جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب: بلال حسن التل
هاهو الحديث عن معركة الكرامة يكشف من جديد عن معدن الأردنيين الأصيل، فإذا هم شعب توحدهم الشهادة،ويشد عصبهم الوطني الدفاع عن دماء الشهداء فيتطهر صفهم من كل أدران الخلاف والوهن، فيعودون إلى جوهرهم شعباً أبياً يرفض الظلم، وهذه الصفة في الأردنيين هي نتاج تجربة ضاربة الجذور في عمق تاريخهم، وهو تاريخ لا يكثر الأردنيون الحديث عنه، لأنهم يعيشونه ويواصلون البناء عليه، فعاصمة الأردنيين عمان هي نفسها ربة عمون، وهي فيلادلفيا العامرة بالحياة، الزاخرة بالحضارة منذ أثنى عشر ألف سنة، أعتاد معها الأردنيون قلعتها التي تذكرهم بعراقتهم وجذورهم الضاربة في عمق التاريخ، بل الصانعة للتاريخ، الذي يقرأ الأردنيون بعض صفحاته في المدرج الشامخ في قلب عاصمتهم، مثلما يقرؤنه في سبيل الحوريات على مد البصر من القلعة، عبر المدرج إلى السبيل، وليس هذه وحدها كل دلائل الحضارة التي تعج بها عاصمة الأردنيين، فكثيرة هي معالم الحضارة في عمان عاصمة الأردنيين.
والأردنيين الذين يفاخرون بأثنى عشر ألف سنة من الحياة والفعل الحضاري في عاصمتهم، هم انفسهم الذين كانوا من أوائل العرب الذين أقاموا ممالك وبنوا حضارات، مازالت الشواهد عليها كثيرة، تدلل ان هذه الأرض هي وطن عريق لشعب متجذر بارضه وتاريخه من جهة، وتبعث الفخر في نفوس الأردنيين من جهة أخرى ، فها هي البتراء عاصمة مملكة الأنباط وحوارثهم، تذكر الأردنيين أن أجدادهم الأنباط هم الذين وقفوا في وجه روما، فمنذ تلك الأيام وما تلاها، رضع الأردنيون وعبر تاريخهم معنى الإباء ورفض الرضوخ للمستعمر، وفن صناعة النصر.
ومثل البتراء كذلك الكرك ومملكة مؤاب ومليكها العظيم ميشع، قاهر الإسرائيليين، الذي تبرهن سيرته على مدى كره الأردنيين لعدو وطنهم، وإصرارهم على حرية أرضهم، وتكرار هزيمتهم للإسرائيلين.
ومثل جنوب الأردن كذلك شماله في إربد ابيلا وفي جدارا أم قيس حيث الفلسفة والحكمة المروثة عن هذا الشعب العظيم المنضبط.
ومثلما ساهم التاريخ في تكوين شخصية الشعب الأردني الأبي، فقد ساهمت النبوة هي الأخرى في صقل هذه الشخصية، وتعميق جذور الحكمة فيه، وتجذيرها في تصرفاته، فهنا في الأردن كان النبي العربي شعيب، وهنا في الأردن عاش يحيى ولوط، وقضى عيسى شطراً من حياته، وبجنات الأردن بشرى محمد عليه السلام، وشعب يعيش على أرض النبوة ويشتم عبقها أناء الليل وأطراف النهار لابد من أن يكون شعباً حكيماً لكنه غير خوار، فالخور لا يعرف طريقه إلى قلوب الأردنيين، الذين يربون أبناؤهم على قاعدة "المنية ولا الدنية"، لذلك كان هؤلاء الأبناء يتسابق ضباطهم وقادتهم مع جنودهم إلى الشهادة، ليس دفاعاً عن تراب الأردن وحده، بل عن تراب الأمة كلها، لهذا كان أول شهيد على ثرى فلسطين في مواجهة الهجمة الصهيونية أردني هو الشهيد كايد المفلح العبيدات، الذي سبقه إلى الاستشهاد في فلسطين ايضا محمد الحنيطي بل لاتكاد عشيرة أردنية تخلو من شهيد من أجل فلسطين، وكل أرض عربيةففي أقصى بلاد العرب استشهد نجيب البطاينة، دفاعاً عن حرية ليبيا ضد المستعمر الإيطالي، مثلما نال معاذ الكساسبة الشهادة في بقعة أخرى من بقاع الأرض العربية دفاعاً عن أمته ودينه وترسيخاً للعقد الأزلي بين الأردنيين وصناعة النصر وعشق الشهادة
Bilal.tall@yahoo.com