النسخة الكاملة

جنون الأسعار

الخميس-2021-06-23 09:13 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - أحمد حمد الحسبان
مثلما كان الأجداد يطلقون تسمياتهم على السنوات وفقاً لأحداث جسام تمر بهم، من بينها «سنة الثلجة»، و"سنة المحل»، بات في حكم المؤكد أن يطلق على هذه الفترة «سنة الكورونا». لكن مفهومها سيكون أكثر بشاعة من أية احداث مرت على المنطقة والعالم.

سنة الكورونا» والتي امتدت أكثر من عام، وما زالت تأثيراتها السلبية في تصاعد متواصل، لم تكن فترة وباء صحي فقط، بل مرحلة أوبئة، من بينها الوباء الاقتصادي، بدءاً من زيادة مستوى التعطل عن العمل، وليس انتهاء بالارتفاعات الكبرى وغير المحتملة للأسعار.

ومما يزيد من حدة هذا التوصيف، تركيز الجهود الحكومية على محاربة الوباء صحياً، وتقديم معالجات جزئية للموضوع الاقتصادي لامست حالة الصمت فيما يخص ارتفاع الأسعار.

محلياً، تشير بعض التقارير، ومنها تقرير للجمعية الوطنية لحماية المستهلك، إلى ارتفاع أسعار الزيوت النباتية ما بين 40 ـ 70 بالمائة. والسكر بنسبة 12 بالمائة، والأرز بنسبة 8 بالمائة، وأصناف أخرى عديدة بنسبة وصلت إلى مائة بالمائة. وهناك تقارير تؤكد أن نسبة الارتفاع في تصاعد مستمر عقب إجراء تلك الدراسة.

وهناك تقرير لغرفة التجارة يؤكد ارتفاع أسعار الكهربائيات والإلكترونيات بنسبة 150 بالمائة.

وبينما رد بعض أركان القطاع التجاري الارتفاع إلى إجراءات خارجية أدت إلى رفع أجور النقل البحري بنسبة زادت عن ألف بالمائة، يرى محللون أن العملية مشتركة، وأن أطرافا عديدة تتحمل مسؤوليات ما حدث.

ويدللون على ذلك بارتفاع أسعار سلع محلية دون أي مبرر. ومنها ـ أردنياً ـ أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، حيث تعمد مربو الدواجن رفع أسعارهم بنسبة ما بين 50 ـ 70 بالمائة. وارتفعت أسعار اللحوم البلدية الحمراء بأكثر من 20 بالمائة، والمستوردة بنفس النسبة. وقبل ذلك بعام أو أكثر ارتفعت أسعار الألبان ومشتقات الحليب بنسبة تصل إلى عشرين بالمائة.

ومع أن مواد البناء من الصناعة المحلية إلا أنها ارتفعت بنسب كبيرة، حيث ارتفع الإسمنت من 40 دينارا إلى 85 دينارا للطن. وارتفع الحديد بنسبة تصل إلى خمسين بالمائة. وسط معلومات تؤشر على لجوء مصانع الحديد والإسمنت إلى التنسيق فيما بينها لرفع وتوحيد الأسعار. ومثل ذلك تعمد مربو الدواجن الذين أنهوا حالة التنافس واتفقوا على أسعار موحدة ومرتفعة.

في الأثناء، اكتفت الحكومة بتعديل آلية احتساب الرسوم الضريبية والجمركية على المواد المستوردة، وفقا لأجور الشحن الجديدة، وذلك باعتماد أجور شحن ثابتة لتلك الغاية. وهي الخطوة التي يراها البعض غير كافية لضبط الأسعار، والحد من انفلاتها.

أما الخطوة المهمة التي اتخذت والتي يفترض أن تحد من حالة الاحتكار في قطاعي الألبان والدواجن، فقد تمثلت بقرارات جريئة أصدرتها وزارة الزراعة، وتتمثل بمنح تصاريح لاستيراد كميات من الأبقار تغطي الطلب المتزايد على مشتقات الحليب. وكذلك السماح باستيراد الدجاج المجمد لزيادة العرض وكسر احتكار بعض المربين الذين تمسكوا برفع الأسعار. وهي إجراءات مهمة، لكنها ليست كافية. وتبقى الحاجة ماسة لإجراءات جديدة تعين المستهلك على مواجهة الارتفاعات التي تفوق طاقته؟

وتبقى الكرة في مرمى الحكومة.