جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. كميل موسى فرام
يقود جلالة الملك حراكاً سياسياً نشطاً على المستويين المحلي والدولي؛ فهناك ضرورة وقناعة بمراجعة ملفات العمل السياسي الداخلية لتناسب ظروف المئوية الجديدة، بانطلاقة تأخذ بعين الاعتبار المستجدات السياسية والمطالب الشعبية، وبذات الوقت هناك حراك دبلوماسي لضبط ايقاع الدبلوماسية الأردنية بما يناسب دورها الأساسي في القضايا الإقليمية والدولية، وسط تحديات تهدد الاستقرار، خصوصا بمحاولات البعض فرض سياسة الأمر الواقع لظروف مرحلية، لا تقدم ضمانة للاستقرار المستقبلي.
المتابعة الحثيثة لجلالة الملك لمتغيرات الملف الداخلي، جعلت حضوره ومناقشة بنود هذا الملف ضمن مرحلة العصف الفكري لبلورة جدول بنود الأعمال الذي سيناقش هذه المتطلبات بأبعادها تمهيدا لإقرارها وتنفيذها على أمر الواقع، فهناك توجيهات ملكية للسلطات الحاكمة بمختلف مسمياتها للاستماع للمطالب الشعبية على لسان أصحابها بمختلف المستويات الاجتماعية، بهدف تسجيل ملاحظات لأجندة الحوار التي يجب أن تشكل الأساس للتغيير المطلوب وتُشعر المواطن باهتمام متجدد، يساعد على ترسيخ عنصر الانتماء الذي هو اللبنة الأساسية بالبناء والاستقرار. فالرغبة الملكية المعلنة بأكثر من مناسبة للسلطة التنفيذية للبدء بتمهيد الأساس للتغيير، يرافقها دعوة للسلطة التشريعية لممارسة دورها الشعبي والوطني، مذكرا بوجود تحفظات شعبية على أداء السلطتين، ولكن بضرورة المحافظة على هيبة كل منهما، واقع، يفرض ممارسة جهود مضاعفة لإقناع الناس بالمشاركة والحوار، شريطة تغيير حقيقي وجذري بالوجوه التقليدية الممثلة، والتي كانت اللاعب الأساسي بالفترة الماضية، فنحن نطالب بالتحديث والتجديد الذي يشمل الأشخاص أيضاً، فدرجة الاحباط تحتاج لعلاج سحري يولد من رحم التجربة والنتيجة، وربما الاستقراء الملكي لمستقبل الأردن والتغيرات المطلوبة بدعواته المتكررة للمناقشة والإقرار، تمهيدا للبدء بالتنفيذ، قد أخذت بعين الاعتبار هذه الجزئية المهمة، لتأخذ مكانتها الصحيحة والمستحقة بتنظيم العمل السياسي بعد مراجعة لكافة الملفات الفرعية بهدف بناء الأردن القوي المستقر، بديمومة وثبات.
أضاف اللقاء الملكي بحضور سمو ولي العهد بلجنة تطوير الحياة السياسية المكلَّفة معيارا آخر، يؤسس للتطوير المنشود الذي نطمح به لإعادة برمجة الحياة السياسية الأردنية ضمن متطلبات الحداثة التي فرضتها ظروف الواقع، فقد تضمن كتاب التكليف تذكيراً واضحاً بالبداية الصحيحة لاعتماد الأوراق النقاشية التي تشكل الحد الأدنى للبنية القوية، على اعتبارها امتداداً للمئوية الأولى عبر تاريخ المسيرة للمملكة الحديثة، والتأكيد على أبجديات تأسيسية: أولاها، توازي المسار السياسي مع المسار الاقتصادي والإداري، مفتاح حلول لجميع المعيقات الحياتية، وثانيتها، مشاركة القطاع الخاص لتحقيق التعافي المنشود وتحريك عجلة الاقتصاد، لمقاصة نثر نسائم الاطمئنان لهواجس تسكن داخلنا، فهناك تفاؤل بدرجة الحذر لاجتهادات أو إعادة نسخ تجارب سابقة بدرجات متواضعة.
اللقاءات الملكية المتكررة مع نخبة من أبناء الوطن، سواء في قصر الحسينية أو بالمناطق لاعتبارات، هي شكل آخر من أشكال الاهتمام الملكي بهذا الملف، حيث يشرح للحضور ويستمع لملاحظاتهم ويدونها، تمهيدا لصياغتها للمناقشة بهدف استخلاص الأفكار التي تساعد على ترجمة الطموح، فالبناء يحتاج لتعاون الجميع بالمناقشة والترجمة، بهدف تعميم الفائدة التي تنعكس على مختلف الطبقات الاجتماعية، فملف الحياة السياسية هو ملف سيادي مكمل للملفات الحياتية الأخرى ببناء الدولة، وبالتالي يجب أن يشتمل على ارتباط وتشابك واضح مع الملفات الأخرى؛ ملفات التعليم والصحة والأمن الغذائي والبطالة والخدمات وغيرها.
النقطة الأساس التي يجب أن تأخذ حيزا مهما بالمناقشة والتحليل وتمثل مطلبا ملكيا وحكوميا وشعبيا، تتمثل بدور العمل الحزبي والأحزاب في الواقع الحقيقي، فهناك ازدحام مقلق للأحزاب على ساحة العمل السياسي الأردني بدون أي فائدة، وما نشاهده اليوم لا يمثل أبجديات أو بديهيات العمل الحزبي بسبب الفوضى والمفهوم الذي ينعكس ويمثل الأداء، فهناك أحزاب احتصلت على التراخيص ضمن الحد الأدنى من الأعضاء لأسباب نجهلها لانعدام وجودها أو المساهمة بقناعة السيطرة كداء اجتماعي، ففي جميع دول العالم يكون عدد الأحزاب التي تمارس العمل السياسي ضمن مستوى الاستيعاب والحفظ، تختلف عن بعضها بدرجة الاجتهاد للتطبيق، ولكن المصلحة الوطنية هي العنوان والشعار.
نتمنى أن تبدأ نقاط التغيير بالواقع السياسي ببداية موفقة ورسالة جلالة الملك لاعتبار أوراق النقاش الملكية كمصدر الانطلاق والبناء، وأمنياتنا تتقاطع أن تكون مخرجات اللجنة ترجمة لتوجيهات القائد.. وللحديث بقية.