى الناشط النقابي الإسلامي البارز أحمد أبو غنيمة- يتغلغل في الدولة واللجان، ويحاول المساس بالقيم المفصلية بالمجتمع الأردني.

الدولة مطالبة، وقد بدأت فعلاً عملية العصف الذهني داخل أروقتها، بتحديد موقف محدد له علاقة بنمط من المحاكمات الشعبية بدأ يظهر ويعبر عن نفسه تحت وطأة الاحتقان الاقتصادي والمعيشي، وتحت ستار الرغبة في مضايقة الدولة ومناكفتها وإزعاجها.

وقد عبر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة عن ذلك عندما حذر من أن تهديد سلامة وحياة الناس وإنتاج أجواء ومناخات من شأنها التحريض عليهم وعلى سلامتهم ووسمهم بكل ما من شأنه أن يستثير بعض الغرائز الأساسية التي لا صلة لها بالدين ولا بموروثنا القيمي والاجتماعي ولا بكوننا دولة مؤسسات – هو أمر سنتصدى له بذات الحزم لمن يستهدف زعزعة أوضاع مجتمعنا ومن يمس ثوابتنا الوطنية العامة وثوابتنا الدينية والثقافية والحضارية.

تلك إشارات صلبة من الخصاونة، فقد دفع الأمر إلى ظاهرة جديدة في المجتمع الأردني سماها الصحافي العتيق والمخضرم سمير الحياري بـ»تضخيم الأحداث، وكشف الحسب والنسب، والضرب تحت الحزام، والنبش والهبش».

وهي نفسها الظاهرة التي بدأت تزيد تحت شعار الولاء والانتماء للوطن، فيما يؤشر إعلامي معروف هو عبد الله بني عيسى، إلى أن مثل هذه الحملات خطيرة ومقلقة، مذكراً بما حصل يوماً مع الشهيد ناهض حتر عبر صفحته التواصلية، ومتسائلاً ما إذا كانت الدولة معنية الآن بأن تسمح بذلك.

نقاشات من هذا النوع تمكنت من إقصاء عضوين في اللجنة الملكية حتى الآن، هما عريب الرنتاوي ووفاء الخضرا، بسبب أراء مثيرة للجدل لهما.

لكن الحملات بنفس النمط تلاحق، الآن وبكثافة بعد تسجيل سوابق الاستقالات تحت الضغط، ثلاثة أعضاء آخرين في نفس اللجنة؛ أحدهم اتهم شعبوياً بالاعتراض على مكبرات الصوت في المساجد، وآخر حوكم عام 2003 بتهمة الإساءة لزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام، وثالث بدأ ينبش بعض النشطاء في شهادة جامعية حصل عليها من الخارج.

تلك ملاحقات يبدو الاعتقاد الأولي بأن المؤسسات المختصة في الدولة خارج سياق الاعتراض عليها، الأمر الذي دفع رئيس اللجنة الملكية سمير الرفاعي إلى الإعلان عن وجود من لا يريدون لتلك اللجنة النجاح في مهمتها.

النميمة السياسية تكاثرت على هذه الجبهة خصوصاً وسط الصالونات، بعنوان سيناريو يحتمل رعاية أو موافقة شبه رسمية على ملاحقات الرأي التي بدأت تبرز كظاهرة في الحياة الأردنية، فيما تدخل جبهة العمل الإسلامي على الخط معترضة على ما تسميه بأي مساس بهوية الأردن العربية والإسلامية، والتلاعب بنسيجه الوطني، محذرة بسعي بعض الجهات للتلاعب بذلك النسيج بهدف عرقلة مطالب الإصلاح.

الموقف إزاء ما وصفه عريب الرنتاوي يوماً بالحملات المكارثية يبدو مثيراً للجدل في المشهد الأردني.
وطبعاً، مستوى الجدل زاد في الساعات الأخيرة، لأن للحكومة –في المقابل- انشغلت قسراً بحالتي الوفاة في حادثة المستشفى الجديدة؛ فوزير الصحة الطازج يتابع بقلق، ومجلس النواب يتحفز، والانتقادات على منصات التواصل تجمع بين تلك الهفوات لأعضاء في لجنة الإصلاح وبين الإدارة السلبية للقطاع العام.

حادثة مستشفى الجاردنز انضمت شعبوياً إلى تلك الجملة المعترضة التي لا حدود لها اليوم وهي تعترض على لجنة الإصلاح الملكية، وثمة توافقات تلاحق بعض الليبراليين والعلمانيين في المنطقة المشتركة ما بين الحركة الإسلامية والقواعد الشعبية الاجتماعية، حيث ظهرت على سبيل المثال ضغوطات تيارات المتقاعدين العسكريين في حالتي الإقالة الخاصتين بعضوي اللجنة.

في الأثناء، وعلى المستوى الأفقي بين رموز الدولة والقرار وجميع السلطات، انشغال بما ينتج عن مزاج الشارع وما سينتج من توجهات وتوجيهات ملكية تخص كل الملفات الداخلية خلال الأيام القليلة المقبلة التي تعقب عودة الملك عبد الله الثاني من زيارة مهمة وتاريخية إلى واشنطن.

الأساس في الانتظار هنا هو الاستنتاج المحكم بأن الجزء المحلي والداخلي من استحقاقات تلك الزيارة المهمة سيبدأ بالظهور تباعاً وبالقطعة خلال أيام قليلة وقبل نهاية الشهر الجاري، حيث الجميع ينتظر صافرةً ما تؤدي إلى تغيير أو خلخلة أو عملية برمجة ناتجة عن حالة التلاقح الاستثنائية التي جرت مع عقل المؤسسات الأمريكي.

القدس العربي