النسخة الكاملة

صلاحية نقيب المحامين في منح إذن المخاصمة

الخميس-2021-06-29 04:25 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب -  رئيس ديوان التشريع والرأي الأسبق نوفان العجارمة 

 في دعوى تقدمنا به للطعن بقرار عطوفة نقيب المحامين والقاضي برفض منح إذنًا لمخاصمة بعض الزملاء المحامين في الدعاوى الجزائية ، استدلت المحكمة الإدارية العليا الستار اليوم وقد ارست مبدأ مهما يعزز الحقوق والحريات و يضع حدا للسلطة التقديرية للإدارة بشكل عام من خلال  اشترطها بأن يكون قرار عطوفة نقيب المحامين برفض منح الاذن مسبباً .
لقد كسب القضاء الأردني في هذا اليوم الأغر  ارضاً جديدة في مواجهة السلطة التقديرية للإدارة ، فلم تعد هذه السلطة امتيازاً تحكمياً منفلتا من كل عقال، بل سلطة مقرونة بحسن استعمالها، وعلى رجل الادارة ان يضع نفسه في أفضل الظروف وانقاها . 
ونبين تالياً اهم الاسباب التي قدمت للطعن بقرارات عطوفة نقيبنا المحترم والتي رفض بموجبها منحنا إذناً لمخاصمة بعض الزملاء الأكارم  وكما يلي :   
اولاً:  من حيث مخالفة القرارات الطعينة للدستور:
بالرجوع الى أحكام الدستور، نجد أن المادة (6/1) منه تنص على: (الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)). وتنص المادة (101/1) منه على: ((المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها)). كما تنص المادة (128/1) من ذات الدستور على: ((لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها)).
إن القرارات المشكو منها جاءت مخالفة لأحكام الدستور المشار إليها آنفاً، وإن عدم منح إذن المخاصمة يعني تعطيل حق التقاضي وعدم مقدرة المواطن تحريك دعوى الحق العام التي تستوجب على المشتكي اتخاذ صفة المدعي بالحق الشخصي كجرائم الذم والقدح والتحقير وغيرها. وإن رفض منح إذن المخاصمة بعد وصول الأمر إلى القضاء هو من باب تعطيل حق التقاضي وهذا مخالف للدستور، لا سيما أن طلب إذن المخاصمة له ما يبرره كون القضايا منظورة من قبل القضاء وليست مجرد أقاويل وشكاوى مجردة.
إن القرارات المشكو منها وكذلك المادة (62) من قانون نقابة المحامين الصادرة بموجبها هذه القرارات مخالفتها لنص المادتين (6) و (101) من الدستور، التي تكفل أولاهما مبدأ المساواة أمام القانون، وتقرر الثانية كفالة حق الدفاع، حيث أعطى نص هذه المادة حصانة للمحامي من إجراءات التقاضي دون غيره ، مقيماً بذلك تمييزاً غير مبرر وبالتالي أخل هذا التمييز بنص المادة (6) من الدستور، وكذلك بما كفلته المادة (101)، فلكل متقاضٍ الحق في اختيار محاميه الذي يثق في قدراته القانونية ومستواه الخلقي دون أية  قيود تفرض بهذا الشأن. هذا بالإضافة إلى أن النص والقرارات المطعون فيها تعكس انحرافاً في استعمال السلطة في أبلغ صوره وأكثرها مجافاة للمصلحة العامة وخروجاً عليها، ذلك أن ما قصد إليه النص المطعون فيه من استبعاد فئة المحامين من إجراءات التقاضي المباشرة وحرمان المواطن من توكيل محامي لمقاضاة المحامي إلا بعد الحصول على (اذن مخاصمة من نقيب المحامين) لا يعدو مجرد الرغبة في التضييق على المواطنين وسلبهم  حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي- من خلال محامي يختارونه - لا لسبب عقلي أو منطقي بل محاباة  للمحامين المشتكى أو المدعى عليهم   وهو ما تؤكده غرابة القيود التي أتى بها هذا النص، إذ لا تعرفها تشريعات النقابات المهنية الأخرى ؟؟ 
وسوف نبسط لعدالة محكمتكم الموقرة وجه هذه المخالفة وكما يلي:
1.    إن القرارات المشكو منها والصادرة استناداً للمادة (62) من قانون نقابة المحامين تخالف أحكام المادة (6) من الدستور وتخالف مبدأ المساواة كونها تجعل المحامي المختصم من ناحية - في مركز قانوني مميز دون أن يستند هذا التمييز إلى مصلحة مبررة، وأوجد - من ناحية أخرى - تفرقة بين المدعين وفقاً للمهنة التي يمارسها من يريدون اختصامه، رغم ما هو مقرر من أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها، وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دوماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها. كما تخالف المادة (101/1) كونها انطوت على تعطيل لحق الدفاع، فحق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، كون المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها. فهذا النص يستلزم حصول المحامي على إذن النقيب قبل قبول الوكالة في دعوى أو شكوى ضد زميل له، فإنه يشكل قيداً غير مبرر على حق الدفاع يؤول إنكاراً لحق كل متقاضٍ يريد إقامة دعوى ضد محامٍ في اختيار محامٍ للدفاع عن مصالحه ((لطفاً أنظر: حكم المحكمة الدستورية المصرية الصادر بتاريخ 31/6/2005 بالقضية المقيدة رقمي رقم 228 لسنة 25 قضائية و 241 قضائية (دستورية).
2.    يقوم مبدأ المساواة في حقيقة مقاصده ومعانيه على إخضاع جميع المراكز القانونية المتماثلة لمعاملة قانونية واحدة، كما يتحقق مبدأ المساواة بتطبيق معاملة قانونية مختلفة على المراكز القانونية المختلفة وفي كلتا الحالتين يتعين التوافق مع ما هدف إليه المشرع وابتغاء في التشريع. وإن مبدأ المساواة يتعارض مع حالة التمييز بين أفراد الجماعة أو الطائفة الواحدة أو الفئة، عندما تكون مراكزهم القانونية متشابهة أو متطابقة أو متماثلة، وإن كنه المراكز القانونية ومعناها هو الحقوق التي يتمتع بها أصحاب هذه المراكز والالتزامات التي يتحملونها وتتوافق وتتماثل هذه الحقوق. إن التمييز المخل لمبدأ المساواة هو الذي يستند إلى اللغة أو العرق أو الدين أو اللون، وفي رحاب هذا السياق كان مبدأ المساواة أمام القانون الذي ارتضاه المشرع في الفقرة (1) من المادة (6) من الدستور الأردني وما يزال علامة فارقة وضمانة دستورية نوعية وسياسية وتحقق السلم والأمن الاجتماعي ((لطفا انظر : حكم المحكمة الدستورية الأردنية رقم 2/2020 (هيئة عامة) تاريخ 3/5/2020- المنشور على الصفحة 2156 من عدد الجريدة الرسمية رقم 5640)). ومن نافلةِ القول بأن الدستور الأردني قد أرسى مبدأ المساواة بين الأردنيين جميعاً على قواعد راسيات منذ بداية قيام الدولة الأردنية، فلا تفريق بينهم. وفي هذا المضمار كان لواضع الدستور قدم السبق بامتلاكه الحكمة وفصْلَ الخِطاب والفهم السويِّ لكل ما ينهض باستقرار الوطن واطمئنان أبنائهِ، بإقامة قسطاس العدل بين الناس، والتي لها منابرها ذات الطويّة الصّافية النقيّة، ويقع على عاتق هذه المنابر أقدس رسالة عنوانها المصداقية في مجال بذل العدالة لطالبيها من لدن محاكم مفتوحة للجميع، محرّم أمر التدخل في شؤونها وهو ما أرسته الفقرة الأولى من المادة (101) من الدستور (( لطفا انظر : حكم المحكمة الدستورية الاردنية رقم 7/2018 (هيئة عامة) تاريخ 3/12/2018- المنشور على الصفحة 7523 من عدد الجريدة الرسمية رقم 5549)).
3.    إن حظر التمييز بين المواطنين على أساس من الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة غير مقصور على الامور الواردة في المادة (6) حصرا  بل أن إيراد الدستور لصور بعينها يكون التمييز محظوراً فيها مرده أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية ولا يدل البتة على انحصاره فيها دون غيرها، إذ لو صح ذلك، لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور ويحول دون تحقيق الأغراض التي قصد إليها من إرسائها. وقد قضت المحكمة الدستورية المصرية بهذا الشأن حيث تقول: ((...ما ينعاه المدعيان على النص التشريعي المطعون فيه من مخالفته مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور ذلك أن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءً بدستور 1923 وانتهاءً بالدستور القائم، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة، باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل ينسحب مجال إعمالها كذلك إلى الحقوق التي يكفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتئيه محققاً للمصلحة العامة. ولئن نص الدستور في المادة (40) على حظر التمييز بين المواطنين في أحوال بينتها هي تلك التي يقوم التمييز فيها على أساس من الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، إلا أن إيراد الدستور لصور بعينها يكون التمييز محظوراً فيها مرده أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية ولا يدل البتة على انحصاره فيها دون غيرها، إذ لو صح ذلك، لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور ويحول دون تحقيق الأغراض التي قصد إليها من إرسائها. وآية ذلك أن من صور التمييز التي أغفلتها المادة (40) من الدستور ما لا تقل في أهميتها – من ناحية محتواها وخطورة الآثار المرتبة عليها – عن تلك التي عينتها بصريح نصها؛ كالتمييز بين المواطنين – في مجال الحقوق التي يتمتعون بها وفقاً لأحكام الدستور أو في نطاق حرياتهم التي يمارسونها بمراعاة قواعده – لاعتبار مرده إلى الملكية أو المولد أو الانتماء إلى أقلية عرقية أو عصبية قبلية أو مركز اجتماعي معين أو الانحياز إلى أراء بذاتها أو الانضمام إلى جمعية أو مساندة أهدافها أو الإعراض عن تنظيم تدعمه الدولة وغير ذلك من أشكال التمييز غير المبررة مما يؤكد أن صوره المختلفة التي تناقض مبدأ المساواة وتفرغه من محتواه، يتعين إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية)) ((لطفاً أنظر: حكم المحكمة الدستورية المصرية الصادر بتاريخ 16/5/2005 1992 بالقضية المقيدة برقم 6 لسنة 13 قضائية دستورية)).
4.    إن حق التقاضي هو حق طبيعي من حقوق الأفراد نشأ منذ أقدم الأزمان، وهو أسبق من القانون، فعندما وجدت حقوق الإنسان نشأت له تبعاً لذلك سلطة الدفاع عن هذه الحقوق. لذلك فلا يجوز للقانون إهدار حق التقاضي أو الانتقاص منه. وقد نص الدستور في المادة (101) منه على أن (المحاكم مفتوحة للجميع) بمعنى أنه لا يجوز نزع اختصاصاتها جزئياً أو كلياً في وجه أي كان طرق أبواب المحاكم طلباً للانتصاف ((لطفاً أنظر: حكم محكمة التمييز الأردنية بصفتها الحقوقية رقم 230/1974 تاريخ 13/11/1974 المنشور على الصفحة 625 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ 1/1/1976)).
5.    إن المواعيد والآجال لغايات الاسراع في بذل العدالة لطالبيها، تنسجم مع مبدأ العدالة الناجزة، وتقصير أمد إجراءات التقاضي. كما أن مبدأ المساواة أمام القانون أضحى في بنائه المتطور لتقرير الحماية القانونية المناسبة والمتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها إلى تلك الحقوق والإجراءات التي يتبناها المشرع وينص عليها في القانون بحدود سلطته التقديرية وعلى ضوء ما يراه محققاً لصالح العام ((لطفا انظر : حكم المحكمة الدستورية الأردنية رقم 4/2017 (هيئة عامة) تاريخ 26/7/2017 المنشور على الصفحة 4663 من عدد الجريدة الرسمية رقم 5474)).
6.    إن المادة (6/أ) من الدستور والتي تعتبر أن الأردنيين متساوون أمام القانون، وأنه لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين، وأن حق التقاضي هو مبدأ دستوري  أصيل، وأنه وإن كان الدستور قد ترك للمشرع العادي أمر تنظيم ممارسته، إلا أنه مقيد بضرورة مراعاة الوسائل التي تكفل حمايته والتمتع به على قدم المساواة وعدم الانتقاص منه، وقد استقر القضاء الدستوري على ضرورة المساواة بين المتقاضين فيما يتعلق بحقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، وإن نطاق المساواة بينهم يجب أن يمتد ليشمل جميع الأحكام والقواعد الإجرائية والموضوعية ذات الصلة بالخصومة القضائية، وضمانات الدفاع التي يكفلها كل من المشرع الدستوري والمشرع العادي للحقوق التي يدعونها ويدافعون من أجل تقريرها وذلك فيما يتعلق بطرق إثباتها والدفاع عنها وذلك بهدف تحقيق العدالة بأجلى صورها فيما بين المتخاصمين.
أن سلطة المشرع العادي- وفقا لأحكام المادة 128 من الدستور -  في تنظيم ممارسة الحقوق والحريات وإن كانت تقديرية، إلا أنها مقيدة بضوابط تحد من إطلاقها أهمها عدم جواز نيل القواعد القانونية الناظمة للحقوق من جوهر هذه الحقوق أو المساس بأساسياتها والتي كفلها الدستور، سواء بإنقاصها أو تمييزها بين الأفراد، وإلا كان ذلك إهدار لمبدأ المساواة - حكم المحكمة الدستورية الأردنية رقم 2/2015 (هيئة عامة) تاريخ 1/7/2015-  المنشور على الصفحة 6750 من عدد الجريدة الرسمية رقم 5348. وعليه، فإن حرمان المحامي من إذن المخاصمة يعتبر قيد إجرائي يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة وإهداراً لحق المواطن في التقاضي والنفاذ لقاضيه الطبيعي وعدم مساواته مع غيره.
7.    إن نطاق حق الدفاع – المكفول بموجب الدستور - لا تقتصر قيمته العملية على مرحلة المحاكمة وحدها بل تمتد كذلك مظلته وما يتصل به من أوجه الحماية إلى المرحلة السابقة عليه التي يمكن أن تحدد نتيجته المصير النهائي لمن قبض عليه  وتجعل بعدئذ من محاكمته إطاراً شكلياً لا يرد عنه ضرراً، لاسيما إذا  تعرض لوسائل قسرية لحمله على الإدلاء بأقوال تناقض مصلحته، بعد انتزاعه من محيطه وتقييد حريته على وجه أو آخر. وتوكيداً لهذا الاتجاه وفي إطاره، خول قانون أصول المحاكمات الجزائية  كل من قبض عليه حق الاتصال بمحاميه لإبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذى ينظمه القانون، بما يعنيه ذلك من ضمان حقه في الحصول على المشورة القانونية التي يطلبها ممن يختاره من المحامين، وهي مشورة لازمة توفر له سياجاً من الثقة والاطمئنان، وتمده بالمعاونة الفعالة التي تقتضيها إزالة الشبهات العالقة به ومواجهة تبعات القيود التي فرضتها السلطة العامة على حريته الشخصية، والتي لا يجوز معها الفصل بينه وبين محاميه  بما يسيء إلى مركزه، وذلك سواء أثناء التحقيق الابتدائي أو قبله، وضمانة حق الدفاع تعتبر ركناً جوهرياً في المحاكمة المنصفة والعادلة كإطار للفصل في كل اتهام جنائي، لأن صون النظام الاجتماعي في الدولة ينافيه أن تكون القواعد التي تقررها الدولة في مجال الفصل (في هذا الاتهام) مخالفة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية بشكل فعال. وعليه، فإن انكار ضمانة حق الدفاع أو فرض قيود تحد منه إنما يخل بالقواعد المبدئية التي تقوم عليها المحاكمة العادلة بالدولة، والتي يفترض أن تشكل نظاماً متكامل الملامح يتوخى صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية، ويحول - من خلال ضمانة حق الدفاع -  دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، (فلا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته إلا وفق أحكام القانون) والحرية الشخصية مصونة وكل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون وفقاً لمقتضيات المادتين (7) و( 8) من الدستور .    

أن الإخلال بضمانة الدفاع ينال من قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة (101/3) من الدستور، وإن افتراض براءة المتهم من التهمة الموجهة إليه يقترن دائماً من الناحية الدستورية بوسائل إجرائية إلزامية تعتبر وثيقة الصلة بالحق في الدفاع وتتمثل في حق المتهم في مواجهة الأدلة التي قدمتها النيابة العامة إثباتاً للجريمة، والحق في دحضها بأدلة النفي التي يقدمها، وهو ما قررته النصوص الصريحة للتعديل السادس للدستور الأمريكي والمادة (6) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة (13) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 2004، والمادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 (تم إقراره من قبل مجلس الوزراء في جلسة المنعقدة بتاريخ 30/5/2006 و تم نشره في عدد الجريدة الرسمية رقم 4767 تاريخ 15/6/2006 وعلى الصفحة رقم 2227).
وقد افترضت الفقرة الثالثة من المادة (101) من الدستور براءة المتهم بالقول ((المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قطعي))، أي أن تثبت إدانته في محاكمة قانونية تتوافر  للمتهم فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، تعكس الموازنة بين حق الفرد في الحرية من ناحية وحق المجتمع في الدفاع عن مصالحه الأساسية من ناحية أخرى.
ان المتهم بجناية غالباً ما يكون مضطرباً، مهدداً بإدانته بارتكاب الجريمة ومن ثم ، تفرض عليه عقوبة متناسبة مع خطورة الجريمة إذا أساء عرض دفاعه وأعوزته الحجة القانونية، وهو ما يقع في الأرجح إذا حرم من حقه في الاتصال بمحاميه في حرية وفى غير حضور أحد، أو افتقد المعاونة الفعالة التي يقدمها، فقد أوجب قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة (208) منه: ((في الجنايات التي يعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أو الأشغال المؤقتة مدة عشر سنوات فأكثر يتعين حضور محام للمتهم في كل جلسة محاكمة وإذا قام المتهم بإعلام المحكمة بانتهاء علاقته بمحاميه ويتعذر تعيين محام بديل لصعوبة أحواله المادية، فيتولى رئيس هيئة المحكمة تعيين محام له...)). فكل متهم بجناية يتوجب وجود محامٍ يدير دفاعه ويوجهه بما يصون حقوقه ويكفل من خلال الأدلة الواقعية والنصوص القانونية الحماية الواجبة لها سواء كان هذا المحامي معيناً أو موكلاً. ومما لاشك فيه أن دور ضمانة الدفاع في تأمين حقوق الفرد وحرياته يبدو أكثر لزوماً في مجال الاتهام الجنائي باعتبار أن الإدانة التي قد تقدم ضده من شأنها إنهاء آماله المشروعة في الحياة، يتعين بالتالي أن يكون حق النيابة العامة في تقديم أدلة الاتهام موازناً بضمانة الدفاع التي يتكافأ بها مركز المتهم معها في إطار النظام الاختصامي للعدالة الجنائية في الدولة كي يتمكن بواسطتها من مقارعة حجمها ودحض الأدلة المقدمة منها.
 وإذا كان حق الدفاع يعنى في المقام الأول حق المتهم في سماع أقواله، فإنه يغدو سراباً إلا إذا تم سماعه عن طريق محاميه، ذلك أن ما قد يبدو واضحاً في الأذهان لرجال القانون، يكون شائكاً محاطاً بغلالة كثيفة من الغموض بالنسبة إلى غيرهم أياً كان حظهم من الثقافة وبوجه خاص إزاء الطبيعة المعقدة لبعض صور الاتهام وخفاء جوانبها المتعلقة بالقواعد التي تحكم الأدلة بما يعزز الاقتناع بأنه بغير معونة المحامي الذى يعينه الشخص باختياره وكيلاً عنه، فإنه قد يدان بناءً على أدلة غير متعلقة بواقعة الاتهام أو غير جائز قبولها قانوناً.
 واختيار هذا المحامي يتم في إطار علاقة قانونية قوامها الثقة المتبادلة بين طرفيها، ويتعين بالتالي أن يظل الحق في هذا الاختيار محاطاً بالحماية التي كفلها الدستور لحق الدفاع كي يحصل من يلوذ بهذا الحق على المعونة التي يطلبها معتصماً في بلوغها بمن يختاره من المحامين متوسماً فيه أنه الأقدر – لعلمه وخبرته وتخصصه- على ترجيح كفته، ذلك أنه في نطاق علاقة تقوم على الثقة المتبادلة بين الشخص ومحاميه، فإنه يكون مهيأ أكثر للقبول بالنتائج التي يسفر عنها الحكم في دعواه، فضلاً عن أن حدود هذه العلاقة توفر لمن كان طرفاً فيها من المحامين حرية إدارة الدفاع وتوجيهه الوجهة التي يقدر أنها الأفضل لخدمة مصالح موكله في إطار أصول المهنة ومقتضياتها. وعلى ضوء هذه الوكالة القائمة على الاختيار الحر والتي يودع من خلالها الموكل بيد محاميه أدق أسراره وأعمق دخائله اطمئناناً منه لجانبه، يتخذ المحامي قراراته حتى ما كان منها مؤثراً في مصير موكله، بل أن حدود هذه العلاقة تحمله على أن يكون أكثر يقظة وتحفزاً في متابعته للخصومة القضائية وتعقبه لمسارها ومواجهته بالمثابرة لما يطرح أثناء نظرها مما يضر بمركز موكله فيها أو يهدده، وبوجه خاص كلما كان الحكم بالإدانة أكثر احتمالاً أو كانت النتائج المحتملة للحكم في النزاع بعيدة في آثارها العملية والقانونية. وحيث أن ضمانة الدفاع قوامها تلك المعاونة الفعالة التي يقدمها المحامي لمن يقوم بتمثيله، فأن حق الدفاع يصبح مفرغ من معناه إذا ما أجبر الشخص او حُمِلَ على مواجهة الإجراءات القضائية دون محامي نظرا لرفض نقيب المحامين (المستدعى ضده) منح الإذن للمستدعين بقبول الوكالة وتمثيل موكله.   
إن حق الشخص في اختيار من يوليه ثقته من المحامين يغدو لازماً لفاعلية ضمانة الدفاع، والانتقال بها إلى آفاق تعزز معاونة القضاء في مجال النهوض بالرسالة التي يقوم عليها، وتحقق لمهنة المحاماة ذاتها تقدماً لا ينتكس بأهدافها بل يثريها بدماء الخبرة والمعرفة وبغيرها قد يؤول أمر الدفاع – في عديد من صوره – إلى النمطية العقيمة التي لا إبداع فيها، وإلى إفراغ متطلباته من محتواها. ولما كفل الدستور حق الدفاع بما يعنيه من ضمان حق الموكل في فرصة مواتية يؤمن من خلالها اختيار محامٍ يطمئن إليه ويثق فيه – ما دام قادراً على أداء أتعابه – وكان الحق في هذا الاختيار يلعب دوراً متميزاً – سواء في مجال فعالية المعونة التي يقدمها الوكيل إلى موكله أو باعتباره مكوناً أساسياً لحق الدفاع بالوكالة في مجالاته العملية الأكثر أهمية.
 و المعاونة الفعالة التي يقدمها المحامي في علاقته بموكله تمتد إلى الخصومة القضائية في مراحلها الأولى- وليس  أمام المحاكم فقط- وذلك لإرساء أسسها من البداية على دعائم قوية تؤمن مسارها وترجح كفتها سواء من ناحية عناصرها الواقعية أو دعاماتها القانونية بما قد يضع نهاية مبكرة لها ويوفر لموكله جهداً يهدر ومالاً يتبدد إذا استطال أمرها.
وعليه، تجد محكمتكم الموقرة  بأن الحماية الملائمة لحقوق الأفراد وحرياتهم مناطها أن تزيل الدولة من خلال تنظيماتها التشريعية القيود غير المبررة التي تحول دون النفاذ الفعال إلى الخدمات القانونية التي يقدمها المحامون لمن يطلبونها، فمبدأ المساواة أمام القانون يعني ألا يخل المشرع بالحماية القانونية المتكافئة فيما بين الأشخاص المتماثلة مراكزهم القانونية ، وحيث اخلت القرارات  المشكو منها  بهذا المبدأ و اوجدت تميزاً فيما بين المحامي وغيره ، فإن هذا التمييز يكون مفتقراً إلى الأسس الموضوعية التي تسوغه ويخالف المادة (6) من الدستور.
ثانياً: من حيث مخالفة القرارات الطعينة للنصوص التشريعية: إن القرارات جاءت مخالفة لأحكام القانون تطبيقاً وتأويلاً وتفسيراً وكما يلي:
1.    ان القرارات المشكو منها تخالف قانون نقابة المحامين نصاً وروحاً، فنصوص هذا القانون يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص القانونية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً، وبالتالي لا يجوز لنا أن نفرد حكماً خاصاً للمادة (62) من قانون نقابة المحامين وبشكل يعزلها عن باقي نصوص القانون.
2.    إن القرارات المشكو منها عطلت العمل بالكثير من النصوص القانونية، وهذا حق لا يملكه عطوفة نقيب المحامين - مع الاحترام - فرفض منح الإذن يعني تعطيل ووقف العمل بالنصوص التالية: نص المادة (6) قانون نقابة المحامين والتي تنص على: ((المحامون هم من أعوان القضاء الذين اتخذوا مهنة لهم تقديم المساعدة القضائية والقانونية لمن يطلبها لقاء أجر. ويشمل ذلك: 1. التوكل عن الغير للإدعاء بالحقوق والدفاع عنها: لدى كافة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها)). وكذلك نص المادة (38) التي تنص على: ((مزاولة مهنة المحاماة حق محصور بالمحامين المسجلين في النقابة دون غيرهم وفقاً لأحكام هذا القانون))، ونص المادة (41) والتي تنص على: ((لا يجوز للمتداعين أن يمثلوا أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وهيئات التحكيم ودوائر التنفيذ إلا بواسطة محامين يمثلونهم...)). فكيف لمواطن أن يمثل أمام المحاكم بدون محامي ؟؟
3.    إن القرارات المشكو منها عطلت العمل بالكثير من نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية  وقانون محاكم الصلح والتي أوجبت وجود محامي لغايات صحة الإجراءات ابتداءً وانتهاءً.
4.    إن صلاحية عطوفة النقيب في منح إذن المخاصمة ليست امتيازاً تحكمياً منفلتاً من كل عقال، بل جاءت  لحكمة بالغة وجلية هي محاولة حل الأمر ودياً من قبل عطوفته ومنحه فرصة لحل الخلاف قبل الوصول الى أروقة المحاكم حفاظاً على سمعة المحامين، وكذلك معرفة المحامين الذين يتم رفع شكوى بحقهم حتى تمارس النقابة رقابتها على سلوك أعضائها، وليس الهدف من الإذن تعطيل حق التقاضي المكفول بموجب الدستور، فالأصل بالأمور الإباحة والأصل عدم وجود قيود بقبول الوكالة أو المخاصمة لأن المحاكم مفتوحة للجميع، والحكم الوارد  في المادة (٦٢) من قانون نقابة المحامين هو من باب القيود ومن باب الاستثناء و القيود والاستثناءات لا يتم التوسع في تفسيرها ولا قياس فيها، وبالتالي فإن رفض منح إذن المخاصمة بعد وصول الأمر إلى القضاء تعسف مخالف للقانون  وإساءة لاستعمال هذه السلطة، لاسيما أن طلب إذن المخاصمة له ما يبرره كون القضايا منظورة من قبل القضاء وليست مجرد أقاويل وشكاوى مجردة.
5.    إن القرارات المشكو منها فاقدة لركن السبب وان القرار المشكو منه خلا من سبب إصداره وحيث ان السبب ركن من أركان القرار الإداري وشروط صحته فان القرار والحالة هذه يكون فاقدا لمشروعيته لفقدانه ركنا أساسيا هو سبب وجوده ومبرر اصداره ومما يتعين الغاؤه ( لطفا انظر: حكم محكمتكم الموقرة في الدعوى رقم 33/2021 تاريخ 7/4/2021 .
ثالثاً: من حيث مخالفة القرارات الطعينة للمبادئ العامة للقانون:
إن عدم منح إذن مخاصمة يشكل مخالفة صريحة ومباشرة للمبادئ العامة للقانون: حيث توجد إلى جوار القانون المكتوب في كافة مجتمعات العالم تقريباً، مجموعة من القواعد القانونية غير المكتوبة يطلق عليها اسم (المبادئ العامة للقانون)، تجسد الأفكار الفلسفية والقيم الاجتماعية القائمة في ضمير الجماعة، المهيمنة بالتالي على الروح العامة للتشريع، أو على النظام القانوني السائد في المجتمع، يلجأ إليها القاضي عندما لا يجد حلاً للنزاع المطروح أمامه في النصوص التشريعية الوضعية، ويستنبط منها ذلك الحل ويقرره في أحكامه فيكتسب بذلك قوة إلزامية، ومن ثم يصبح مصدراً من مصادر المشروعية.
فالمبادئ العامة للقانون إذاً هي قواعد غير مدونة مستقرة في ذهن وضمير الجماعة، يعمل القاضي على كشفها بتفسير هذا الضمير الجماعي العام. وتلك القواعد المستقرة في الضمير تمليها العدالة المثلى ولا تحتاج إلى نص يقررها ( لطفا انظر : حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية بتاريخ 24 /3/ 1956 في القضية رقم 108، المجموعة الرسمية الأولى ص 613 ) . وبذلك يتحتم على الإدارة احترام تلك المبادئ العامة للقانون والعمل بمقتضى ما تقرره من أحكام وذلك فيما تتخذه من أفعال وتصرفات، وإلا كانت هذه الأفعال والتصرفات معيبة ووقعت باطلة لمخالفتها لمبدأ المشروعية. ومن أمثلة تلك المبادئ: مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، وأمام التكاليف والأعباء العامة، وتقول محكمة العدل العليا بهذا الشأن: ((...تقضي المبادئ العامة للقانون العام ومنها مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص والذي استقر في الضمير الإنساني ونصت عليه المادة السادسة من الدستور الأردني عدم التمييز بين أفراد الفئة الواحدة إذا تماثلت مراكزهم القانونية)) (لطفا انظر : حكم محكمة العدل العليا في الدعوى رقم 395/2000، تاريخ 25/4/2001، المجلة القضائية، العدد4، لسنة 2001، ص: 375. كذلك حكم المحكمة الإدارية العليا الأردنية رقم 148/2019 تاريخ 18/6/2019- منشورات مركز عدالة.).
ومن المبادئ العامة التي قررها القضاء الإداري أيضاً مبدأ كفالة حق التقاضي والدفاع للأفراد، وتقول محكمة العدل العليا في هذا الصدد: ((...إن حق التقاضي من الحقوق الدستورية العامة المطلقة وأنه يعد نتيجة حتمية لمبدأ الشرعية وسيادة القانون وأن مقتضى هذا المبدأ أن تخضع كل سلطات الدولة للقانون وأن تلتزم حدوده وهذا الخضوع لا يمكن أن تكون له قيمة عملية إلا إذا قام القضاء على رقابته وتوكيده وبذلك يمكن القول ان الرقابة القضائية هي المظهر العملي الفعال لحماية مبدأ الشرعية)) ( لطفا انظر : حكم محكمة العدل العليا في الدعوى رقم 555/1998، تاريخ 11/5/1999، مجلة نقابة المحامين، لسنة 1999، ص: 2986. ) . كما اعتبرت ذات المحكمة حق الدفاع من المبادئ العامة للقانون حيت تقول: ((...إذا كانت مذكرة الحضور الموجهة للمستدعي تخلو من أي إشارة أو تلميح إلى الأفعال المنسوبة إليه والتي تستوجب التحقيق معه وفرض التدبير الاحترازي بحقه ... . وحيث أن هناك قاعدة مستقرة في الضمير تمليها العدالة المثلى تقضي بأن من حق الشخص المتهم بالخروج على أحكام القانون أن يتمتع بالحد الأدنى من ضمانات الدفاع وذلك بمواجهته بما هو مأخوذ عليه من تهم وما ورد بحقه من الأدلة وتمكينه من الدفاع عن نفسه ومناقشة هذه الأدلة. فإذا صدر القرار المطعون فيه دون إتباع أي إجراء من الإجراءات الشكلية المشار إليها  فإن هذا القرار يكون باطلاً ومستوجب الإلغاء)) : ( لطفا انظر : حكم محكمة العدل العليا في الدعوى رقم 315/2000 ، تاريخ 31/10/2000 ،منشورات مركز عدالة. كذلك حكم المحكمة الإدارية العليا الأردنية في الدعوى رقم 190/2018 - منشورات مركز عدالة.).
وأخيراً، فإن المبادئ العامة للقانون تتمتع بقيمة قانونية مساوية ومعادلة للقواعد الدستورية، كونها مستقرة في الضمير القانوني للأمة، وسابقة في وجودها على القواعد الدستورية، وإن الدستور ذاته تضمن العديد من المبادئ العامة للقانون (لطفا انظر : د. عبد الحميد متولي، مبدأ المشروعية ومشكلة المبادئ العامة غير المدونة في الدستور، مجلة الحقوق، العددان الثالث والرابع، ص54 وما بعدها، د. محمد عصفور، موقف الديمقراطيات من رقابة دستورية القوانين، مجلة المحاماة، العدد الأول، السنة (51) ص: 6 ) وبهذا الاتجاه أخذت محكمتكم الموقرة حيث تقول: ((وبما أن الفقه والقضاء الإداريين استقرا على أن القضاء الإداري هو قضاء منشئ للقواعد وأن المبادئ العامة للقانون هي أحد مصادر المشروعية وتتمتع بقيمة قانونية معادلة للقواعد الدستورية إذا كانت تمس مبدأ دستوري كمبدأ المساواة الوارد في المادة (6) من الدستور الأردني، وما استقر عليه المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان)) ( لطفا انظر : حكم المحكمة الإدارية الأردنية رقم 78/2014 تاريخ 18/11/2014- منشورات مركز عدالة).
وفي الختام ،،،
ليس هناك في الواقع ظلم أو قهر أقسى من أن تكمم الأفواه وتغل الأيدي ويمنع أصحاب الحق من تفنيد أو من دحض ما قد يعرض من وقائع أو تهم أمام القضاء. لذلك اعتبر حق الدفاع من الحقوق المقدسة ومن المبادئ العامة التي تحكم إجراءات  التقاضي، ولا يحتاج إلى نص يقرره، لأنه من المبادئ المستقرة في الضمير الإنساني، ويعتبر من الضمانات الأساسية الواجب توافرها في كافة المحاكمات الجزائية والمدنية على حدٍ سواء .
وبالتالي، فإن مخالفة القرارات المشكو منها لضمانة حق الدفاع يترتب عليها بطلان تلك القرارات وتكون حرية بالإلغاء