النسخة الكاملة

وكأنه نطق سحراً..!

الخميس-2021-07-13 08:49 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. زيد حمزة
ترى ما هي الكلمة التي يمكن وصفها بالسحرية في عصرٍ لم يعد الناس يؤمنون بالسحر لولا أن قائلها ساحر كرة القدم العالمي الذي يحبونه كريستيانو رونالدو.. فقبل شهر تقريباً كان يجلس على المنصة أمام الصحفيين يشاهده على شاشات التلفزيون مئات الملايين حين أزاح بيده زجاجات من أشربة ملونة، ورفع بدلها زجاجة اخرى قائلاً: أغوا Aqua وهي تعني «ماء» باللاتينية أصل لغة بلاده البرتغال، ولقد احسست عندئذ برعشة تجتاح كياني وأظنها فعلت الشيء نفسه في غيري، وربما كان السر وراء ذلك هو ايضاً السبب في الهبوط المفاجئ لأسعار أسهم واحدة من ?كبر شركات المشروبات الغازيّة في العالم حتى بلغت خسارتها كما جاء في الأنباء عديداً من المليارات طيّرت صواب مجلس ادارتها وكبار المضاربين في أسواق البورصة ممن تعوّدوا استخدام هذا اللاعب وغيره من المشهورين المحبوبين في الإعلان والترويج التجاري لمشروب غازي لا يحتوي على اي مادة غذائية سوى كمية كبيرة من السكر لتخفيف مرارته الشديدة مذابةًٍ فيه بإفراط حد الإضرار بالصحة، واما الانعاش وري العطشان بدل الماء الزلال فمجرد وهم وخداع!

لم أبحث مليّاً في سر هذه الرسالة الحاسمة التي لم تستغرق من رونالدو دون تكلف سوى ثوانٍ معدودات، وربما كفاني القرّاء مؤونة ذلك بتفسير ما اعترى اسواق الاسهم العالمية حتى هز عرش تلك الشركة العملاقة، ثم رد الفعل السحري لدى الناس الذين طال خداعهم لأكثر من مائة عام وهم يصدقون أن شراباً مذاباً فيه مادة لا يعرفونها حقاً يمكن أن يؤدي إلى نشوتهم وانتعاشهم، وأن الهدف الحقيقي المزيد من البيع ومراكمة الثروة الهائلة للشركة الصانعة حتى طغت بها عَلى حكومات وحكومات!

نتذكر كيف ضج الناس قبل بضعة عقود من استشراء تأثير الإعلان التجاري في مجالات لا يجوز أن يتخطى حدودها، فتفتق ذكاء القائمين على شركاته الكبرى في الدول الغنية عن شعار ناعم جذاب يقول «أنه حقك أن تعرف»، وكأنها تدافع عن «حق» الجماهير في رفض تدخل الحكومات لحرمانها منه، وكدنا يومها نصدقهم لولا أننا تريثنا قليلاً فعرفنا أنه في الواقع «حق» تلك الشركات في الترويج للسلع التجارية كائنةً ما كانت نوعيتها ومدى سميتها على العقول والأجساد كالدخان وهي تعلم انه يحتوي على سموم وعلى مخدر (النيكوتين) ما اضطر منظمة الصحة العالمية ?ن تتدخل تدخلاً محدوداً بعد جهود استغرقت وقتاً طويلاً بإصدار الاتفاقية الإطارية لعام ٢٠٠٨ التي تقضي بمنع «الإعلان» عن التبغ ومشتقاته..

وبعد.. لا أدعي أن البرتغالي لاعب الكرة العظيم رونالدو قد أدرك أخيراً الحقيقة المهينة لمغزى الإعلان فقرر أن يحرر عقله وضميره من دنسه بعد أن ظل لزمان طويل يخدمه مقابل «حفنات من الدولارات»، لكن ما جعلني آمل ذلك هو أننا لم ننس له بعد موقفه السياسي الصادق الشجاع ذات يوم غير بعيد إلى جانب الحق الفلسطيني إلى الحد الذي أغضب به إسرائيل!