النسخة الكاملة

وسؤال الهوية إصلاحي

الخميس-2021-06-27 11:47 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - ابراهيم عبدالمجيد القيسي


يقولون، وأقول: فلتذهب الى الجحيم حدود سايكس- بيكو، إلا بين دول الطوق وفلسطين، لا سيما بين الأردن وفلسطين، وذلك ما دامت فلسطين في قبضة الاحتلال الصهيوني.

قد تبدو هذه القناعة قاسية على كل الاردنيين، لأنهم ملتزمون بالحق الفلسطيني، ومرتبطون عاطفيا بفلسطين وبمقدساتها، ويعتبرون الاحتلال تحديا لعزتهم وكرامتهم، وكرامة وعزة الامة، ومع تثميننا واحترامنا لهذه العلاقة الأخوية الكبيرة والارتباط الروحي بين الشعبين، إلا أنه ينبغي التأكيد هنا، بأن هذه العاطفة هي نقطة الضعف الكبيرة، التي تعرض الشعبين والبلدين للخطر، وتتحول إلى عائق يستثمره مستفيدون وتجار كثر، بنوا حياتهم ومصالحهم على أساسها.. لأنهم في الحقيقة لا يريدون لفلسطين أن تتحرر، ولو تحررت لكسدت بضاعتهم، التي نمت وترعرعت وكبرت وأصبحت تحكم وترسم وتؤخر وتقدم وتزرع الفوضى وتهدم، استثمار أسود بالجرح الفلسطيني و(الأردني).

أما كيف يستثمر هؤلاء بهذه القضية، فلا نحتاج لطول بحث، فالشواهد على انحرافهم وتطرفهم كثيرة، وثمة في التاريخ القريب أكثر من حدث وفتنة حدثت في أكثر من بلد عربي، كانت من صناعتهم كطرف ثالث غير مرئي، بينما الفلسطينيون والشعوب الأخرى يبدوان هما الطرفان المفتونان المتناكفان.. وكلما تم تسليط الضوء على هؤلاء، اكتشفنا أن الجسر الذي يسلكونه ليصلوا أعمق نقط في تخريب علاقة الشعب الفلسطيني المنكوب بالشعوب العربية الأخرى، مرعي ومدعوم من جهات أجنبية، من تلامذة سايكس - بيكو، ومن أتباع الصهيونية، باستخدام الأسماء المستعارة الجديدة، (منظمات عالمية، أو مؤسسات مجتمع مدني.. الخ السلسلة)، القصة واضحة ولا تحتاج شرحا.

كلما حقق الفلسطينيون انجازا جوهريا على الأرض، يقوم المستثمرون بالقضية بردة فعلهم، ويعيدون خلط الأوراق من جديد، وعلى ساحتنا الأردنية وعلى خلفية الحدث بل الانتصار الفلسطيني الكبير الأخير، توقعنا أن يظهر ذلك الخطاب ثانية، ليفوت وينهي أثر حقيقة الانتصار، والتوحد الأردني الفلسطيني ضد المحتل المجرم، ولا يمكننا أن نتجاهل أثر سؤال الهوية من جهة انفعالية عاطفية على هذا التوحد الحقيقي البديهي.

إن أخطر ما نواجهه في الأردن، وجودي، متعلق بالهوية، فصفقة القرن تكفي لإثبات هذا الخطر، وذلك إن لم يسعفنا التاريخ ولا الجغرافيا بكشف حجم الخطر، فنحن على قناعة تامة بأن الشرعية الدولية غير موجودة البتة حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، فالعالم يحمي دولة الاحتلال، ولا يوجد ما يمنعه أن يصادر حقوق الأردن نفسه، ليتخلص من الشعب الفلسطيني ويطمس كل حقوقه، كما يفعل ويطمسها منذ وعد بلفور.

اليوم؛ أصبحنا كأردنيين، على قناعة أكبر بأننا وبلدنا في خطر، وحين نعبر عن قلقنا من هذا الخطر، تتدخل تلك الجهات التي تحدثنا عنها في المقدمة، وتضرب في عمق العلاقة بين الشعبين، الشقيقين، وهما الوحيدان اللذان يدفعا كلفة باهظة بسبب استمرار احتلال فلسطين.

نحن أكثر شعب عربي، بعد الفلسطينيين وربما قبل كثيرين منهم، يهمنا تحرير فلسطين، وليس مرد هذا فقط قناعتنا ومبادؤنا وعلاقتنا بفلسطين وشعبها، بل أيضا لأننا أصبحنا بدورنا نعاني خطرا وجوديا، لذلك من حقنا أن نطرح سؤال الهوية الوطنية الأردنية على الطاولة في كل مرة، فهو سؤال يزعج الاحتلال المجرم الذي يبحث عن حلول على حسابنا، ويهدد استثمارات المستفيدين من بقاء الحال على ما هي عليه، وهو سؤال أردني لن تجد أحدا او جهة تدعمه وتتمسك به فعلا بعد الأردنيين، سوى الشعب الفلسطيني البطل الذي لم يفقد البوصلة، وما زال يقبض على الجمر ولا يتنازل عن وطنه، فهم يعتبرون صلابة الموقف الأردني برفضه أية حلول لقضيتهم على حساب الأردن، دعما لموقفهم وحقهم الشرعي.

نحن اليوم بتنا على قناعة تامة بأن سؤال الهوية اصلاحي «دستوري»، ويجب أن يبقى مطروحا على الطاولة.