جفرا نيوز- نضال فراعنة - خاص
في 28 يونيو 1994 كان انتشار القنوات الفضائية لم يبدأ بعد، ولم يكن أمام الأردنيين سوى شاشتهم الوطنية التي يتسمرون أمامها ما إن تدقالساعه الثامنه موعد نشرة الأخبار الرئيسية التي كانت عادة ما تبدأ بأخبار عن جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال -طيب الله ثراه-، لكن في تلك الليلة وقد كنت أمام الشاشة أدهشني "فرحة الحسين" بميلاد حفيده وقتذاك الحسين وهو الذي حمل إسمه للتو، إذ زار الملك الراحل المشفى، وحمل حفيده، وما أتذكره أن فرحة من نوع خاص قد ارتسمت على وجه الحسين وهو يمعن النظر في ملامح حامل إسمه.
وفي الفترة من ولادة الحسين الحفيد إلى الرحيل الموجع والمفجع لـ"الحسين الباني" حكى لي كثيرون عملوا بمعية الراحل الكبير إنه مال خلال السنوات الخمس على نحو خاص لحفيده وأنه كان الدائم السؤال عنه، بل وكان يفاجئ جلالة الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا بزيارات ليلية ليمضي بعض الوقت من الحسين الحفيد، وحينما لم يكن يجده كان يغادر مسرعا باتجاه واجباته وزياراته الأخرى، وهو ما شكّل علاقة من نوع خاص بين الحسين وحفيده، إذ كان يصطحبه معه في زيارات خارجية.
في إحدى زيارات الحسين الراحل أصر على اصطحاب الأمير حسين معه إلى بريطانيا، وحينما كان الملك الراحل يقود الطائرة بنفسه وبدأ هبوطا تدريجيا طلب من مرافقيه إحضار الأمير حسين حيث أجلسه في حضنه ليرى عملية الهبوط في مطار هيثرو المزدحم بالطائرات، لكن ما فاجأ أمراء ومرافقين كانوا بمعية الحسين وشهدوا الموقف بأن الأمير الصغير والذي لم يكن قد بلغ 3 سنوات من عمره قد بدأ بالإشارة للطائرات بإسمها فيما كانت طائرة الملك تهبط، فقد نطق الأمير أسماء الطائرات "جامبو" و"كونكورد"، إذ شرح الراحل لمرافقيه بأنه حينما يزور الأمير الصغير في منزله فإن أغلب ألعابه هي لطائرات وأنه يحفظ أسماء العديد منها، قبل أن يقول لمرافقيه: "مثلي بيحب الطائرات".
الحسين الحفيد الذي أحبه الحسين الباني أصبح اليوم شابا عمره 27 عاما قضى منها 12 عاما وليا للعهد متحملا المسؤولية الدستورية منذ أن وصل إلى عمر 15 عاما، فعام 2009 كان مميزا للأردن والأردنيين، فبعد 5 أيام فقط من ذكرى ميلاد الحسين سمى الملك إبنه البكر وليا للعهد بعد أن ظل هذا الموقع شاغرا لمدة 5 سنوات، ورغم أن الأمير الحسين هو ولي للعهد منذ 12 عاما، إلا أنه قضى سنوات عديدة وهو يتعلم العلوم الأكاديمية والعسكرية والسياسية، ويشارك في دورات للقوات المسلحة، قبل أن يظهر نشاطه في السنوات الأربع الأخيرة وهو نشاط غزير ومدروس ومؤثر لجيل الشباب الذي يرى في الحسين معبرا عنه من ناحية السن والثقافة والطموح والتطلعات لأردن أقوى وأفضل.
يحتفل الأمير الحسين اليوم بذكرى ميلاده، فيما يطمئن الأردنيين بأن هذا الأمير النبيل والوسيم والمهذب قد تمكن من حفر إسمه في قلوب الأردنيين بمثابرته وشغفه العسكري ونشاطه وثقافته، وأنه يأسر الأردنيين بتواضعه وأدبه الجم حد الخجل، فيما لا زلت أستذكر كيف اندهش زميل عربي عندما أبلغته بأن الأمير الحسين رتبته ملازم ثاني في الجيش، وقد كان يعتقد أنه عميد أو عقيد كونه ولي العهد وإبن الملك، فقلت له داخل الجيش العربي "مصنع الرجال" لا يوجد أمراء بل يوجد "مسطرة عسكرية" لا ترى في منتسبيها سوى جنود يحرسون الأرض والعرض.
أهنئ الأمير حسين بعيد ميلاده الميمون وأتمنى له عمرا مديدا وصحة تامة وسعادة دائمة، وأن يظل سندا لجلالة سيدنا، وسندا لكل الأردنيين الذين لا يرون فيه سوى "الجسر الأمين" للمستقبل.