جفرا نيوز -
جفرا نيوز - فايز الفايز
«أريد أن أشكرك يا جلالة الملك على علاقتك الاستراتيجية الطويلة مع الولايات المتحدة، لقد كنت دائما حاضرا من أجلنا وسنكون دائما حاضرين من أجل الأردن، وأشكرك على قيادتك الحيوية في الشرق الأوسط»، بهذه الجملة التي تختصر المشهد الجديد للعلاقات الأردنية مع الدولة العظمى، افتتح الرئيس جوزيف بايدن بواكير حصاد الجهد الملكي لزيارته الهامة للولايات المتحدة، إذ دارت مباحثات ونقاشات عالية المستوى حول جميع القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تزاحمت في صدر الملك لسنوات من أصعب الحقب التي شهدها الأردن والعالم العربي،?وها قد ظهر جليا عودة البيت الأبيض إلى الطريق الصحيح والهدف الأقرب للتعاون الأمثل مع شريك موثوق في إقليم من الرمال السياسية المتحركة.
ليس بادين وحده الذي شدد على أن الأردن وقيادته سيبقيان على رأس الاهتمام الأميركي، فقد كان مبنى الكونغرس مشرعا بشقيه الشيوخ والنواب ومن الحزبين لجلالة الملك، في احتفالية سارع العديد منهم للترحيب والإشادة بدور الأردن كحليف قوي في الشرق الأوسط، حيث حمل معه تصورات لمرحلة قادمة لإعادة رسم الخارطة السياسية وتثبيت الالتزامات على أرض الواقع، ووضع مقترحات فكفكة أزمة الصراع في سوريا والتي تأخذ أهمية كبيرة في عقل الدولة الأردنية، ودعم الحكومة في العراق، وانتزاع الاعتراف الأميركي بدور الأردن التاريخي في القدس الشريف، و?خضاع العلاقة ما بين تل أبيب والفلسطينيين للقانون الدولي وشرعية الدولة الفلسطينية وحقوق شعبها على أرضهم.
ولعل كلمات رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الحميمة تجاه الملك والأردن قد أعادت الدور التاريخي لعمان، إذ قالت «إن أميركا ممتنة جدا للعلاقة مع الأردن وأشعر بفخر خاص لأنني عرفت والدك الحسين وأعرفك شخصيا قبل اعتلائك العرش، وانت تغني خلال محادثاتك معنا بمعرفتك وذكائك وتفكيرك الاستراتيجي.. ونحن نتعلم منك الكثير وسعيدون باستضافتك في الكونغرس».
وفضلا على ذلك فقد كان اجتماع الملك والوفد المرافق مع وزير الخارجية بلينكن وطاقمه في مبنى «الخارجية»، أوضح التأكيد على الدور الأردني المهم منذ بداية عهد الملك عبدالله وتوفير الدعم الكافي لجهود الملك واستقرار الأردن اقتصاديا وعسكريا، فيما أصدرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ عقب لقائها الملك، بيانا أشادت فيه بالعلاقة مع الأردن وبما يمثله من ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط ومعرباً عن أهمية العلاقة مع الأردن، ومثله كان بيان مجلس النواب الذي أعاد التأكيد على ثبات العلاقة والدعم للأردن كحليف قوي ومستقر ما?يؤهله للعب الدور الأكبر في السياسة الخارجية في المنطقة.
الزيارة الملكية لواشنطن أثارت اهتمام المراقبين وأهل السياسة في مراكز القرار وقطاع الصحافة ومراكز التفكير في الولايات المتحدة وقد تصدرت عناوين الصحف وتحليلات الكتاب البارزين أهمية الزيارة ونجاحها في إعادة الدور الأصيل للملك كشريك وحليف قدمه البيت الأبيض بكل ثقة قبل الجميع، فبينما كان المسؤولون هناك يترقبون مخرجات الأجندة الأميركية فيما يتعلق بالمنطقة العربية ومحيطه الممتد شمالا وشرقا، يأتي الملك بكل ثقة ليشرح على طاولة الشريك الأميركي طلاسم الوضع الذي غابت عنهم لسنوات انشغلت إدارتها السابقة بملفات عقائدية أ?ثر منها سياسية، ويقدم تصوراته للحل السلمي في سوريا ودعم الاستقرار في العراق والحل الشامل للقضية الفلسطينية وقواعد العلاقة مع تل أبيب والشراكة الأمنية لحماية أمن الإقليم.
هنا وبعد أن نرى حجم التأييد والتأكيد على أهمية بلدنا الأردن الدولة الأولى عالميا،نفهم موقف البعض سياسيا من الولايات المتحدة، ولكن الأردن السياسي تاريخيا كان حليفا دائما لواشنطن، وهذا ليس سرا، في ظل استقطابات الدول حول العالم، ولكنه لم يكن ليخضع لما يطلب منه عندما يشكل أي طلب أو تقديم أجندة تشكل تهديدا لثوابته الوطنية أو علاقاته المبنية على احترام الجوار أو تغيير في سياسته الداخلية تنفيذا لرؤى لا تناسب نهجه، ولنا في السنوات الأربع مثالا لقوة الإرادة عندما نريد، وقبل ذلك مع إدارات سابقة خلال حقبتي الثمانينات?والتسعينات من القرن المنصرم.
فاليوم يفتح الأردن عهدا جديدا من الأهمية بمكان لإعادة وطننا لأهميته التاريخية وتعزيز موقعه السياسي على خارطة العالم، وهذا يستوجب على الإدارة الأردنية العمل لتصحيح جميع المسارات التي تأتي لنا بالفائدة والانفراج كدولة متحضرة وذات موثوقية تعتمد على قيّم عربية إسلامية صحيحة، والعمل بجدية للإصلاح ونحن نعيش في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتجاذبات اجتماعية مرهقة وحساسيات جيوسياسية مزعجة، ومع ذلك كله استطاع الملك لوحده فتح بوابة البيت الأبيض ومراكز صنع القرار مجددا، إذ كان حصاد واشنطن وافراً سياسيا، فإننا نعول على ما س?تبعه من تتابع دعم البرامج الاقتصادية لتشغيل الشباب المعطلين عن العمل وبرامج الحماية الاجتماعية والتنمية السياسية وتحفيز القطاعات عامة.