النسخة الكاملة

هل يشكل استصلاح الأراضي أولوية على أجندة الحكومة؟

الخميس-2021-06-17 10:08 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- باتت مسألة تحويل الأراضي المتدهورة الى مستصلحة، أمراً في غاية الأهمية، من أجل رفع قدرة الدولة على الصمود اقتصاديا، وخلق الوظائف، وتحقيق الأمن الغذائي، والحد من نسب الكربون في الهواء المسبب في احترار الأرض.

هذه التأكيدات الأممية، التي انطلقت بالتزامن مع احتفال الأردن والعالم باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف اليوم، رافقتها انتقادات لخبراء بيئيين محليين للحكومة "لأنها ورغم إطلاقها للعديد من المشاريع والخطط في مجال الحد من مكافحة التصحر، إلا أنها غير جادة في تنفيذها، باعتبارها لا تشكل أولوية على أجنداتها”.

وانتقد أمين سر الجمعية الأردنية لمكافحة التصحر وتنمية البادية إسلام المغايرة "عدم جدية الحكومة في تنفيذ المشروعات، والبرامج التي وضعتها للحد من التصحر ومكافحته في المملكة، لوجود أولويات على أجندتها لا علاقة لها بهذا الشأن”.
وأضاف لـ "الغد” إن "وزارتي الزراعة والبيئة هما أصحاب السلطة، والقرار، ويمتلكون الإمكانيات، والكوادر لتنفيذ هذه المشاريع والخطط، لكن تغيير الوزراء الدائم يٌسهم في توقفها، وعدم وجود أية تطورات على صعيدها”.

وهذا من وجهة نظره "يؤدي الى ارتفاع نسب الخسارة في مساحة الأراضي الزراعية في المملكة، في ظل ما تشهده من اعتداء نتيجة زحف المشاريع الاقتصادية المختلفة، وعلى رأسها فتح الطرق”.

وأعرب عن "أسفه من محدودية المشاريع في هذا المجال، رغم أن ثمة ضرورة ملحة لإطلاق مبادرات للحد من التصحر، في ظل الخطط الموضوعة من وزارة الزراعة، وتدني معدلات النجاح في تحقيقها”.

وبين أن "المتابعة للمشاريع يكاد يكون شبه معدوم، مثل مشروع التحريج الوطني الذي أطلق سابقاً، ولم يتم التواصل معنا بشأنه لغاية هذه اللحظة، وبعد توقيع الاتفاقية”.

وكانت وزارة البيئة أطلقت في 16 تموز (يوليو) الحالي، مشروع التحريج الوطني، لزراعة الاشجار الحرجية، وتوزيعها على مساحات جغرافية مؤهلة لزيادة الغطاء النباتي، وإنشاء غابات جديدة، وتشجير جوانب الطرق.

ويهدف المشروع الى المساهمة في الوفاء بالالتزامات الدولية المترتبة على الاردن، خاصة تلك المتعلقة بخفض نسب انبعاثات الكربون، ومكافحة التصحر، وحماية عناصر التنوع الحيوي، والحفاظ على التنوع الحيوي، وتدعيم الانظمة البيئية.

بيد أن مدير مديرية حماية الطبيعة في وزارة البيئة المهندس بلال قطيشات أكد أن "الأردن تمكن وعبر تحييد الأراضي من التدهور من إعداد التقارير اللازمة بهذا المجال، وتحديد أهداف العمل المطلوبة، مع السعي نحو الحصول على التمويل اللازم لتحقيقها”.

وأضاف، ان "العمل جار حالياً بالتعاون مع وزارة الزراعة لإطلاق تطبيق الكتروني حول التصحر، والاستخدامات المائية في المزروعات”.

وتقوم الوزارة في الوقت الحالي، وفقه "بتنفيذ مشروع إقليمي مع دولة مصر يختص بالأنظمة البيئية السليمة للمراعي، والذي تم تمديده لثمانية أشهر أخرى ابتداءً من عام 2020”.

ويهدف المشروع الى استدامة مناطق زراعية، وربطها بمفاهيم التنوع الحيوي، من خلال شركاء وطنيين وإقليميين.
وبين قطيشات أن "برنامج تأهيل البادية يعمل على تعزيز المراعي والأراضي، واستدامتها، فيما هنالك توجه لرفع نسبة المراقبة والحوكمة لنطاق المراعي، وبالتعاون مع الشركاء”.

وبهذا الصدد يؤكد قطيشات انه "تمت الموافقة على استحداث قسم داخل وزارة البيئة يختص بأنظمة المعلومات الجغرافية، ستعمل كوادره على جمع البيانات لتفعيل مفهوم الخارطة البيئية”، مشددا على أن "مكافحة التصحر لا يمكن أن تتولاه جهة واحدة، بل لا بد من تضافر كافة الجهود من الجهات المختلفة الرسمية وغير الرسمية، لتعزيز الاستدامة والعمل بهذا المجال”.
ويعرف التصحر بأنه "تعرض الأرض للتدهور في المناطق القاحلة، وشبه القاحلة، والجافة شبه الرطبة، ما يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية، والتنوع الحيوي بها، ويؤدي ذلك إلى فقدان التربة الفوقية وتدني قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي، ودعم الحياة الحيوانية والبشرية”.

وحول دور وزارة الزراعة في مكافحة التصحر أكد مساعد الأمين العام للحراج والمراعي رائد العدوان أن "الوزارة تنفذ جملة من المشاريع لمكافحة التصحر والحفاظ على الثروة الحرجية سواء الطبيعية أم الصناعية، وزيادة رقعتها في المملكة”.
ومن بين تلك المشاريع، بحسبه "زراعة نحو 3 آلاف دونم في محافظات الوسط والشمال والجنوب، وبتمويل من صندوق حماية البيئة، الى جانب إعادة زارعة الشجيرات الرعوية، في مناطق البادية، وبالتعاون مع الصندوق الهاشمي، ومشروع التعويضات البيئية”.

ولفت، الى أنه "تم مؤخراً افتتاح مشتلين أحدهما في منطقة الخالدية، والآخر في الأزرق، لإنتاج الرعويات الملائمة للمناطق المنوي زراعتها، كما يجري العمل على إنشاء اثنين آخرين في كل من الجيزة ومعان، فضلاً عن المضي قدماً في مشروع الطريق الصحراوي البيئي والتجميلي القائم حالياً”.

وأضاف، إن "الوزارة استحدثت مؤخراً قسما لتحريج المناطق الصحراوية يغطي مناطق الجيزة ومعان، سيتم من خلاله استغلال المياه العادمة، لزراعة ما يقارب 200 متر على الطريق الطولي لهذه الأماكن”.
وهنالك 14 مشتلا تم إنشاؤها تعنى بتجهيز الأشتال للموسم القادم، وبزيادة ارتفعت من 3 ملايين شتلة الى خمسة ملايين، مع توفير أشجار مدورة ستزود بها الجهات المعنية، من أجل زراعتها.

وحول مشروع زراعة العشرة ملايين شجرة الذي تم إطلاقه من قبل وزارة البيئة في تموز (يوليو) الماضي أوضح العدوان أنه "تم توقيع اتفاقيات مع 100 جمعية، وننتظر الموسم القادم للبدء في التنفيذ، بعد أن تسببت جائحة كورونا في تعطيل المشروع”.
وحذر العدوان من "عدم التزام الجمعيات بالاتفاق المبرم معها من أجل تنفيذ الخطط والبرامج التي تم وضعها بشأن زراعة الأشجار، والحفاظ على ديمومتها، كونه سيدفعنا الى الغاء الاتفاقية معها”.

ولا يوجد في الأردن منطقة صحراوية تنعدم فيها الحياة، ولكن هناك مناطق بادية تتسع رقعتها في المملكة، وتشهد معدلا منخفضا من الأمطار أقل من 200 ملمتر سنوياً، في وقت تبلغ فيه مساحة المحميات الرعوية 770 الف دونم، يتم العمل على إعادة تأهيلها، بالتعاون مع الجهات المعنية كافة، بحسب العدوان.

وبين أن "مساحة الغابات تتراوح بين 950 ألفا الى مليون دونم من الأشجار الطبيعية، تتراوح أعمارها فوق 100 عام منها أشجار الملول، والسنديان، والقيقب، أما أشجار الصنوبريات، والسرو العامودي، فإن سياساتنا ترتكز على الحفاظ على هذا الإرث خصوصاً في مناطق الوسط والشمال”.

ورغم وجود هذه المحاولات المتعددة من وزارة الزراعة والبيئة، إلا أن الممارسات البشرية، وزحف الاستثمارات للمناطق البادية، ساهم في زيادة رقعة التصحر، بحسب ما يرى مدير برنامج بحوث البادية في المركز الوطني للبحث والتطوير التابع للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا نورس الجازي.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، وفق الجازي، بل إن "انتشار المقالع والمحاجر في مناطق البادية، ودخول الأليات الثقيلة معها، تسببت بموت النباتات وإثارة الأغبرة، التي تراكمت على الشجيرات الصغيرة تسبب باندثارها، أو عدم نموها مجدداً”.

ولفت الى أن "سنوات الجفاف التي شهدتها المملكة في فترة من الفترات أثرت بشكل كبير على الغطاء النباتي، بالإضافة الى دخول نحو مليون ونصف من رؤوس الأغنام من العراق، خلال تسعينيات القرن الماضي عند نشوب الحرب العراقية كما أن الانتشار الكبير للمزارع الاستثمارية في مناطق البادية لا يتوافق مع الحفاظ على البيئة، بل يسهم في استنزاف الموارد الطبيعية من مياه وغيرها”.

وأشار الى أن "عقلية إدارة المراعي سابقاً ونتيجة الظروف الجديدة تغيرت، كما أن التغير المناخي له تداعيات كبيرة على زيادة رقعة التصحر”.

وأكد أن "مخرجات وتوصيات ورش العمل والمؤتمرات والندوات التي تعقدها الجهات المعنية لا يتم الأخذ فيها رغم الأهمية البالغة لها”.

ومن أجل الحد من التصحر في المملكة دعا الجازي الى "تضافر كافة الجهود الرسمية الممثلة بمختلف الوزارات ومؤسسات المجتمع المدني، والمجتمعات المحلية، للعمل بشكل تكاملي وليس تنافسيا”.

الغد