جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
نشرت مؤخراً صحف يومية ومواقع الكترونية نقلاً عن مستثمرين في قطاع الاسكان، أننا على مشارف أزمة اسكانية نتيجة اسباب متعددة اهمها وأحدثها الارتفاع الكبير في كلف الشحن البحري للمواد المستوردة، وان ذلك سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشقق السكنية بنسبة 20-30%، الامر الذي يستوجب تدخلاً سريعاً من الحكومة لمعالجة ذلك قبل فوات الاوان.
ان توقع "أزمة اسكانية" مقبلة يفترض عدم وجود هذه الازمة في الوقت الحاضر، وان المطلوب هو التصدي لحالة قادمة نتيجة ظروف ومتغيرات استجدت مؤخراً، واننا إذ نقر بأن المؤشرات المستقبلية المتعلقة بهذا القطاع لا تبشر بالخير، لنؤكد بأن الأزمة في هذا القطاع الحيوي موجودة بل ومستفحلة منذ سنوات، بدأت عندما ارتفعت أسعار الاراضي السكنية في المدن إلى مستويات فلكية بحيث تجاوز سعر المتر المربع الواحد من الأرض في كثير من المناطق الدخل الشهري لشريحة واسعة من الأسر، وتبع ذلك ارتفاع جوهري في كلف مواد البناء المحلية منها والمستوردة، حتى أجور العمالة في هذا القطاع وغالبيتها العظمى من العمالة الوافدة تضاعفت مرات كثيرة، وجاء انسحاب القطاع العام ممثلاً بمؤسسة الاسكان من الانتاج المباشر للوحدات السكنية ليفاقم من الازمة وليترك قطاعات واسعة من الاسر ذات الدخول المحدودة والمنخفضة تحت رحمة قوى السوق التي لا ترحم.
لقد أدى الغاء قانون بنك الاسكان وتأسيس الشركة الاردنية لتمويل الرهن العقاري قبل اكثر من عقدين من الزمن الى تحرير سوق التمويل الاسكاني وإلى تحفيز البنوك التجارية إلى دخول هذا القطاع كما أدى ظهور شركات التأجير التمويلي إلى توفير العديد من برامج التمويل الاسكانية طويلة الامد نسبياً، إلا أن هذه البرامج قد بقيت عاجزة عن الوصول إلى غالبية الأسر نتيجة الارتفاع الكبير في اسعار الشقق السكنية والتي اصبحت لا تقل في المتوسط عن (50-60) ألف دينار للشقة الواحدة، وإلى تراجع القوة الشرائية لدى غالبية الأسر، حيث بينت أحدث دراسة لنفقات ودخل الأسرة اجرتها دائرة الإحصاءات العامة أن دخول (17.1%) من الأسر تقل عن (417) دينار شهرياً وأن دخول (54.4%) من الاسر تقل عن (834) دينار شهرياً.
وبالعودة إلى ارتفاع كلف الشحن البحري وتأثير ذلك على سعر الوحدة السكنية، نقول بأن الارتفاع قد وصل إلى عدة أضعاف وهو أمر غير منطقي ولا يتوقع بالتالي أن يستمر طويلاً، مع العلم بأن كلفة المواد المستوردة في المساكن تقل عن (40%) من كلفة الإنشاء، تنخفض إلى ما دون (30%) بعد احتساب ثمن الارض، مما يحد من أثر ارتفاع كلف الشحن البحري على اسعار الشقق السكنية.
أزمة الإسكان قديمة وباقية ومستمرة وقد تتفاقم طالما بقي موضوع الاسكان يقبع في مرتبة متأخرة على سلم الأولويات للحكومات المتعاقبة، فهذا القطاع لا بواكي له وهو يتيم الأبوين فلا جهة حكومية رئيسية تتبنى همومه وتتابع مستجداته واحتياجاته، ولا خطط ولا استراتيجيات موجود لمعالجة مشاكله وهمومه، فهو قطاع استراتيجي يستحق اهتماماً يليق بأهميته الاقتصادية والاجتماعية، وما تقوم به الحكومة لا يتجاوز برامج ومشاريع ضعيفة الأثر أو مبادرات محدودة تأتي كرد فعل لمستجدات معينة أو استجابة لضغوط من هذه الجهة أو تلك، فالمسكن للمواطن في جميع الحالات لا يقل أهمية أو ضرورة عن "دجاج النتافات" مثلاً والذي تسارع الحكومة كلما ارتفعت اسعاره إلى وضع سقوف سعرية له حيناً أو فتح باب الاستيراد لزيادة المعروض منه حيناً آخر.