جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد يونس العبادي
من بين الوثائق، التي تروي جانباً من سيرة علاقة القدس والأدوار الأردنية في الدفاع عنها، مذكرة أمين القدس روحي الخطيب إلى الحكومة الأردنية في 30 كانون الثاني 1971م.
وهي وثيقة يشرح فيها أمين القدس ما تعرضت له المدينة من تجاوزات قام بها جيش الاحتلال وسلطاته تجاه المدينة وهويتها، وجاء فيها: «أنّ سلطات الاحتلال أمطرت مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة وأقامت الدنيا وأقعدتها حول ما أسمته تغيير مواقع بضعة صواريخ في جبهة قناة السويس واتخذت منها أسباباً ومبررات لتوقف محادثات الدكتور يارنغ.. وكانت السلطات المعتدية تلهي الأمم والعالم بقضية الصواريخ وما تزال تمعن فيها تقطيعاً وتغييراً وتصفية للعرب في جبهة القدس، وهي قلب الجبهات العربية بأجمعها».
وتنقل المذكرة «صرخة استغاثة من أهل القدس.. يناشدون فيها تقديم شكوى جديدة ومستعجلة إلى مجلس الأمن الدولي يطالبون فيها بإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على القدس وأهلها ويشددون في طلب اتخاذ عقوبات رادعة ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تستمر في تغيير معالم القدس».
وتوضح هذه الرسالة، وهي مرفوعة إلى وصفي التل، رئيس الوزراء آنذاك، سلسلة التغييرات الجديدة في القدس، وبينها: التوسع في الاستملاكات للأراضي العربية، والتوسع في إنشاءات على الأراضي المصادرة سنة 1968م، والتخطيط لإنشاء 33 ألف وحدة سكنية جديدة على الأراضي المصادرة حديثاً.
كما تحذر المذكرة من تنفيذ مشروع هيكلي جديد في القدس، بالإضافة إلى استمرار الحفريات داخل الأسوار وتهديدها لانهيار الحائطين الجنوبي والغربي للحرم الشريف.
وتوضح المذكرة جانباً من تفاصيل هذه المخاطر، بينها: إصدار حكومة الاحتلال لأمرٍ يقضي باستملاك نحو 12 ألف دونم من الأراضي العربية شمال وجنوب القدس، وتطويق القدس من الشمال والجنوب، وذلك عبر مشاريع بينها الشروع ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكن في شرقي القدس، وقيام شركات تجارية إسرائيلية ببناء وحدات سكنية.
ومن المخاطر الأخرى، التي تعرضت لها المدينة، في تلك الفترة، بناء 172 داراً في الحي اليهودي بالقدس، وإنشاء 13 فندقاً في القدس تضم 4200 غرفة، على أراضي عربية مصادرة، وإنشاء ضاحيتين صناعيتين في شعفاط وفي منطقة المطار.
وأرفقت المذكرة، تقارير عدة لما أحاط القدس من مخاطر تهويد آنذاك، بينها ما نشره مجلس «الأيكونومست» في كانون الثاني 1971م، من تقرير حمل عنوان «القدس غابة مسلحة بالاسمنت» جاء فيه أنّ رئيس بلدية القدس المحتلة في اجتماع فني هندسي قرر أنّ مشروع ومخطط إسرائيل لما يسمى بالقدس الكبرى سيفقد المدينة جمالها ويحولها إلى مدينة بشعة وغير مناسبة للعيش».
وحذر المجتمعون (رغم أنهم من الاحتلال) من توسيع مدينة القدس إلى ثمانية أضعاف مساحتها، وينقل التقرير أصوات ناقدة لهذا المشروع نظراً لأنه «مستند تاريخي بيد العرب» في إشارة إلى خطورة المشروع اليهودي الهيكلي على هوية المدينة وتجاوزه للقوانين كافة.
وتقول المذكرة مخاطبة رئيس الوزراء «ألح عليكم في الطلب أن تجعلوا من هذا المشروع سلاحاً لكم بمطالبة مجلس الأمن الدولي لإيقاف عمليات البناء والتغيير الإسرائيلية»، ذلك أنّ الحفريات ازدادت في المدينة المقدسة ووصلت في أنحاء منها إلى عمق 35 متراً.
وختمت المذكرة، النابعة أهميتها من شرحها لمرامي الاحتلال باكراً بتهويد المدينة، ورصد الانتهاكات العمرانية التي تمت، في أنها تشرح دور الأردن الموصول في الدفاع عن القدس، والوقوف بوجه تماديه كقوةٍ قائمةٍ بالاحتلال بحق المدينة.
وهي في جانب آخر، تبرز علاقة الأردن الوثيقة بالقدس في المراحل التاريخية كافة، ذلك أنّ القدس هي الصلة الروحية والوجدانية للأردن وملوك بني هاشم، في وصاية تعززت أدوارها بصون المدينة وهويتها.