جفرا نيوز -
جفرا نيوز - سمر حدادين
تمكين المرأة وتعزيز دورها في الحياة السياسية يعد جوهراً أساسياً لتطوير وتحديث المنظومة السياسية، فبقاء النساء بالصفوف الخلفية وعلى حواف الحياة السياسية لم يعد مقبولاً، فأي تطوير أو تحديث يبقى منقوصاً أن غابت عنه المرأة.
حسناً فعلت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بأنها شكلت لجنة فرعية للمرأة، لكن حتى تتمكن اللجنة من إنجاز مهمتها كما ينبغي عليها بداية أن تضع يدها على بواطن الضعف وأن تحدد مكانة المرأة في المشهد السياسي، وأن تجيب على السؤال التالي، هل نريدها مجرد تجميل للحالة السياسية دون أن يكون لها دور فاعل داخل أروقة البرلمان والاحزاب، وأن تكون حبيسة الكوتا والتمثيل الشكلي الذي لا يتجاوز بأفضل حالته ٢٠% أو ٢٥% كما هو الحال في البلديات، أم أننا نريدها شريكة حقيقية فاعلة كما هي في العمل العام ومنظومة العمل الاجتماعي ?التطوعي؟
قد يقول قائل إن المعترك السياسي لا يشبه ميدان العمل الاجتماعي، وهذا الكلام صحيح لو أن النساء الفاعلات في المجال التطوعي لم يشتبكن مع القضايا السياسية والحقوقية ولم يدفعن بكل جهودهن نحو إحداث تغييرات نوعية في عدة قوانين منها ما هو ناظم للحياة السياسية، علاوة على أنهن يقدن الحراك التوعوي والتدريبي للنساء والفتيات في مجال الانتخابات وما يخص المنظومة التشريعية ذات المساس بحقوق المرأة.
ورغم أهمية وجود الكوتا النسائية في قوانين الانتخاب والإدارة المحلية والبلديات، إلا أنه لا يعقل، بقاء الكوتا بنفس الصيغة بقانون الانتخاب منذ أن تم استحداثها عام ٢٠٠٣ لأول مرة ولغاية الآن مع تغيرات طفيفة تتعلق بزيادة عدد المقاعد، إذ أصبحت مقعداً لكل محافظة إلى جانب دوائر البدو الثلاثة.
الكوتا بشكلها الحالي عبارة عن تنافس (الخاسرات) على مقاعد الكوتا، وهذا لا يعطي قوة لنائبة داخل المجلس النيابي، فهي وصلت عبر إخفاقها بالانتخابات ولم تتمكن من تحقيق الفوز الذي يمكنها للوصول إلى البرلمان.
لهذا ينبغي وضع تصور جديد لطريقة دخول المرأة إلى البرلمان، وهناك تجارب دول يمكن الاستفادة منها، كأن يكون للمرأة مقعد بكل دائرة انتخابية، أو تعطى نسبة ٣٠% من مقاعد مجلس النواب، وبكلا الحالتين يصبح الفوز بهذه المقاعد عبر التنافس بين المرشحات، فادعاء أن القانون الحالي يعطي المرأة فرصتين للفوز بمقعد نيابي عبر الكوتا والتنافس، لم يعد ينطلي على أحد، وفي حالة تضمن القانون مقاعد للقائمة الوطنية أو الحزبية، يفترض أن يشترط القانون ترتيب المرأة داخل هذه القوائم، متناسباً ترتيبها مع عتبة الحسم إن وجدت.
نجاح تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية يترافق مع تطوير لقانون أحزاب يعطي للمرأة مكانتها في الهياكل العليا للحزب بصورة فعلية وليس من أجل الحصول على التمويل، فغالبية أحزابنا لا تؤمن بدور المرأة السياسي، رغم أدبيات كل حزب المليئة بعبارات مساندة لتمكين السياسي، وإنما أعني الممارسة، فلا نرى نساء في المقدمة ولا نرى هذه الأحزاب تقود حراكاً لنصرة قضايا المرأة، خصوصاً في حالات المواجهة التشريعية بين مناصري المرأة وغرفتي التشريع.
ولن أكرر الأصوات التي تقول إن التمكين الاقتصادي يساعد المرأة في التمكين السياسي، إن هذا الأمر بات معروفاً، ولكن وجود ضوابط على الحملات الانتخابية وعلى المال السياسي سيكون عاملاً مساعداً للمرأة لتتنافس بعدالة مع الرجل.