جفرا نيوز -
جفرا نيوز - أحمد حمد الحسبان
رفعت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من وتيرة الحديث عن التقاعد المبكر. وحملته المسؤولية عن «اختلال» متوقع بعد أكثر من عشر سنوات في الموازنة بين الإيرادات والنفقات، ما لم يتم تعديل القانون باتجاهات معينة.
المعطيات التي كشفت عنها المؤسسة تشير إلى أن عدد المتقاعدين مبكراً وصل إلى 120 ألفاً، من أصل 267 الفا، وبنسبة 49 بالمائة. والعنوان الرئيس الذي وضعته لتحركها هو إلغاء التقاعد المبكر، وتحميله المسؤولية عن خلل الوضع المالي لها ما لم تسع لتصويب المسيرة، وترميم الفجوة المنتظرة ما بين الإيرادات والنفقات، والمتوقع ظهورها عام 2034. وفقاً لمعلومات متسربة من أروقة المؤسسة، وأخرى عن مخرجات دراسة اكتوارية لم يتم الإفصاح عن تفاصيلها ولا الجهة التي أجرتها.
كل ذلك يعني أن المؤسسة ستعد مشروع قانون معدل لقانونها، وترسله إلى الحكومة مشفوعاً بالأسباب الموجبة لإقراره مبدئياً وإرساله إلى مجلس الأمة. ويعني أيضاً أن نقاشاً شعبياً وبرلمانيا سيجري حول تلك التعديلات التي قد تتجاوز إلغاء التقاعد المبكر، أو التخفيف منه.
مبرر ذلك ما يجري الحديث حوله من أن المؤسسة تبالغ في تحميل هذا النوع من التقاعد المسؤولية الكاملة لاستنزاف مواردها. فمع التأكيد على ارتفاع نسبته مقارنة مع تقاعد الشيخوخة، وارتفاع كلفته على إيرادات المؤسسة، إلا أن مجالات أخرى أسهمت في زيادة الإنفاق، والوصول إلى تفوق النفقات على الإيرادات في العام 2034. واحتمال الوصول إلى تلك النقطة قبل ذلك الموعد فيما إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن.
فقد أثرت عدة إشكالات على تلك الحالة، من أبرزها كثرة المشاريع المتعثرة التي يساهم بها الضمان، وارتفاع حجم الاستدانة الحكومية من أموال المؤسسة، حيث بلغت 6 مليارات دينار من أصل مجموع سيولتها البالغة 11 مليارا، وبنسبة ستين بالمائة منها.
يضاف إلى ذلك ما قامت به الحكومة من توظيف لأوامر الدفاع في حل العديد من الإشكالات الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا. تلك الجائحة التي أسهمت في دفع مؤسسات عديدة لتسريح عاملين لديها وإرسالهم إلى التقاعد المبكر.
ومهما يكن الأمر، فإن المنتظر من تلك الخطوة لن يكون بمستوى التوقعات. ذلك أن المؤسسة تتحدث عن تعديلات منتظرة لن تقر بأثر رجعي، وأن الغاء التقاعد المبكر أو تقليصه، سيشمل المنتسبين الجدد، وليس القدامى. وهذا يعني أن العدد سيكون محدودا، وسيستمر القدامى في الحصول على حقوقهم وفقا للقانون النافذ.
وفي هذه الحالة، ستقع المؤسسة في الازدواجية، حيث أعادت ترتيب زيادات التضخم ووزعتها بالتساوي بين جميع المتقاعدين، الأمر الذي أفقدها قيمتها. فقد خسر أصحاب الرواتب المتوسطة والمرتفعة تلك الزيادة السنوية التي تعتبر حقا لهم، وفي المقابل لم يستفد أصحاب الرواتب المنخفضة من الحسبة الجديدة. وسط معلومات تؤشر على عدم دستورية الخطوة، وتوجه واسع لمقاضاة المؤسسة لإقدامها على حرمان متقاعدين من حقوق مكتسبة لهم وبشبهة دستورية.
فالمطلوب هنا أن تعيد المؤسسة دراسة موقفها وتصوراتها، وأن تتقدم بتعديلات مدروسة معمقة تستند إلى دراسة اكتوارية وإلى خبراء في مختلف الاختصاصات المعنية.