جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. عدلي قندح
بعد أن تفاءل العالم ببدء عودة النشاط الاقتصادي لأوضاعه الطبيعية ما قبل جائحة كورونا بدأنا نصحو من الغفوة لنشاهد مجموعة من المؤشرات التي بدأت تطفو على سطح مياه الاقتصاد العالمي لعل أبرزها بدء ارتفاع مستويات التضخم الناجمة عن مجموعة من العوامل لعل من أبرزها ما يلي: أولا، ارتفاع عرض النقد على المستوى العالمي نتيجة ضخ البنوك المركزية والحكومات سيولة ضخمة من خلال برامج وحزم التحفيز التي تم تبنيها في بداية وخلال الجائحة، والتي تجاوزت أرقامها عشرات الترليونات من الدولارات على المستوى العالمي، وأدت الى ارتفاع الطل? في ظل جمود العرض نتيجة الاغلاقات. وثانيا، عودة الطلب على مختلف أنواع السلع والخدمات بعد حملات التطعيم العالمية في ظل تراجع كبير في الانتاج الناجم عن الاغلاقات التي استمرت لشهور بدأت من منتصف شهر آذار من العام الماضي. وثالثا، ارتفاع كلف الشحن نتيجة زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية والاختناقات في العرض اضافة الى بعض القيود الصحية المفروضة على الموانئ والمحطات الحدودية.
كل ذلك أثار قلقاً كبيرا عند متخذي القرار الاقتصادي على المستوى العالمي لايجاد وسائل للحد من أثار التضخم المتوقعة لما لها من تبعات سلبية كبيرة على مختلف مكونات الاقتصاد وخاصة على دخول الطبقة الفقيرة والمتوسطة وزيادة الفجوة بين شرائح المجتمع، فبرزت اشارات لاحتمالية رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم في الاقتصاد، والذي كان بأمس الحاجة لابقائها عند مستويات متدنية لحفز الطلب وزيادة النشاط الاقتصادي وبالتالي رفع معدلات النمو الاقتصادي لمستويات تستطيع معالجة الكثير من التحديات الاقتصادية التي تعاني منها قطاعات مختل?ة ومنها اسواق العمل وتراجع ايرادات الخزينة.
على المستوى المحلي، كانت معدلات التضخم مسيطر عليها عند مستويات مقبولة لفترة طويلة من الزمن، حتى أن الاقتصاد الاردني دخل في معضلة التضخم السالب في سنوات قليلة سابقة، وما تزال مستويات التضخم اقل من واحد بالمائة، لكن بدأ الحديث عن احتمالية ارتفاع معدلات التضخم منذ أسابيع قليلة نتيجة للعوامل السابقة ونتيجة ارتفاع أسعار النفط العالمية. وخصوصا أن التضخم المستورد يساهم بشكل واضح في التأثير على معدلات التضخم في الأردن. كما أن زيادة الطلب وارتفاع أسعار النفط العالمية ستضع ضغوطا على الاحتياطيات الاجنبية للبنك المركز? والتي تعتبر مستوياتها مقبولة جداً بكافة المعايير وخاصة تغطيتها لأشهر المستوردات. وقد بدأت السلطات المحلية في البحث عن مجموعة من الوسائل للتخفيف من التوقعات التضخمية.
أما معدلات البطالة فكانت على ارتفاع متواصل قبل الجائحة وازدادت حدتها نتيجة الاغلاقات التي حصلت أثناء الجائحة، والتساؤل الذي يطرح ما هو العمل اتجاه ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت ربع القوى العاملة في المملكة، وخصوصا اذا ما اتجهت النية لرفع أسعار الفائدة التي ستكبح النمو الاقتصادي الذي كان معولا عليه لخلق فرص عمل لمن فقدوا أعمالهم وللداخلين الجدد الى سوق العمل؟ ونحن نعلم أن مشاكل سوق العمل هيكلية في الاردن. والسؤال الذي يطرح كم نحتاج من الوقت، وما هي السبل والسياسات التي نحتاجها لاستعادة معدلات النمو الاق?صادي لمستويات تستطيع فتح فرص عمل جديدة واستيعات حجم الطلب على العمالة وفي أي القطاعات؟
لا شك ان هذين الشبحين يضعان موضوع تضارب السياسات على الطاولة بجدية وخصوصا أن السياسة المالية أيضا مستفيدة من موضوع عودة النشاط الاقتصادي لما له من أثار ايجابية على ايرادات الخزينة وتخفيف فاتورة الدعم والانفاق الكبير الذي صاحب الجائحة.