جفرا نيوز - جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
خطيب الجمعة اليوم؛ كان في اللغة خطيبا حقيقيا، ولولا لغته في خطبته الارتجالية الجميلة لما تذكرت شيئا مما قال، ويكفي أن يكون الخطيب ضعيفا في اللغة لأنسى بل أغلق أذني عن سواليفه.
تحدث الرجل في خطبته عن ثلاث، باستثناء المقدمات المسجوعة الجميلة.. وددت اليوم لو سجلت بهاتفي هذه الخطبة، بسبب جمال لغتها، وفنيات إلقائها على مسامع الناس، لكن احتراما للخطبة والمكان لم أقم بتصويره، فالتصوير قد يكون لغوا..
-قال عن طاعة ولي الأمر، وأزعم بأنه أضاف لي جديدا حين قال: حتى لو ظلم ولي الأمر الرعية، فوجهوا دعاءكم لإصلاح البطانة، وهكذا أمرنا الشرع، فالبطانة هي التي تنصح الحاكم وهذا واجبها شرعا، وهي قد تستغل قربها منه وتظلم وتفسد وتبطش في الناس.
..وكان قد اورد مثالا على طاعتنا وامتثالنا لولي الأمر، حين عمّ الوباء (جائحة كورونا)، وقضت الأوامر بهجر المساجد، ووصف الأمر بأنه صعب على المؤمنين، الذين اعتادوا الذهاب لدور العبادة (لم أفهم بأن حديثه يقتصر فقط على المساجد.. وهذه واحدة من جماليات لغته)، فهو لم يكن يتحدث عن المسلمين فقط، حيث قال بأن الجائحة وأوامر الوقاية منها قد أضرت (بالأديان)، لكن طاعة ولي الأمر مطلوبة أكثر، وأورد الرأي والدليل الشرعي، وهو اتفاق العلماء على أن (سلامة الأبدان أولى من سلامة الأديان)..وهذه بحد ذاتها واحدة من أدبيات الجائحة.
-وحدثنا الخطيب المُجيد عما يتناقله الناس حول السياحة الدينية لمؤتة، وحذر من الانسياق في حديث الفتنة دون علم، وأعاد الأمر كله (للعلماء)، لكنه أكد بأن الرحال لا تشد إلا لثلاثة مساجد، تعرفونها.
-أما الموضوع الذي ختم فيه خطبته الثانية، فقد دفعني للضحك في بدايته، واعتبرته (حشوة) في الخطبة، لتطويل وقت، لكنني تذكرت بأنني صاحب اكتشاف كبير في هذا المجال، أعني أن يتناول خطيب الجمعة بديهيات في خطبته، يعرفها الجميع، حيث قلت يوما، وأصبحت أقولها دوما: نحن سمعنا هذه المواضيع من الخطباء وغيرهم حين كنا أطفالا، ونعرفها، لكننا ننسى أن أطفالنا لهم الحق في سماعها، والتكرار موجّه لهم، ولكل حديث عهد بخطابة المساجد..
كان ابني الأصغر أحمد يجلس خلفي بالضبط، وكنا نعتقد أنا وهو أن ابني عبدالمجيد قد سبقنا إلى هذا المسجد، لهذا فوجئت بالخطيب ولغته، ولم أسأل عبدالمجيد بعد أين صلّى الجمعة، أريد أن أنصحه بالقدوم إلى هذا المسجد، لعله يتذوق اللغة الجميلة، وتصبح واحدة من محددات حضوره لمسجد دون غيره.
وكان الحديث عن ظاهرة تربية الكلاب في البيوت، وجديده بل الجديد في هذا الموضوع، ما ذكره من حديث نبوي شريف عن (قتل الكلاب)، فلم أكن أعلم قبل اليوم بأن ثمة أحاديث تنهى عن تربية الكلاب إلا للحراسة فقط، لكن الخطيب تعاطف مع الشباب، الذين ابتعدوا عن ثقافتهم الى ثقافة (أوروبا)، وتقليدهم بتربية الكلاب، التي وصفها بأنها كبيرة بحجم ذئاب، وأنها تستحوذ على اهتمام بعض الناس..الخ.
ودعا الخطيب في نهاية الخطبة لله سبحانه، أن يحفظ البلد وأمنه، وللملك أن يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه، وأن يهيء له بطانة الخير..
ودعا الله أن يكشف عنا البلاء والوباء.
وقلنا آمين.