النسخة الكاملة

تعديل قانون الجمعيات

الخميس-2021-07-08 08:51 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - د. ليث كمال نصراوين

يزداد النقاش هذه الأيام حول التعديلات المقترحة على قانون الجمعيات الأردني، حيث يظهر الاختلاف في وجهات النظر بين أصحاب الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني من جهة، والقائمين على سجل الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية من جهة أخرى، وذلك فيما يتعلق بكيفية تنظيم هذا الحق الذي أقرته المادة (16) من الدستور، وأكدت عليه العديد من المواثيق والعهود الدولية.

إن الحق في تأليف الجمعيات يعتبر من الحقوق السياسية المرتبطة بالحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي. ويقصد بهذا الحق ثبوت السلطة والمكنة للأفراد بتكوين كيانات قانونية مع أشخاص آخرين يتفقون معهم في الفكر والرأي. كما يشمل هذا الحق حرية هذه الجمعيات القائمة في القيام بكافة الأنشطة اللازمة لتحقيق المصالح المشتركة لأعضائها، أو لتنفيذ الغايات والأهداف التي أسست من أجل تحقيقها.

وقد توسع قانون الجمعيات الحالي في تعريف الجمعية، بأنها الشخص الاعتباري المُؤلف من مجموعة من الأشخاص لا يقل عددهم عن سبعة، والذي يقدم خدماته وأنشطته على أساس تطوعي دون أن يستهدف جني الربح واقتسامه، أو تحقيق أي منفعة لأي من أعضائه أو لأي شخص محدد بذاته، أو تحقيق أي أهداف سياسية تدخل ضمن نطاق الأحزاب السياسية.

إن إيجابيات هذا التعريف عديدة، أهمها أنه قد فرّق بين الجمعية والحزب السياسي من حيث أن الجمعية لا تسعى إلى تحقيق أي أهداف سياسية أو القيام بأي أنشطة تدخل ضمن مجال عمل الأحزاب السياسية. كما توسع هذا التعريف في مفهوم «عدم الربحية» الذي هو أساس الحق في تأسيس الجمعيات، إذ يحظر القانون تحقيق أي ربح مالي سواء للجمعية نفسها أو للأعضاء فيها من خلال عدم جواز اقتسام أي أرباح بينهم. كما يحظر القانون تحقيق أي منفعة أو مصلحة مادية مهما كان نوعها لأي شخص معين بذاته، حتى وإن لم يكن عضوا في الجمعية القائمة.

وأسوة بباقي الحقوق الدستورية الأخرى، فقد أحالت المادة (16/3) من الدستور تنظيم إجراءات تأليف الجمعيات ومراقبة أنشطتها ومواردها المالية إلى أحكام القانون. وهنا دائما ما يثور الخلاف بين الفرد والسلطة في مجال الحقوق والحريات الدستورية، إذ يطالب الفرد بأقصى درجات الحرية في ممارسة الحقوق، في حين تسعى الإدارة إلى فرض رقابتها وسلطانها المطلق على الحقوق الفردية، فتكثر من القيود والضوابط التشريعية تحت ستار حماية النظام العام والآداب.

لذا، فإن التحدي الأبرز في مجال إقرار التشريعات الناظمة لممارسة الحقوق الدستورية، ومن ضمنها الحق في تأليف الجمعيات، يتمثل في كيفية الموازنة بين حق الدولة في الرقابة على ممارسة الحقوق، وعدم المبالغة في القيود والإجراءات إلى درجة قد تؤدي إلى إفراغ الحق الدستوري من مضمونه.

وفي هذا الإطار، يجب الاسترشاد بما استقر عليه اجتهاد المحكمة الدستورية الأردنية، والتي أكدت في العديد من الأحكام الصادرة عنها بأن إجراءات تنظيم ممارسة الحقوق الدستورية لا يجوز أن تنال من هذه الحقوق، وبأن سلطة المشرع الوطني في تنظيم ممارسة الحقوق الدستورية في القانون لا يجوز أن تتجاوز حدود التنظيم إلى إهدار الحق أو مصادرته بأي شكل من الأشكال. فإذا حصل التجاوز على تنظيم الحقوق في القوانين الوضعية، يعد ذلك خروجا عن الدستور، ذلك أن تنظيم المشرع للحق الدستوري ينبغي ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير