جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
ليست الثورات فقط من تأكل أبناءها.
في عمارتنا "قطة" هاملة تفعلها أيضا، فهي دخلت الى العمارة واتخذت من أعلى بيت الدرج مأوى، ووضعت 5 من الصغار، وعرضتنا لمواقف غير طبيعية، وبعد مرور أكثر من أسبوع، أي بعد أن فتحت عيون صغارها، فوجىء أبنائي بمنظر صادم، قام أحمد بتصويره فيديو على هاتفه، فالأم شرعت بأكل أطفالها، ويبدو أننا قبضنا عليها بالجرم المشهود، وقد أنهت قضم وابتلاع أقدام صغيرها الثالث، حيث أيقن "المتابعون" بأن الإثنين الآخرين لم يختفيا، بل استقرا ثانية في بطن أمهما الوحش، والدليل موجود..
إسألوا أحمد عنه، فهو يعيش جانبا من إثارة منذ أيام، ويتحدث عن الموضوع بلا مناسبة.
لدينا في الأردن من يقضم الحياة في الأردن بطريقة وحشية بدائية مفاجئة، هل تعرفونهم؟! إنهم موجودون بيننا حرفيا:
لو لم أفكر بطريقة منطقية، لنجحت بإغرائي، أعني إعلانات "مناشير التحطيب" الموجودة على التطبيقات الاجتماعية، لكنني فكرت قليلا: كم مرة في حياتي سأحتاج لاستخدام منشار حطب وتقطيع شجر؟ ..بالتأكيد ولا نص مرة، فلماذا إذاً أقوم بشراء المنشار؟.
كثيرون اشتروه، وشرعوا في تجريبه، وبعض هؤلاء اكتشفوا بأن قطع الأشجار الحرجية وتحطيبها، عمل يدر عليهم دخلا، وتغافل هؤلاء عن ارتكابهم لجريمة مضاعفة، فهم فوق سرقتهم لمقدرات بلاد، وبيعها لقاء مال حرام، هم أيضا قتلوا الحياة في بلدنا، فالشجرة التي تنشر الأوكسجين والجمال وتمنحنا الرطوبة، وتكمل حلقة التنوع الحيوي وتقدم سورا واقيا للبيئة الطبيعية، يقوم لص حطب، بقطعها دون ذمة أو ضمير أو اعتبار بقانون، ويبيعها حطبا لناس شاركوه الجرم، فهم في القانون اشتروا بضاعة مسروقة.
لا نحتاج فقط لمنع هؤلاء عن قتل الحياة بالاعتداء على الأشجار التي نسعى جميعا لإكثارها وقلب جدب وجفاف الصحراء وقسوة البيئة، لتصبح خضراء نضرة، فالجنة تعني الخضرة، وتصبح الحياة أفضل في بيئة حيوية خضراء، وإنني متأكد لو قمنا بزراعة الأشجار في بعض المناطق الصحراوية بمساحات كبيرة، ونجحت زراعتها، واتسعت رقعة الخضرة فيها، لتحولت مع تقادم السنين إلى أراض زراعية خصبة، فالرطوبة التي تؤمنها الأشجار الكثيفة، تغير في المناخ وتتكاثر النباتات والأعشاب والكائنات الحية فيها، فينهمر المطر في هذه المناطق حتى لو لم يسبق له الهطول هناك.
نحتاج الى تفعيل الاستثمار بالاتجار بالحطب المستورد، فهناك دول فيها غابات كثيفة جدا، وفيها أشجار مزروعة خصيصا للتحطيب، فهي التي يتم استخدامها لبناء البيوت وصناعة الأثاث وللطهي والصناعة وللدفء أيضا، سوق كبيرة معروفة، لكنها غير فاعلة في بلدنا، رغم قيام الحكومات بوضع تسهيلات من أجل هذه التجارة، فالتاجر الذي يستورد الحطب مثلا، يمنح إعفاءات من ضريبة المبيعات، وتسهيلات جمركية، ويمكنه استيراد ما يريد من الحطب وفق شروط صحية زراعية وبيئية معمول بها في كل العالم، ويمكنه تأمين الأخشاب للصناعة وللتدفئة "التي أعتبرها كمالية بالنسبة لكثيرين بناء على طبيعة حياتنا"، لكنها تزدهر، وهي نوع من أنواع التجارة المربحة، لو قام أصحاب المال والأعمال باعتمادها .. "لو معي قروش بشتغلها".
يجب أن يقف تحطيب الأشجار، فهناك رقع تصحر تتسع، وكانت بالأمس غابات غناء، تزخر بالحياة، لكن لصوص الحياة والحطب قتلوها، وتركوها أثرا بعد عين، فهم اليوم اشتروا منشار حطب يعمل بالبنزين، وثمنه 30 دينارا، ووضعوه في بكب، وبدأو بغزواتهم وغاراتهم على الغابات وحتى على جوانب الطرقات، يقطعون الشجر فيحرقونه هم أنفسهم، أو يقومون ببيعه بمال حرام، يطعمون أنفسهم وأولادهم، ولا يعلمون أن "ابن الحرام" هو من "غٌذّي" بالحرام.
نحتاج مبادرات فردية أو جماعية تطالب الحكومة بفتح وتسهيل استيراد الأحطاب والأخشاب، فهي علاوة على نفعها للاقتصاد والناس، تحقن الحياة وتحافظ على الثروة الحرجية الجميلة، وتجعل مساعي وزارة الزراعة وغيرها مجدية، في مشاريعها التي تهدف لزيادة الرقعة الخضراء، والتي تستنزف مئات الملايين من الخزينة وأموال المنح والقروض والمساعدات الدولية المختلفة.
ادعموا الحياة والاقتصاد، والأخلاق، وحين تتوقف السرقات ويتم منع اللصوص عن هذه الأعمال، فهذه قيمة جميلة أيضا، وفيها أخلاق، قبل أن نقول عنها وطنية وعنوان ولاء وانتماء لهذه الأرض المباركة.
ودعوكم من اللصوص ومن أبناء الحرام، فهم على استعداد لبيع شرفهم وتخريب بيوتهم بانفسهم، كما يفعلون مع الشجر الذي عاش عشرات ومئات الأعوام، فاستسهلوا قتله وتخريبه.