النسخة الكاملة

نفس السيناريو

الخميس-2021-07-25 12:16 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب -  إسماعيل الشريف

«الحروب التقليدية قد انتهت، الحروب الجديدة هي حروب صغيرة سرية، قوامها قوات خاصة تدعم جهات محلية، سننهي الحروب التي لا نهاية لها، وأعتقد أنه يجب أن نكون حريصين على عدم الرسم بضربة فرشاة واسعة جدًّا»، أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكي.

من يذكر عام 1979، حين كان تعاطف العالم الإسلامي عارمًا مع المجاهدين الأفغان في حربهم المقدسة ضد الملحدين السوفييت، وكانت هنالك حملة كبيرة لتجنيد الشباب للذهاب إلى أفغانستان، وتبين لاحقًا أن الحرب لم تكن حربًا مقدسة، وإنما كانت حربًا أمريكية دنيوية من خلال وكلائها ضد الاتحاد السوفييتي، وبقية القصة معروفة، وتكررت في سوريا وليبيا!
لو عاد بنا الزمن، هل كانت ستحظى القضية الأفغانية بكل ذلك التعاطف، بعد أن عرفنا خفايا القصة؟
عزيزي القارئ، استعد فهنالك سيناريو مشابه لسيناريو أفغانستان يجري التحضير له، هذه المرة سيدور في الصين.
كتبت قبل سنوات عما يسمى Grand Strategy الاستراتيجية الكبرى الأمريكية، وملخصها هو توجيه الآلة العسكرية الأمريكية والتركيز نحو الصين عدوها الأكبر ومنافسها، على حساب مناطق أخرى منها الشرق الأوسط، فكان من نتائجها نقل المعسكرات الأمريكية من العراق وقطر إلى الأردن حتى تبعدها عن مرمى التهديدات الإيرانية والمليشيات الموالية لها في العراق، ومنها اتفاقيات السلام الأخيرة وتدمير الدول العربية الكبرى حتى لا تشكل أي خطر على الكيان الصهيوني، والانسحاب الأخير من أفغانستان.
كتب جيرمي كوزماروف في موقع The Gray Zone - المنطقة الرمادية -: تخشى الولايات المتحدة من أن انسحابها من أفغانستان قد يؤدي إلى خسارة موطئ قدم لها لصالح منافسيها الرئيسيين؛ الصين وروسيا، فالحكومة الأفغانية الحالية هي صنيعة الولايات المتحدة، ويجري تمويلها بحوالي أربعة مليارات دولار سنويًّا للمحافظة على وجودها، ومن الواضح أن هذه الحكومة ستفشل في حماية مصالح الولايات المتحدة، لذلك سيتم استبدال هذه الحكومة وسنشهد تعيين وكيل آخر.
تدعم روسيا والصين طالبان، فيما تقوم الولايات المتحدة بدعم حركة تركستان الشرقية الإسلامية الانفصالية، الجناح العسكري للحركة الانفصالية للآيغور المسلمين شمال غرب الصين.
هذه الحركة شطبتها الولايات المتحدة من قوائم الإرهاب في نهايات العام الماضي، على الرغم من تصنيفها كحركة إرهابية من قِبل مجلس الأمن في عام 2002 لارتباطها بالقاعدة، وتم نقل مقاتليها الذين يحاربون تحت اسم الحزب التركستاني الإسلامي من سوريا إلى أفغانستان! تزامن ذلك مع شمول عفو ترامب لبلاك ووتر المتهمة بقتل المدنيين العراقيين، وذلك تمهيدًا للقيام بعمليات في أفغانستان، فالاستراتيجية الكبرى عابرة للرؤساء.
إذن بمساعدة تركيا التي تحتفظ بخمسمائة جندي تحت ذريعة حماية مطار كابول، أصبح المقاتلون الآيغور محاربي الولايات الجدد في أفغانستان، ويجري إعدادهم كبديل للحكومة الحالية التي تفتقر لأيدلوجية إسلامية، ثم سيبدأ هؤلاء المقاتلون بزعزعة استقرار الصين من خلال الأقلية الإسلامية الآيغورية.
يصاحب ذلك حملة دعائية كبيرة عن عمليات التطهير العرقي التي تمارسها حكومة الصين ضد الآيغور المسلمين، وانتهاكات حقوق الإنسان ضدهم، ومعظم هذه تقارير تستند إلى كتابات الداعية المسيحي اليميني المتطرف (أدريان زينز) بمساعدة أفراد من الآيغور ممن يدفع لهم لاختلاق القصص.
فكما قامت الولايات المتحدة باستخدام الجهاديين في السبعينيات من القرن الماضي في أفغانستان ثم في ليبيا، ثم في سوريا، ودعمتهم من خلال وكلائهم في المنطقة من دول عربية أو تركيا، وأمدتهم بالسلاح وبالغطاء الجوي، يجري التحضير لنفس السيناريو مع الآيغور في أفغانستان، ومن هناك إلى الصين.
هذه ملامح المرحلة المقبلة، فهل سنتعلم من قصة أفغانستان قبل ما يقارب النصف قرن؟ أم سيأخذنا الحماس؟