النسخة الكاملة

بوتين - بايدن: مَن يَرسم للآخر.. «خطوطه الحمراء»؟

الخميس-2021-06-16 09:17 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد خروب
على وقع سيل من التصريحات متفاوتة الحدة والضرب تحت الحزام, والمحمولة على مُجاملات بروتوكولية...تلتئم اليوم القمة الأكثر أهمية في نتائجها, وربما الأكثر حسماً التي ستحدّد مستقبل العلاقات الروسية/الأميركية في السنوات الأربع المقبلة, بما هي فترة بايدن الرئاسية الأولى والتي يرجّح خبراء أنه لن يُكملها لأسباب صحية (وِفقهم), نظراً لتراجع ذاكرته وقدرته على مواصلة الحديث في الموضوع الذي بدأه, والتي عكستها زلات لسانه المتعدّدة.

قمة جنييف التي طال الغموض حول إمكانية عقدها, خاصة بعد وصف بايدن بوتين بذلك الوصف الذي لم يعتذر عنه, وخرج وزير خارجيته بيلنكن ليُدرجه في خانة «البراغماتية السياسية», مفسّراً إياه على نحو غير مقنع, عندما ربطه برؤية بايدن لـ«روسيا» إذ قال: يحتاج الرئيس الى «مُحاسبة» موسكو على أي أعمال «عدائية» تقوم بها, ومن ناحية أخرى – أضاف– يظلّ منفتحاً على التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

صحيح أن بوتين ردّ بذكاء على نعت بايدن له، بل أبدى عدم إهتمام كامل به عندما قال لمحطة NBC الأميركية:«هذا الموضوع لا يُشغله أبداً, كونه سمع الكثير من أوصاف كهذه، إلاّ أن السؤال يبقى ما الذي ستخرج به هذه القمة؟, وسط هجمة أميركية/أطلسية شرسة تتعرض لها روسيا ورئيسها, خاصة عمل الأطلسي الدؤوب بتحريض ودعم أميركيين, لإطباق الحصار عليها وبالذات «إحتضان» أوكرانيا ودفعها خاصّة رئيسها الطارئ على السياسة, الى عالم ما بعد الحرب الباردة ونجاح المخابرات الأميركية في إيصال الأحزاب الفاشية/النازية الأوكرانية الى السلطة, بعد ?نقلاب دُبّر بليل ضد الرئيس المنتخب يانوكوفيتش. وخصوصاً استغلال واشنطن/والأطلسي عودة القِرم الى حضن الدولة الأم, لتمهيد الطريق أمام كييف للإنضمام لحلف الأطلسي, ما يمنح الناتو هيمنة على الساحل الغربي للبحر بعد انضمام رومانيا وبلغاريا الى ذلك الحلف الإمبريالي.

ملفات عديدة..متفجرة وخلافية مطروحة على جدول أعمال قمة بايدن/بوتين, التي سينضم اليها وزيرا خارجية البلدين...لافروف/بلينكن, خاصّة ان لقاءهما الأخير تميّز بهدوء النبرة والتصريحات الحذرة التي أطلقها كل منهما، لكن التوتّر بين موسكو وواشنطن بقي على حاله, رغم ما حاوله بوتين وبايدن (كل على حدة/ الإيحاء به عشية القمة, عندما أشاد بوتين بخبرة نظيره السياسية على عكس سلفه ترمب, قائلاً: الرئيس بايدن يختلف بالطبع بشكل جذري عن ترامب لأنه «محترف وعمل طيلة حياته الواعية في السياسة», فيما لم يتردّد بايدن في وصف بوتين بـ«الشخ? الذكي والقوي والخصم «الشريف» الجدير بالإهتمام».

وإذ لم ُتعرف بعد المدّة التي ستستغرقها القمة، فإن التكهّن بالموضوعات الرئيسية التي ستناقِشها، ليس مغامرة خاصّة في شأن القرم ودونباس, وسعي الناتو/وواشنطن لضم أوكرانيا للحلف، وهي مسألة رآها بوتين خطيرة لافتاً في تصريحات مدوّية «أن موسكو تأخذها على محمل الجد», إضافة بالطبع إلى مسألة نشر الصواريخ الأميركية قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا (رشح أن توافقا أوروبياً تم بعدم نشر هذه المنظومات النووية), ناهيك عن مسألة الهجمات السيبرانية التي تتهم واشنطن موسكو بالضلوع فيها, ومسألة العقوبات الأميركية على روسيا وخاصّة مع ?رب اكتمال من خط أنابيب الغاز/نوردستريم2. خصوصاً وهذا هو الأهم في نظر واشنطن/الاتحاد الأوروبي سعيهما للحؤول دون وصول «العلاقات» الروسية/الصينية إلى مرحلة التحالف/العسكري تحديداً, ما بالك الاقتصادي وهو أمر لفت إليه بوتين بطريقة ذكية عندما قال عبر NBC الأميركية عشية توجّهه إلى جنييف: أن الغرب يحاول هدم الشراكة الاستراتيجية القائمة بين روسيا والصين, كونها شراكة غير مسبوقة... ذات مستوى عالٍ من الثقة والتعاون», في إشارة ورسائل تستبطن إغاظة واشنطن ودفعها لقراءة أعمق وأبعد أثراً من السياسات الكيدية الخبيثة التي اتبعها أوباما, عندما أبدى إزدراء غير مسبوق لروسيا وقيادتها بقوله أنها «محطة وقود تُزوِّد العالم بالبترول وتصدّر الأسلحة", وهي دولة في العالم الثالث. وثبت كم كان مخطئاً في قراءته لموازين القوى, وعدم إدراكه أن واشنطن فقدت دوراً/مكانة حاولت فرضهما على ع?لم متعدّد الأقطاب في طور..التشكّل.

في السطر الأخير...ليس أقل دلالة على تخوّف «فريق بايدن» من زلاّت لسان رئيسه وفقدان التركيز, هو رفض واشنطن عقد مؤتمر صحافي «ثنائي/ مباشر» بين الرئيسين, وليس فقط لأن بوتين «تغلّب» على «ترمب» في مؤتمر صحفي مشترك.. سابِق. ما يعني أن بايدن فشل في رسم خط أحمر.. لبوتين.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير