جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتبت : دانييلا القرعان
تعد زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم الى الولايات المتحدة الامريكية أول زيارة دولة رسمية لزعيم عربي منذ تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن مهام عمله كرئيس للولايات الامريكية منذ ستة أشهر تقريبا. ويعتبر هذا اللقاء التاريخي لقاء استراتيجي وسياسي وهام خصوصا في هذا التوقيت الشرق الأوسطي الحساس.
اللقاء الأردني الأمريكي بين رئيسي دولتين مؤثرتين له دلالات هامة تعكس أهمية الأردن الاستراتيجية والدور الحيوي الذي يقوم به في المنطقة العربية من منظور أمريكي، وتأتي هذه الزيارة الهامة بما تعانيه المنطقة العربية من ظروف إقليمية سياسية اقتصادية صحية معقدة، حيث تزخر المنطقة بالملفات المهمة على صفيح ساخن والتي تعصف بمستقبل القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تشكل القضية الإقليمية المركزية للسياسة الأردنية بالرغم من محاولات تهميشها وإعطاء الأولوية لقضايا أخرى تخدم مصالح دول مؤثرة على الساحتين الإقليمية والدولية. وليس هذا فقط وانما تأتي هذه الزيارة تزامنا مع ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن وإيران من صراعات إقليمية سياسية عسكرية عصفت بالمنطقة العربية، ناهيك عن الإرهاب والتطرف وخطابات الكراهية التي باتت منتشرة بين الأنظمة العربية كثيرا.
تأتي هذه الزيارة الهامة في أعقاب الجهود الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك خاصة بعد المواجهة الأخيرة بين المقاومة الإسرائيلية وإسرائيل، والقمة الثلاثية الرابعة لمصر والأردن والعراق في بغداد، واجتماع جلالته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. أما على الصعيد الأمريكي تأتي هذه الزيارة بعد أربع سنين عجاف من إدارة ترامب وتسلم إدارة جديدة أظهرت اختلافات واضحة في نظرتها لملفات المنطقة وتحديدا القضية الفلسطينية، وكذلك ذهاب نتنياهو وتولي حكومة إسرائيلية جديدة.
هذا التسليط الذي قمت به على هذه الزيارة الهامة بين قطبي لهما تأثير كبير في القضايا العربية والدولية " القطب الأردني والقطب الأمريكي" ولقاء جلالة الملك بالرئيس الأمريكي المنتخب وعدد من المسؤولين والقيادات الامريكية في الإدارة والكونجرس تشمل أعضاء بارزين في مجلسي الشيوخ والنواب ولجان القوات المسلحة والعلاقات والشؤون الخارجية والتخصيصات المالية، بأنه كيف يمكن من خلال هذا التسليط أن تؤثر هذه الزيارة على نظرة وسياسة الولايات المتحدة في المنطقة بشكل عام وعلى أمن واستقرار ورفاه الأردن وقدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه بشكل خاص هذا من جهة، ومن جهة أخرى كيف تنظر الولايات المتحدة رسميا من خلال المرجعيات البحثية والفكرية للأردن.
"الجانب الأردني" انطلاقة الأردن في علاقته المتينة مع الولايات المتحدة تعتمد على ركيزتين أساسيتين هما الفهم العميق للسياسة الامريكية وخاصة في المنطقة وفهمه لأهميته الاستراتيجية الركيزة الأولى، والثانية سعي الأردن لحماية مصالحه والمحافظة على أمنه واستقراره ومحاولة تحقيق الازدهار السياسي والاقتصادي والقومي. لكن دعونا نطرح السؤالين الآتيين: ما هي بدائل الأردن المطروحة الآن؟ وكيف يسعى الأردن دائما من خلال علاقاته المتينة المؤثرة مع دول الجوار والاحترام الذي يحظى به الأردن دوليا الى خدمة مصالحه ومصالح الدول العربية والإسلامية؟ أقول هذا هو الدرس الهام لمن يريد أن يفهم سياسة ومواقف الأردن وعلاقته مع الولايات المتحدة ولمن لديهم شك في حكمة السياسة الأردنية في علاقاتها الدولية.
"الجانب الأمريكي" الولايات المتحدة تنظر دائما للأردن على أنه حليف رئيسي لها في المنطقة العربية، والأردن يحظى بمكانة مرموقة تقديرا لأدواره المهمة وسياساته المؤثرة وقدرته على التعامل مع القضايا والملفات الساخنة على الساحة العربية والدولية، ومشاركاته الفاعلة في حفظ الأمن والسلم الدوليين، ويأتي الدور الأمريكي للمحافظة على أمن واستقرار الأردن ودعمه وتمكينه اقتصاديا في مواجهة التحديات المحاطة به.
هنالك الكثير من المواضيع المطروحة بين جلالة الملك وبايدن على طاولة الحوار خصوصا بعد التطورات الأخيرة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية وحرب غزة، ونذكر منها أن الأردن ثبت على موقفه المؤيد لحل الدولتين كمصلحة وطنية، وله الوصاية على الأماكن المقدسة، كما أن سوريا من المواضيع الهامة خاصة وإن الإدارة الحالية ما زلت بصدد رسم سياستها تجاه الملف السوري، والأردن من الدول القليلة التي أبقت على تواجد دبلوماسي في دمشق، والأردن يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، والحديث عن تردي الأوضاع الاقتصادية في الأردن خصوصا بعد كورونا مما يزيد من مخاطر زعزعة امن واستقرار الأردن، وضرورة بحث دور الأردن في تخفيف التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين ومواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، وأوضاع العراق وليبيا والمنطقة العربية بشكل عام.